كتابات | آراء

أي استقلال نحتفل به في ظل عودة الاحتلال

أي استقلال نحتفل به في ظل عودة الاحتلال

ونحن نستذكر يوم الاستقلال الوطني الـ30 من نوفمبر والذي سيحيي الشعب اليمني ذكراه السابعة والخمسين يوم السبت القادم الموافق 30 نوفمبر 2024م

حيث بفضله تم توحيد اكثر من عشرين سلطنة ومشيخة لتشكل دولة واحدة تحت علم واحد على طريق توحيد الأرض اليمنية الطبيعية وطرد الاستعمار البريطاني الذي ظل جاثما على المحافظات الجنوبية ما يقارب مائة وثلاثون عاما وكان لسواعد الرجال الذين انطلقوا من جبال ردفان اليد الطولى في دحره معلنين ثورة 14أكتوبر عام 1963م التي شكلت لها ثورة 26سبتمبر في صنعاء خلفية نضالية فساعدت على انتصارها وتحقيق الاستقلال وكان الأمل كبيرا بأن تتحقق وحدة الأرض والإنسان اليمني عقب خروج آخر جندي بريطاني من عدن، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن فقد تم اعلان دولة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية يوم 30نوفمبر عام 1967م فكرست التشطير بين أبناء اليمن الواحد لأكثر من عقدين من الزمن وقد مر رفاق النضال خلال هذه الفترة التشطيرية بأوضاع صعبة حيث كان يتم التقاتل فيما بينهم لتصفية بعضهم البعض وذهب ضحية هذا التقاتل مناضلون عظماء لو كتب لهم البقاء لما سمحوا بعودة الاحتلال إلى المحافظات الجنوبية والشرقية من جديد على أيدي من كانوا يصفونهم بالرجعيين والامبرياليين وشكلوا مقاومة وطنية ضدهم بهدف إسقاط أنظمتهم.
قد لا يصدق الجيل الجديد بأن مشيخة أو ما يسمى بدويلة الامارات العربية المتحدة التي تشارك اليوم في احتلال المحافظات الجنوبية والشرقية وتحتضن القادة الذين طالما رفضوا الاعتراف بها كدولة وهم في سدة الحكم بل كانوا يمثلون الدولة الوحيدة في العالم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية آنذاك الرافضة لانضمام الامارات العربية المتحدة إلى الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة احتقارا وتصغيرا لها لأن بريطانيا هي من أنشأتها عام 1971م وأطلقت عليها هذا الاسم بعد أن كانت تسمى إمارات ساحل عمان كونها تاريخيا جزءا من سلطنة عمان وكان سلطان عمان يشكل مرجعية لشيوخها، وتشاء الأقدار أن يأتي النفط ويغير حياة هؤلاء البدو تحت الحماية البريطانية فأصبحوا يتحكمون بما يمتلكونه من أموال في ضعفاء النفوس من الحكام والقادة العرب وهم في الحقيقة لا يمتلكون حتى قدرة الدفاع عن أنفسهم ووصل التنافس بينهم وبين السعودية شريكة الامارات في احتلال المحافظات الجنوبية والشرقية اليمنية إلى حد احكام السيطرة ليس على دول مجلس التعاون الخليجي فحسب وإنما استطاعوا بأموالهم أن يخضعوا حتى مصر اكبر دولة عربية لإرادتهم ويجعلوا منها تابعة لهم بعد أن كانت متبوعة وكان لها الكلمة الفصل في الوطن العربي عندما كان يحكمها رجال أحرار مؤمنون أشد الإيمان بقوميتهم العربية والدفاع عنها وعن قضاياها.
ولأن الجيل الجديد قد لا يعرف الكثير عما مر به اليمن من أوضاع صعبة خلال العقود الماضية لا تزال انعكاساتها السلبية حاضرة إلى اليوم وهي من حالت دون بناء الدولة الوطنية الحديثة بسبب من تبنوا المزايدة بالشعارات التقدمية في الشطر الجنوبي وممن ارتموا في احضان السعودية وأمريكا ممن كانوا يحكمون في الشطر الشمالي سابقا فضاعت الدولة وضاع الوطن بين هؤلاء وأولئك ليصبح الشعب في الشطرين هو الضحية، وعندما لاحت بارقة أمل لحظة التحام الشطرين في دولة واحدة يوم 22مايو 1990م تم تسميتها الجمهورية اليمنية عول اليمنيون عليها لتكون نهاية لكل الأحزان والاحباطات إلا أن فرحتهم لم يكتب لها الاستمرار فالحكام الذين كانوا يتصارعون في العهد التشطيري وتسببوا في إضعاف اليمن هم أنفسهم من نقلوا خلافاتهم وصراعاتهم إلى الدولة الموحدة الجديدة وكل فريق منهما كان يتربص بالآخر وقد خرجت خلافاتهم إلى العلن منذ الشهر الأول لقيام الجمهورية اليمنية وازداد الشرخ بينهما اتساعا وتباعدا إلى درجة أن عجزت الوساطات الداخلية والخارجية التقريب بينهما فحدث ما لم يكن يحمد عقباه حيث انفجرت حرب ما عرف بصيف عام 1994م لتقضي على كل أمل كان قائما للمحافظة على الوحدة الوطنية وسلميتها وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية فذهب من كانوا يزايدون بالشعارات التقدمية إلى أحضان الرجعية والاستعمار فيما من كانوا متحالفين معهما رهنوا لهما القرار السياسي اليمني بالكامل وتحولوا إلى دمى في أيديهما يحركونهم كيفما يشاءون ونتيجة لهذا الوضع المعقد تكاثرت هجرة أبناء الشعب اليمني إلى الخارج بحثا عن لقمة العيش وتوحدت كلمة المتصارعين من القادة رغم اختلافهم سياسيا وأيديولوجيا تحت راية أعداء اليمن مؤيدين عدوانه على الشعب اليمني فحلوا في فنادقهم مسلمين لهم المناطق التي كان يتكون منها الشطر الجنوبي من الوطن اليمني سابقا والذي نحتفل اليوم بذكرى استقلاله من الاستعمار البريطاني ولكن مع الأسف في ظل احتلال جديد دخل من النافذة بعد أن كان قد خرج من الباب الواسع، وهو ما يؤكد أن الوحدة اليمنية تعرضت للتآمر عليها من الداخل اليمني اكثر من تعرضها للتآمر الخارجي على مدى اكثر من ثلاثة عقود مضت من عمرها وكانت أخطرها ما حدث عام 1994م التي شاركت فيها مع الأسف الشديد قيادات ممن كان لها دور في صنع هذا المجد اليمني التاريخي والذي لا يزال الى اليوم يمثل الشمعة الوحيدة التي تضيء سماء الأمة العربية وإن كان ذلك راجع الى ارتباط تلك القيادات بالخارج وطمعها في استمرارها متربعة على كرسي الحكم فخسرت نفسها بعد أن رهنت قرار وطنها له ولم تجد منه دعما لبقائها كمكافأة على فعلها الشنيع وغير الوطني وإنما هذا الخارج الذي تعاملت معه واعتمدت عليه لفظها قبل أن يلفظها أبناء شعبها، ومن المفارقات العجيبة التي تستحق الوقوف عندها هي: إنما يحدث اليوم في المحافظات الجنوبية والشرقية من احداث والسيطرة عليها من قبل المحتلين الجدد السعودية والإمارات أذناب بريطانيا وأمريكا، وما استقدموه من مرتزقة لتشويه سمعة ابناء الجنوب يتم على مرأى ومسمع ممن تبقى من مناضلي ثورة 14أكتوبر وصانعي فجر الاستقلال حيث لم يحركوا ساكنا إزاءه وبعضهم راض بما يحدث ومباركا له وهناك من هو مشارك مع الاحتلال فيما يقوم به من تدمير للجنوب لاسيما اولئك المتواجدون في فنادق الرياض وأبوظبي من الذين كانوا يرفعون شعارات محاربة الرجعية والامبريالية والاستعمار ويصنفون أنفسهم على انهم تقدميون واشتراكيون وقوميون متجاهلين أو متناسين كل تلك الشعارات الرنانة التي كانوا يتشدقون بها لدغدغة عواطف الجماهير فانبطحوا أمام مغريات المال المدنس وباعوا وطنهم وكرامتهم الوطنية مقابل هذا الثمن البخس وفي نفس الوقت معتبرين أن شمال الوطن اليمني الذي كان له الفضل الكبير في دعمهم لإخراج المحتل البريطاني من جنوب الوطن هو المحتل الحقيقي ويجب محاربته والاستعانة عليه بالخارج.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا