لعلّ أكثر ما شدَّ انتباهي هو ذلك الانبهار والاندهاش والاستغراب الذي أبداه أبناء الأمة تجاه الدعم والإسناد اليمني لأبناء فلسطين وغزة في معركة طوفان الأقصى ومواجهة كيان العدو الغاصب المحتل الظالم المجرم بدءًا بالمظاهرات،
مرت أيام والعالم يتابع باهتمام سير عملية تبادل الأسرى بين حماس والكيان الإسرائيلي المحتل..
وكان اللافت من خلال توالي عمليات الإفراج رؤية الكثير من المشاهد التي تعكس بكل وضوح حقيقة ونوع المعاملة التي تلقاها الأسرى لدى الطرفين.. كانت الصورة حاضرة بقوة في هذا الحدث وتنقل تعبيراً صادقاً عن طبيعة تلك المعاملة..
فمن جانب حماس وكتائب المقاومة فقد كان اللافت والمثير للدهشة خروج أسرى الاحتلال وهم بتلك المظاهر والهيئة التي توحي بأنهم كانوا في ضيافة أو أنهم عائدون من نزهة وليسوا سجناء..
وقد تجلت الصورة أكثر من خلال تلك المشاهد المؤثرة للأسرى وهم يتبادلون عبارات وإشارات الوداع مع أبطال المقاومة الذين رافقوهم أثناء عملية التسليم، وهذا يرجح أن هؤلاء الأسرى قد حظيو بمعاملة حسنة من قبل المجاهدين في كتائب المقاومة الإسلامية خلال فترة بقائهم في الأسر رغم الظروف المحيطة الناجمة عن العدوان والقصف الهستيري المتواصل على غزة وما رافقه من حصار جائر انعدمت معه كل أسباب الحياة.. وقد عبرت عن ذلك إحدى الأسيرات برسالة شكر مؤثرة وجهتها إلى عناصر حماس على تعاملهم الإنساني مع ابنتها الطفلة الأسيرة اختتمتها بعبارة (أنا للأبد سأكون أسيرة)..
نعم هذه هي أخلاق حماس وفصائل المقاومة المنضوية معها في مواجهة العدوان وهذا هو نهجها في التعامل مع الأسرى وفق المنهج الرباني وقد شاهد العالم أجمع ذلك..
الأمر الذي سبب صدمة كبيرة لقيادة العدو المحتل وعلى رأسهم نتنياهو.. كون هذه المشاهد قد فندت كل المزاعم والأكاذيب والافتراءات التي ظل هذا العدو يروج لها هو ووسائل إعلامه لتشويه صورة حماس..
أما على الجانب الآخر فقد كانت مشاهد الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال تحكي أسفار سنين من الاعتقال والإخفاء والتغييب وتنقل إلى الأذهان صورة مرعبة عن تلكم السجون والمعتقلات الرهيبة وما يدور فيها من تعذيب وتنكيل ومعاملة لا إنسانية للأسرى والدليل على ذلك ما سرده بعض هؤلاء الأسرى من قصص وروايات بثتها القنوات الفضائية توضح ما عانوه خلال فترة أسرهم ومنها قصة ذلك الفتى الذي قاموا بكسر يديه وأصابعه قبل خروجه من الأسر وغيرها من القصص المؤلمة وهي في مجملها تظهر مدى قبح وبشاعة هذا العدو الذي لا يعطي أي قيمة لإنسانية الإنسان بل يتصرف وفق ما تقتضيه مصالحه ونزعته العنصرية وما يرتبط بها من أحلام مريضة يسعى إلى تحقيقها ولو أدى ذلك إلى قتل وتشريد واعتقال وتهجير شعب بأكمله..
وبهذا تكون حماس قد انتصرت أخلاقياً في معركة تبادل الأسرى من خلال تعاملها الإنساني مع أسرى الاحتلال وأثبتت للعالم أنها حركة مقاومة تمارس حقها المشروع في الدفاع عن شعبها وأرضها ضد كيان قاتل غشوم مجرّد من كل القيم وقد سقط سقوطاً أخلاقياً مدوياً.
