كتابات | آراء

اليمن يعيد صياغة معايير القوة العسكرية الأمريكية

اليمن يعيد صياغة معايير القوة العسكرية الأمريكية

بفضل الله وإرادة الشعب، تمكن اليمن خلال حرب السنوات التسع الأخيرة وعملية طوفان الأقصى المباركة من تحقيق إنجاز استثنائي وغير مسبوق، تمثل في تفكيك الهيمنة العسكرية الأمريكية وكسر أسطورة تفوق السلاح الأمريكي

الذي طالما اعتُبر ركيزة التفوق العسكري العالمي، مما أدى إلى تداعيات واسعة النطاق على المستويين العالمي والإقليمي، حيث كان الأداء الفعلي للأسلحة الأمريكية مخيبًا للآمال، وظهر ذلك جليًا في عدة مجالات، على سبيل المثال، استخدام دول العدوان ومرتزقتها لترسانة ضخمة ومتنوعة من الأسلحة الأمريكية المتطورة في العمليات البرية والجوية والبحرية، إلا أن تلك الأسلحة أثبتت فشلها أمام الإرادة اليمنية الصلبة، كما ان الطائرات الأمريكية المسيرة مثل MQ9، التي كانت تُعتبر أحد أبرز رموز التفوق التكنولوجي الأمريكي، تعرضت لانتكاسة كبيرة بعد أن تمكنت الدفاعات الجوية اليمنية من إسقاطها بشكل متكرر، ولا يخفى على أحد أن هذه الطائرات، التي يفترض أنها مجهزة بأحدث التقنيات لتجنب الرصد والاستهداف، أصبحت رمزًا للضعف بدلاً من الهيمنة، علاوة على ذلك، مع تزايد معدلات إسقاط هذه الطائرات، انتشرت سمعة سيئة عنها عالميًا، مما أثر سلبًا على الصورة العامة للقدرات الجوية الأمريكية إلى جانب ذلك، لم يقتصر الإخفاق على السلاح الجوي فقط، بل امتد ليشمل القوة البحرية الأمريكية التي لطالما اعتُبرت العمود الفقري للتفوق العسكري الأمريكي في البحار، ففي تطور لافت، تعرضت حاملات الطائرات الأمريكية، التي تُعد رمزًا للقوة البحرية، لاستهدافات مباشرة من قبل القوات المسلحة اليمنية، ومن المثير للانتباه أن هذه العمليات كشفت بوضوح محدودية القدرات الدفاعية لهذه المنظومات البحرية في مواجهة أساليب قتالية جديدة ومبتكرة، وعلى إثر ذلك، صُدمت دول العدوان وحلفاء الولايات المتحدة الذين كانوا يراهنون على التفوق الأمريكي لحماية مصالحهم، بالإضافة إلى ما سبق، كان الفشل في مجال الدفاع الصاروخي أكثر وضوحًا وتأثيرًا إذ أثبتت الأنظمة الدفاعية الأمريكية، بما في ذلك الأنظمة المتقدمة مثل باتريوت، عدم قدرتها على اعتراض الصواريخ اليمنية التي استهدفت عمق دول العدوان وحتى الكيان الصهيوني، وهذا الإخفاق الميداني أثار العديد من التساؤلات حول كفاءة الأنظمة الأمريكية التي طالما رُوج لها على أنها الأفضل عالميًا، ومن هنا، بدأت الدول التي تعتمد بشكل كامل على هذه المنظومات تشعر بتهديد مباشر لأمنها واستقرارها.
ولا شك أن هذا الأداء الضعيف للأسلحة الأمريكية لم يقتصر تأثيره على الميدان فحسب، بل امتد ليشكل تحديات كبيرة لمكانة الولايات المتحدة على الساحة العالمية، فمن ناحية، ضعف هذه الأسلحة قلل من النفوذ الأمريكي كقوة عسكرية مهيمنة، ومن ناحية أخرى، بدأت الدول التي كانت تنظر إلى واشنطن كضامن لأمنها وداعم لاستراتيجياتها الدفاعية تعيد تقييم شراكاتها الإستراتيجية معها، وعلى ضوء ذلك، يمكن القول إن هذا الفشل فتح المجال أمام قوى عالمية أخرى، مثل روسيا والصين، لتقديم بدائل منافسة للأسلحة الأمريكية، مما قد يؤدي إلى تغيرات كبيرة في سوق السلاح العالمي، مع احتمالية تراجع حصة الولايات المتحدة لصالح منافسيها، وبالإضافة إلى ذلك، ضعف السلاح الأمريكي أمام القوة اليمنية يعزز الاتجاه نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب، حيث تصبح الهيمنة الأمريكية موضع تساؤل.
أما على المستوى الإقليمي، انعكست هذه التطورات بشكل واضح على موازين القوى، إذ عزز النجاح اليمني في مواجهة السلاح الأمريكي من مكانة محور الجهاد والمقاومة، الذي يتبنى خطاب التحدي للهيمنة الأمريكية والصهيونية، وفي المقابل، تراجع نفوذ محور الاعتدال الذي كان يعتمد على الدعم الأمريكي في تعزيز مكانته، وبالتالي يمكن القول إن هذا التحول قد يؤدي إلى إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية، مع تزايد تأثير القوى المستقلة التي تسعى إلى التحرر من النفوذ الأمريكي، أما على مستوى مكانة الولايات المتحدة، فإن التأثير لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل يمتد إلى المجالات الاقتصادية أيضًا، فمن جهة تراجع أداء الأسلحة الأمريكية قد ينعكس سلبًا على القدرة الاقتصادية للولايات المتحدة، خاصة في مجال صفقات السلاح التي تمثل ركيزة مهمة لاقتصادها، ومن جهة أخرى فإن الدول التي كانت تعتمد على السلاح الأمريكي قد تبدأ في البحث عن بدائل أكثر فعالية وأقل تكلفة، مما يهدد النفوذ الأمريكي في هذا القطاع الحيوي، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التراجع قد يضعف مكانة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية، خاصة وأن الثقة بالدولار ترتبط بشكل مباشر بمكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى قادرة على فرض إرادتها عسكريًا واقتصاديًا.
ويمكن القول إن ما يحدث في اليمن يمثل شهادة حية على قدرة الشعوب المقاومة على كسر هيمنة القوى الكبرى، مهما كانت الإمكانيات المادية والتكنولوجية لهذه القوى، وبالنظر إلى هذه التطورات، فإن تحطيم أسطورة السلاح الأمريكي لا يعكس فقط تحولًا نوعيًا في المعادلة العسكرية، بل يؤسس أيضًا لتحولات سياسية واقتصادية قد تعيد تشكيل النظام الدولي بأسره، ومن ثم، فإن الأحداث الجارية تحمل رسائل واضحة للعالم بأن الإرادة الشعبية، المدعومة بالصمود والإبداع، قادرة على إعادة رسم خريطة التوازنات الدولية، وفرض معادلات جديدة على المستويين العالمي والإقليمي.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا