الساحل الغربي ملتقى الأطماع الاستعمارية « الحلقة 60 »
تأسيس مستعمرة مصوع :
بعد ارتكاز إيطاليا على عصب تطلعت نحو الشمال لاحتلال مصوع لأنها كانت تخشى أن تتمكن إحدى الدول الأوربية النزول بين عصب ومصوع ومحاصرة مستعمرة عصب من جميع الجهات .
ومن جهة أخرى كان السودان الشرقي في هذه الآونة يموج بالثورة المهدية , وكانت إيطاليا ايضاً تراقب الأحداث بحذر واهتمام شديد ين خاصة وأن الحكومة الإيطالية قد أخذت معاهدة (عدوة) في يونيو 1884م بعين الاعتبار واعتبرت أنها تنازل صريح من جانب مصر عن كل حقوقها في مصوع الأمر الذي يودي إلى قيام الأحباش باحتلال هذه الجزيرة وضمها إلى اراضيهم وذلك لما اعطته هذه المعاهدة للأحباش من حرية تامة لنقل جميع التجارة الصادرة والواردة بما في ذلك الأسلحة والذخيرة من مينا ءمصوع تحت الحماية البريطانية وعليه فقد كان من رأي مانتشيني أن يسبق الأحباش في تلك الخطوة .
وضمن خطوات إيطاليا التمهيدية لاحتلال مصوع وما حولها كتب تيفرا السفير الإيطالي في لندن إلى وزير خارجيتة مانتشيني يستطلع رأيه في إمكانية احتلال إيطاليا لميناء مصوع حيث ذكر أنه تحادث مع اللورد غرانفيلد الذي أسر له بأن الحكومة الإنجليزية لاتريد احتلال ميناء مصوع كما أنها لا تريد أن تتركه ملعباً للسبق أو تحت دولة منافسة , ويقترح ترك المينا ء للاحتلال التركي كما أشرنا سابقاً بأن بريطانيا دعت تركيا لاحتلال المينا ء عقب انسحاب الحامية المصرية وفي حالة صعوبة ذلك على تركيا فإن إيطاليا هي البلد الذي يقترحه لاحتلال مينا مصوع وأضاف نيفرا أنه أحس أن هذا يمثل رأي غرانفلد الشخصي حيث أنه لم يأخذ موافقة مجلس الوزراء " ويتضح من هذه الرسالة أن إنجلترا فعلاً تساند إيطاليا وتشجعها لتثبيت أقدامها في المنطقة , وما رأي غرانفيلد إلا من رأي حكومته "
وفي 29 أكتوبر 1884م بعث مانتشيني برسالة خاصة إلى السفير الإيطالي في لندن مفادها رغبة إيطاليا في احتلال بيلول وذلك لضمان وحماية مستعمرتها في عصب , ونرجو أن لا تمانع الحكومة البريطانية في ذلك الإجراء ومن جهة اخرى أكدت الرسالة تأييد الحكومة والرأي العام الإيطالي لاحتلال مصوع , وترجو أيضاً أن يتم هذا الاحتلال بموافقة الإنجليز ولقد أوضح ما نتشيني للسفير الإيطالي في لندن الأسس التي يجب أن يتبعها في تحقيق الغايات المطلوبة منه , والتي تشير إلى أن المفاوضات مع بريطانيا يجب أن تبنى على المقصود من مسألة بيلول ومصوع هو إحكام علاقات ودية مع جميع الرؤساء الوطنيين (المحليين ) على طول الساحل بين عصب ومصوع بصورة لا تمس السيادة الإقليمية لمصر , وعليه يجب أن يتم ذلك بموافقة كل من مصر وإنجلترا , وبالتالي على السفير الإيطالي أن يتنا ول هذا الموضوع من هذا المنطلق , وليس من منطلق الضم أو الإلحاق لكل من بيلول ومصوع وعصب , أما فيما يتعلق بحقوق الباب العالي في المنطقة فقد أشارت الرسالة إشارة خفيفة إلى أن الباب العالي لا يكترث أبداً بهذه المنطقة إلى الحد الذي يدفعه إلى إظهار رفضه , وعليه يرى وزير الخارجية الإيطالية أنه ليست هناك أية ضرورة للتوجه في مثل هذه الأمور إلى الباب العالي.