لا استغرب ولا يدهشني كل ذلك الكم من الحضور الذي يجسده صديقي الماجد عزيز بن حبتور، بإصرار على مواكبة يوميات المجد والتراجيديا الفلسطينية، وبحرص كفاحي صميم بنهج كفاحيته التي لا تهزها مدلهمات النوائب، ولا تغفلها مشرقات المكاسب عن قضايا قوميتها العربية او دينها الاسلامي اينما تموضعت تلك القضايا والهموم، فكيف لو كان ذلك التموضع في القلب العربي والاسلامي (فلسطين مهجة الكون)، وهذا السرد الذي اسطره لا علاقة له بمباخر المطبلين ولا بروايات النفاق والإفك، ولعلي لا ابالغ تنطعا ان قلت انه لربما كان نوعا من توارد خواطر يحركه لينك (رابط) او هاجس نضالي ممتد بيني وبين دولة رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال بصنعاء-البروف عبدالعزيز بن حبتور، وبعد هذا التوضيح الذي كان لابد من ايراده للقارئ الكريم ايضاحا للحقيقة، ولأستميحه تفضلا بمطالعة تعقيبي هذا فلننطلق بقراءة تفاصيله.
بالعودة لتناول مقال كاتبنا الهمام والذي هو محور قراءتنا هذه، نلاحظ طول عنوانه والذي جاء بصيغة سؤال استفساري مستغرب فيه من حال التاريخ البشري وكيف سيجيب في صفحات اسفاره عن ثورة طوفان - الأقصى، فذلك شأن تفرضه طبيعة ومحتوى موضوع المقال المقاوم، لنرى بعد ذلك الكاتب يلج مباشرة في صلب ثنايا مقاله بالرقم تاريخا وبالفعل طوفانا وبالموقع فلسطينا جغرافيا/وديمغرافيا، مسترسلا بتوضيحه لكينونة آلة القتل الصهيونية وكيف انها كانت اكثر نازية وفاشية إثخانا بالقتل والتدمير لكل ما هو انساني من المستشفيات والمدارس والمخابز ومحطات الكهرباء والمياه، ناهيك عن مباني الاتصالات ومباني الاجهزة الرسمية والاهلية صحافة وتلفزة وستون بالمئة من الوحدات السكنية لمواطني القطاع، فاضحا لغطرسة الصهاينة التي لم تعط بالا للرأي العام الاسلامي والدولي الذي تم التعبير عنه من خلال أكثر من خمسة ألف تظاهرة احتجاجية وفعالية تنديديه بجرائمه، اعتصام مدني يدين ارتكابه للمجازر بحق الاطفال والنساء كما يطالب بمحاكمة النظام الصهيوني وقادته المنفذين لتلك الإبادة الجماعية بحق شعب تحت الاحتلال، بدعم ومساندة مباشرة من واشنطن وعواصم الناتو الرئيسة لندن باريس برلين وغيرها من تلك العواصم …..
حيث نجد الكاتب وقد ذهب مضيفا الى ذلك رفض الكيان الصهيوني الالتزام بمناشدة الامم المتحدة فى مراعاة القوانين الانسانية والدولية التي تجرم مثل تلك الافعال ضد المدنيين، لكنه لم يكتف بمهرجانه الدموي بل ارفقه بمهرجان تدميري وتخريبي لكامل البنية التحتية بكافة محافظات غزة، ليجعلها غير صالحة للحياة الانسانية حتى قبل الانتهاء من مفاعيل المعركة، وذلك خدمة لتحقيق هدفه الثالث، والذي يتلخص في مشروع( الترنسفير) التهجير القسري لشعب غزة الى صحراء سيناء المصرية، استنساخا لتهجيري نكبة 1948م + نكسة 1967م، وتحديدا بالألفية الثالثة بعد ان تم أنسنه الريبوتات من خلال الذكاء الاصطناعي، ظل الصهاينة اكثر توحشا رغم ان بعض من علمائهم من تطور تلك التقنية.
في تأسيس لما بعده من تشاركية جرمية، نجد الكاتب يستعرض بسطور ثلاثة جمل رقمية بدراية حصيفة تتوخى أثر الارقام والاحصائية الصادقة في الادانة بالحكم العام، وبحرفية بدأها ب(كل قطرة الدم تراق) ليفصلها اعداد ل44000 جريح + 14128 شهيد بينهم ما يقارب 6000 طفل و من النساء 3920 أنثى، اما المفقودين من الشهداء تحت ركام الانقاض فهم أكثر من 6400 مفقود، ليدلف بنا الى تفاصيل تشاركية اقدم عليها (العالم الحر والمتحضر) كما يدعي بقيادة إدارة البيت الذي لم يعد ابيض مطلقا، حيث اسهم الى جانب القتل في تعذيب الجرحى والنازحين من المخيمات والعجزة من كبار السن، من خلال التسليح بكافة الاسلحة الذكية والبليدة التي تزن الآلاف من الكيلوجرامات فخر صناعة السلاح الامريكي، والذي تساهم دول الناتو بدفع اثمانه متضامنة ومعهم ك. الجنوبية واليابان واستراليا كذلك، ازهاقا لأرواح الفلسطينيين واهدارا لدمائمهم بدون جرم، صحيح ان من يطلق النيران صهيوني ومعه متصهين امريكي، وكلاهما جاء من خلف البحار ليقتلا الطفل الفلسطيني وامه بدم بارد ويغتصبوا الارض وثرواتها وينعموا تمتعا بجنانها الخضراء ودفئ شواطئها الرائعة، تحركه الطغمة المالية الصهيونية والماسونية العالمية.
في مقدمة مقتضبة للمرتكزات السبعة التي اعتدنا على مطالعتها بمقالات صديقي الكاتب الفذ، دشنها ب(تتوالى اراء ومواقف الدول والشعوب مما يجري بارض فلسطين) وفق ما يلي من مؤشرات :-
*أولا: *
كان انتقاء ترتيب المواقف التي عرضها (دولته) حصيفا، حين وضع اراء ومواقف محور المقاومة اولا لأنها تبعث على الفخر والاعتزاز، موضحا حجم صدقية ترابط والتحام الجبهات وغرفة العمليات المشتركة. وكيف لقن قادة وشعوب محور المقاومة العالم دروس في باذخ العزة وشرف الشموخ بنصرة المستضعفين واحقاق الحق لأصحابه، بعكس المواقف المخزية لكل حكومات الغرب المتصهين والمتصهينين العرب، الذين صمتوا خلال مجازر غزة، وتلك لعمري يصعب فهمها من قبل الذين ارتضوا الانبطاح تطبيعا مع العدو الصهيو امريكي.
**ثانيا: *
في ثانيا يقدم لنا الكاتب من خلال مقاربة ذكية لحجم الخزي والعار الذي يرفل به قادة أكثر من 57 دولة عربية واسلامية تضم مليارين ومئتي مليون نسمة، وبحجم مهول من القدرات المالية والاقتصادية وتتموضع بمواقع جيواستراتيجية، كيف لها ان ترتضي الهوان والرضوخ بقبول كل ذلك الظلم قتلا للأطفال والنساء والمسنيين، ليتمخض فيل اجتماع قمتهم عن (اقل من فأر) سيكتب التاريخ في اسفاره عن انها كانت( اكبر قمة عار) في ألفية النهوض الاممي وانتصار العلم والتحضر الانساني، لكن اؤلئك القادة ارتضوا بالعبودية بل ويحاولون ارغام شعوبهم على تلبس ثوب تلك العبودية، الكل تقريبا وصلتهم همسات مفردات ذلك البيان الخجول الذي تضخمت فيه المناشدة حد التسول برجاء قبول العدو الصهيو امريكي في النظر لبيانهم، تاركين له حرية اشباع غريزته الهمجية تقتيلا لشعب غزة وتدميرا لمقدراته بقصد الإذلال لشعب لم ولن يقبل بالرضوخ مطلقا فهو شعب علم البشرية معنى الكرامة وعزة النفس.
