
القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «81»
على الرغم من الإحراج الذي تشعر به الولايات المتحدة إزاء هذه الميزة السوفييتية فإن الغرب يبدو راضياً عن التطورات الأخيرة في الجمهورية العربية اليمنية فقد طمأنها نمو قوة الحكومة المركزية
واستخدام الرئيس صالح للمهارات السياسية التقليدية بعد البدايات غير المؤكدة لرئاسته في عامي 1978 و1979م والواقع أن أغلب تجارة الجمهورية العربية اليمنية تم مع الغرب وهناك عدد كبير من برامج المساعدات في طور التنفيذ في الجمهورية العربية اليمنية كما ينشط أفراد الجيش الأميركي في تدريب القوات الجوية التي كان طيارو تايوان يقودون طائراتها من طراز إف-4 في وقت سابق ولكن الدول الغربية أثبتت أنها أقل ترحيباً بالمطالب المتزايدة والإلحاح من جانب صنعاء بزيادة المساعدات الاقتصادية من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ولابد أن تلعب الأولويات العامة والشعور بأن السعوديين لابد وأن يلعبوا دوراً رائداً في المساعدة وبعض الشكوك حول مصير الأموال المقدمة لحكومة الجمهورية العربية اليمنية دوراً في هذا، إن كلاً من الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية يتحدثان عن الوحدة في وقت ما في المستقبل ولكن كلاً منهما يشعر بالريبة الشديدة تجاه الآخر ولديه استثمار كبير في هياكل الدولة المنفصلة ولا يجوز له أن يجازف بذلك كما أن عملية الوحدة تجلب بعض الفوائد الملموسة لكل جانب فهي تشجع على الشعور بعدم العداء بين الحكومتين وكبح جماح العناصر داخل دولتيهما التي تسعى إلى الإطاحة بحكومة الطرف الآخر ولا تزال قوات الجبهة الوطنية قوة منظمة في جنوب اليمن ويحتفظ الائتلاف الوطني وهو تجمع للمنفيين من الجنوب بموقعه في الشمال ولكن بعد عشرين عاماً من الصراع يبدو أن التعايش الأكثر استدامة بين اليمنين قد نشأ وتتضمن الوحدة أشكالاً معينة من التعاون- في الشركات المشتركة للسياحة والشحن والتأمين وفي التعاون بين وزارتي التعليم والكتاب في البلدين ويجتمع مجلس يمني يتألف من رئيسي الدولتين ووزراء مختارين كل ستة أشهر لمناقشة "الوحدة" وقد تم إعداد مسودة دستور مكونة من 136 مادة: ولكن اجتماعات المجلس لم تسفر بعد عن قرارات محددة ويدرس الرئيسان النص غير المنشور للدستور لأن الوحدة بمعنى اندماج الدولتين أمر لا يمكن تصوره تقريباً فمثل كل الدول المجاورة فإن الثورتين اليمنيتين محكوم عليهما بالعيش مع بعضهما البعض ومع ذلك فإن مشكلة الوحدة بين اليمنيين تطرح بحدة بسبب استحالة الوحدة الحقيقية كما تطرحها أي احتمالات لاندماج الدولتين، إن الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية محصورتان في علاقة وثيقة ومتضاربة في الوقت نفسه بسبب خصائصهما المشتركة وبسبب النتائج المتباينة والمتنافسة لثورتيهما وبنيتي الدولتين اللتين نتجتا عنهما وكل منهما يحتاج إلى الآخر ويحتاج إلى دعم سياسة القومية اليمنية لتحقيق التوازن بين تحالفاته الدولية والحفاظ على الشرعية المحلية ومع ذلك وإن كان ذلك الآن في شكل أكثر سلمية فإن المنافسة بينهما مستمرة، إن التعايش السلمي في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية ينطوي على كل التفاعل المتناقض لنسخته الأكثر عالمية من الشرق والغرب لأن التعايش بين النظامين الاجتماعي والسياسي هو الذي يجب أن يستمر بينما يتعين على كل منهما تجنب الحرب الصريحة بالنسبة للجمهورية العربية اليمنية فإن هذا العقد الثالث بعد الثورة يحتوي على فرص وصعوبات مهمة فقد تميزت الستينيات بالحرب الأهلية وتدخل الانقسامات الملكية والجمهورية الأوسع في السياسة اليمنية في العالم العربي وكانت السبعينيات عقداً غلبت فيه المنافسة السوفييتية الأميركية في شبه الجزيرة العربية على عدم الاستقرار على المستوى الحكومي والتحدي المتكرر لليسار الجمهوري الراديكالي وهيمن على عقد الثمانينيات الأسئلة التي لم تُحَل بعد حول مدى قدرة المؤسسات القديمة في المجتمع اليمني على تشكيل وهيمنة بنية الدولة والاقتصاد الجديدين وإلى أي مدى قد يقلل اكتشاف الاحتياطيات النفطية المحلية من اعتماد الجمهورية العربية اليمنية على المملكة العربية السعودية وفي نهاية كل من العقدين الأولين حدث حل معين للمشاكل الرئيسية: بقاء الجمهورية وإن كان بشكل مشوه بعد الستينيات وهزيمة الجمهوريين الراديكاليين جنباً إلى جنب مع تطور العلاقة المتوازنة والنشطة بشكل غريب مع كل من موسكو وواشنطن بعد العقد الثاني ولكن التقييم النهائي لنتائج ثورة 1962م لا بد وأن ينتظر حلول الأسئلة المفتوحة في العقد الثالث من الزمان فيما يتصل بنمط التنمية الاجتماعية والاقتصادية داخل الجمهورية العربية اليمنية وتطور التحالف التنافسي مع الجنوب والمكانة الأوسع للدولتين الجمهوريتين اليمنيتين بعد الثورة ضمن نمط السياسة في شبه الجزيرة العربية ككل.