*ثالثا: *
هنا بالتحديد وجدنا بن حبتور وقد شحذ (قلمه وكأنه سيف) ليهتك به ستر الكذب ق الذي مارسته إدارة البيت الابيض ومعها الدولة العميقة التي تدير اركان النظام الامريكي، من خلال ليس الموقف المنحاز كلية في نصرة الصهاينة الى الدرجة التي استوجبت هرولة الرئيس العجوز ليقطع الأف الاميال وصولا الى (أم الرشراش) عاصمة الكيان المحتل، بل انه جلب معه اركان حربه من خارجية + دفاع ونخبة جنرالاته المتخصصة بحرب العصابات والمخابرات والحرب السبرانية، ليتموضعوا بغرفة العمليات ببدروم رئاسة الوزراء ويديروا جلسات (الكبينيت الحربي المصغر)، طبعا لانهم اصحاب الملكية الأصلاء ومرعوبين من فقدان ملكيتهم، بدليل تحريك اثنتين من حاملات الطائرات يصاحبها عدد معتبر من البوارج والمدمرات وفوق ذلك اكبر غواصة نووية بالبحرية الامريكية وبالإضافة الى 2500 من نخبة المارينز (قوات الدلتا)، تصوروا كم تكاليف ذلك النقل ونفقات الإعاشة للطواقم مع قوات الدلتا 2500 في اليوم الواحد، في بلد يعيش عجز بالميزانية… ؟؟؟
طبعا لإنقاذ الحكومة والجيش الصهيوني المكلف بإدارة ملكية امريكية، حينما رائهما ينهاران بفعل ضربات ابطال (طوفان - الأقصى) الذي احدث ارتجاج جيواستراتيجي بالشرق الاوسط ارعب اليهود الصهاينة والمتصهينين العرب وسادتهم الانجلو سكسون، ويسترسل الكاتب ليقول لنا ان هول الهزيمة استدعى منح قيادة الكيان الصهيوني صك على بياض بل وضوء اخضر، للتقتيل والتدمير ولا مانع من الإبادة الجماعية لأن امتداد الهزيمة اصاب الامريكان بالفعل فالأرض التي يحتلها الصهاينة هي اكبر قاعدة حربية امريكية يحوزونها خارج حدود الولايات المتحدة.
*رابعا: *
يشير الكاتب في رابعا مواربة الى نظرية (الاواني المستطرقة) من خلال التقاطر المتدافع لرؤساء دول وحكومات حلف الناتو الرئيسة الى عاصمة الصهاينة لشد أزرهم وتقديم ما يلزم من اسناد مادي ومعنوي ولوجستيك للنصر… على من ياترى… ؟؟ *مسترسلا مرة اخرى في فضح الغرب الاستعماري الذي اداخت حكوماته العالم بحديثها وشعاراتها عن التنوير بحقوق الانسان والديمقراطية والقوانين الانسانية والدولية وحرية الاعلام والاديان، لكنها عند هذا المحك رأيناها تنكص على عقبييها بكل خفة، حيث ذهبت تتبنى الرواية الصهيونية وتدافع عن
جرائمهم في قتل لنساء وليس الاطفال معهن فحسب بل والرضع والخدج كذلك، وتمنحهم حق الدفاع عن النفس من شعب واقع تحت احتلال جلاديه يستوجب حمايته، اصبح بنظرهم هو الجاني الذي يجب معاقبته يا سبحان الله على هكذا انقلاب في المعايير.*
خامسا:
اما هنا فقد اشفى غليلي بن حبتور، حين تناول موقف رئيس السلطة الفلسطينية( محمود عباس) ذلك العجوز الخرف تجاه ما يحصل لأبناء شعبه، من موقف صادم وقفه هو ومعه (شلة الأنس) العائشة في مدن الضفة منهمكين بتقاسم المساعدات الامريكية والغربية (طبعا مليارات) كافية لإماتة اقوى ضمير يتوافر عليه اصغر انتهازي عفن، بصراحة لم يقصر الكاتب تحت ضغط هويته كمناضل عروبي منتمي لمحور المقاومة في السرد التفصيلي (لأبي مازن وشلة الأنس حقه) وسلوكهم المشين، لذلك انصح القارئ بالعودة الى نصه مقاله الرائع.
سادسا:
وفي هذا المرتكز السادس يعود الكاتب لتعزيز مربعات التفاؤل، بنبرة المبتهج مقدما الشكر والامتنان للأرواح والانفس الفلسطينية وللشعب الفلسطيني المجيد والمجاهد، ومعهم لأحرار محور المقاومة بل لكل احرار العرب والمسلمين وكذا لأحرار العالم اجمع، الذين يقف بطليعتهم دول وحكومات باسلة مثل كوبا وفنزويلا وايرلندا وجنوب افريقيا، التي قطعت علاقاتها الثقافية والاقتصادية والدبلوماسية كذلك، وذلك امر عجز علوج من قادة العرب والمسلمين المخصية من الإتيان بجزء يسير من ذلك الفعل النوعي، حيث سيلعنهم التاريخ ويلعنهم اللاعنون.
سابعا:
في اخر المرتكزات يصر (دولته) على مواصلة البهجة، بالرغم من ما يقارب الخمسين يوم قصف وتدمير وتقتيل للأطفال والنساء والشيوخ، لكن ظلت المعنويات تطاول عنان السماء شموخا وكبرياء وحين تسأل مواطني غزة عن سبب ذلك... ؟؟ يقولون يكفي ان العدو الصهيوني لم يتفاخر بعرض جثامين شهداء او أسرى ثم قتلهم او القبض عليهم، او تحرير احدا من أسراه الصهاينة لذلك نحن والمقاومة المنتصرون يرددون ذلك امام كاميرات القنوات الفضائية، من اين للعالم ان يجد شعب بهذا الاصرار متمسك بأرضه وواثق من قضية تحرره وبناء دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني، بدعم صادق من محور المقاومة الواقف بجانبه.
الحلاصة:
هنا في خلاصة المقال والتي ارادها بن حبتور ان تكون (المستر سين) المشهد الرئيسي تعريبا لما بين القوسين، حيث سطر ثناء و إطراء باذخ تستحقه فلسطين ويستحقه شعبها الباسل ومقاومتها الشجاعة واللذان ابقيا قضية المظلومية الفلسطينية حية والحق بالأرض والسيادة كأبعاد مادية وروحية للبشر الاحرار وقضيتهم المركزية و محور اهتمام احرار العرب والمسلمين وفي معيتهم احرار العالم، قدسيتها نابعة من احاطتها بالعديد من المقدسات كالمباني والتراب الذي يتنفس طهر ونقاء والفضاء المعطر بعبق النبوءات والانبياء عليهم افضل صلوات ربي وسلامه.
ملقيا الضوء الى انها اخر دولة في العالم تعاني من جبروت استعمار استيطاني بالألفية الثالثة، لكن تباشير زواله قد تجلت عبر انتصارات (طوفان - الأقصى) هو بالأساس نصر رباني يؤسس (لفتح بيت المقدس)، ليس هرطقة لكنه الوعد الحق وغالبية الاطهار الفلسطينيين مؤمنين بذلك.
*محمد الجوهري جامعة عدن.
قبل بدء العدوان على غزة كان صوت المنادين بالسلام مع العدو الإسرائيلي مرتفعاً وأسبابهم لذلك كثيرة خصوصاً الذين لا يعرفون طبيعة هذا العدو وتاريخه الحافل بالدسائس والمؤامرات والفتن ونقض العهود قديماً وحديثاً..
لكن الآن وبعد أكثر من شهر ونصف من العدوان الغاشم والفاجر وما شاهده القاصي والداني من محارق ومجازر وحرب إبادة طالت السكان الأبرياء في مختلف مناطق وأحياء القطاع.. وبعد كل ذلك الدمار الشامل الذي لحق بالمساكن والمدارس والمستشفيات والمخابز والمنشآت الخدمية من مياه وكهرباء واتصالات وغيرها بات في حكم المؤكد أن السلام أصبح أبعد من أي وقت مضى إن لم يكن مستحيلاً..
لقد كشف هذا العدوان بوحشيته وبربريته إن إسرائيل ليست مستعدة على الإطلاق للسلام مع الفلسطينيين ولا مع جيرانها من العرب ولا المسلمين وإن السلام الذي تنادي به وتتشدق بأنها مستعدة له ليس له سوى معنى واحد وهو الاستسلام والخضوع لإرادتها وهيمنتها هي ومن يقف معها من العالم اللاحر وفي مقدمتهم أمريكا وحلفائها الأوروبيين..
هذه هي حقيقة إسرائيل ونظرتها للسلام، وما يصدر عنها من تصريحات وأحاديث منمقة ليست سوى مجرد شعارات مخادعة الغرض منها تجميل وجهها القبيح وتقديم نفسها للعالم بأنها راغبة في إقامة سلام دائم مع الفلسطينيين..
بينما هي في الواقع تعمل عكس ذلك وتسعى ليل نهار لتحقيق أهدافها ومشاريعها الخفية التي تتعارض تماماً مع مشاريع السلام والتعايش..
والعدوان على غزة من حيث وحشيته والاستهداف المباشر (المركّز والممنهج) للسكان يأتي في سياق هذا التوجه الصهيوني الخبيث والذي يهدف من خلاله إلى تهجير سكان القطاع والسيطرة على الأرض وليس كما يدعي كذباً أنه رداً على عملية طوفان الأقصى والقضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس وغيرها من التبريرات التي لا يمكن تصديقها والدليل على ذلك اختيار مسرح عملياته العسكرية منذ البداية في المناطق الآهلة بالسكان وهذا ما يرجح فرضية التهجير وهو الهدف الخفي من هذا العدوان..
هذه هي إسرائيل وهذه هي سياستها.. لن تقبل بغير التوسع والمزيد من الاستيطان واختلاق المبررات تلو المبررات لشن الحروب داخل فلسطين وخارجها لتحقيق حلمها الموعود الذي يتجاوز سقفه كل التفاهمات ومشاريع الحلول المطروحة للتوصل إلى اتفاق سلام دائم على أساس حل الدولتين..
وعلى العرب والمسلمين أن يعوا ذلك جيداً وأن يدركوا تمام الإدراك أن هذا العدو العنصري الباغي لا تنفع معه الحوارات ولا يحسن قراءة إشارات السلام والتعايش والاستقرار لأن هذه المفردات بما تحمله من معانٍ عظيمة ليست موجودة في قاموسه الحافل بالمفردات المدمرة للحياة مثل الفتن، الحرب، القتل، الدمار، الخراب، الأسر، التعذيب، التنكيل، التهجير.. الخ..
وبالتالي فلا داعي لإضاعة الوقت في السير خلفه في متاهات السلام التي ليس لها نهاية، بل ينبغي العمل والاستعداد لمواجهته وفقاً للمبدأ الإسلامي بالعودة إلى الجهاد وإحيائه في نفوس الأمة، ولتكن البداية من الآن بحث المجاهدين على استهداف العدو ومصالحه حيثما وجد وتواجدت هذه المصالح عملاً بقول الله عز وجل "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ" وقوله جل شأنه "فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ" فخط الجهاد في سبيل الله هو الطريق الذي سيوصلنا إلى النصر على هذا العدو الفاجر وتحرير الأرض والمقدسات من دنسه..
أما طريق المفاوضات والحوار واستجداء السلام فلن تصلنا إلاّ إلى المزيد من الإستسلام والخنوع، فاختاروا أيها المسلمون طريق الجهاد فهو الطريق المؤدي إلى النصر والعزة والكرامة "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"
وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا