أخبار وتقارير

المعادن الخمسة وأهمية الاستفادة منها في الصناعات العسكرية .. توشيل: اليمن غنية بمعادنها ويمكن الاستفادة من هذه المعادن إلى مدى بعيد

المعادن الخمسة وأهمية الاستفادة منها في الصناعات العسكرية .. توشيل: اليمن غنية بمعادنها ويمكن الاستفادة من هذه المعادن إلى مدى بعيد

من المعلوم لدى الخاص والعام أن منبعي الثروة العامة هما الزراعة والمعادن

لذا تعتبر عملية التعدين في اليمن ظاهرة ارتبطت بالحضارات اليمنية القديمة وساهمت في نموها من خلال استخراج المعادن الاقتصادية المهمة من مناطق مختلفة في اليمن .
فثبت تاريخيا بان سكان اليمن كانوا الى جانب ريادتهم بالزراعة اثبتوا مهارة في التعدين واستخراج كثير ما حوته أرضهم الطيبة من معادن كالذهب والفضة والرصاص والحديد وغيرهما .

الشركات الأجنبية
مع تزايد الشركات الأجنبية المتعددة الجنسيات الطامعة في الحصول على امتيازات اقتصادية مع حكومة صنعاء خلال فترة العشرينيات من القرن المنصرم زار صنعاء تشارلز كرين خلال عامي 1926- 1927م وقد تردد على اليمن في زيارات متكررة بلغت ست زيارات مع معاونين له حيث قابل الإمام يحيى وانجز (كرين) جسر وادي لعا بمدينة حجة كما قدم للإمام يحيى بعض الهدايا كمضخات وطواحين الهواء والمجازف والبذور وكان يعتقد انها المدخل بهدف التوسع في التجارة الامريكية مع اليمن. ووظف كرين آخرين للتعاون معه في اليمن فوظف المهندس الأمريكي المستر توتشيل الذى أشرف على اعمال بعثة كرين في اليمن ومكث فيها 1928- 1929م ومسح طريق الحديدة – صنعاء وقدم دراسة للإمام يحيى عن المعادن والأحجار الكريمة الموجودة في اليمن وأبرزها ما تضمنه تقريره – الذي سنورد اغلبه نصا لأهميته الاقتصادية في مجال التعدين وكجزء من خارطة المعادن في اليمن . فالمعادن في اليمن ذكر اماكن تواجدها العديد من مؤرخون اليمن على راسهم الهمداني في كتابه ( الجوهرتين العتيقتين) وغيره من المؤرخين اليمنيين .
المستر شارلس كرين الأمريكي زار اليمن وخلال لقائه بالإمام يحيى اوفد بعض المهندسين على نفقته الخاصة ليساعدوا في تخطيط الطرق وفي البحث عن المعادن ولما وصلوا إلى صنعاء أمر الإمام يحيى عماله في جميع اطراف اليمن أن يجلبوا نماذج من المعادن الموجودة في مناطقهم فجلبوا منها شيئا كثيرا أعطاه الإمام إلى المهندسين وبعد ان درسها المهندسون درسا علميا فنيا قدم المستر توشل تقريرا مطولا عنها جاء ذكر ذلك التقرير في كتاب (رحلة في بلاد العربية السعيدة . ج1) لمؤلفه نزيه مؤيد العظم الذي زار اليمن في نفس تواجد البعثة الأمريكية آنذاك .

المعادن الخمسة
 (... قد تبين لى من فحص هذه الحجارة ان الأمل قوى جدا في الاستفادة من خمسة أنواع منها وربما تصلح هذه المعادن الخمسة لفتح مناجم خاصة بها وما وجودها الا دليل أكيد على وجود غيرها بجوارها ). فالمعادن الخمسة (كرافيت وموليبدينيت وهماتيت ونتراهدريت وميكا ) الأول يسمى الجرافيت ( كرافيت ) وهو ( الأبار عند العرب). فيما المعدن الثاني ويستعمل الموليبدينيت في صناعة أجود أنواع الفولاذ القاسي ويستعمل الهماتيت لاستخراج الحديد . (وهو حجر الشُورة حجر فيه نحاس ) ويحتوى النتراهدريت على النحاس والكبريت والانتيمون وبعض الاحيان توجد معه الفضة ومتى حللنا هذا المعدن تحليلا كيماويا ايتبين لنا موجوداته . وأما قطعة الميكا (الطلق) وهو شبيه بالذهب وليس ذهبا ومن اليمنيين من يسميه (البلق). واشار اليها توشيل في تقريره ( .... فهي مادة ترابية ناعمة براقة تبدو للعيان كالذهب الوهاج ولكنها مع الأسف ليست بذهب بل نوع من أنواع الميكا(طلق) وليست ذات قيمة صناعية أو تجارية أصلا . أن معدن الميكا متى كانت كبيرة الحجم فتجد أسواقا متعددة لبيعها وربما نتمكن اذا حفرنا بالقرب من المكان الذى وجدت فيه هذه القطعة ان نجد قطعا كبيرة وعلى كل الأحوال يتبين لنا من وجود هذه القطعة الصغيرة وجود كميات كثيرة منها ولا يمكن للناظر إلى هذه القطع من المعادن ان يعرف حقيقة ثمنها كما انه لا يمكن للناظر إلى بعض شعرات مسلوخة عن ذيل جواد .... ولكنها على أي كان يقدر منها قيمة ذلك الجواد ولكنها على كل الاحوال تعتبر دليلا على وجود المعادن ...)    
واضاف التقرير (... المعادن تحتاج إلى كشفها لاعين خبيرة مفتوحة تفرق بين الغث والسمين وهذا يتطلب مشاهدتنا هذه الأماكن عن كثب وعندئذ يمكنني أن أقول لجلالتكم ماذا يجب عمله للاستفادة من هذه المعادن . وربما احتاج في فحص هذه الأماكن إلى القيام بحفريات في بعض المواقع مدة أسبوع أو اكثر ....ومن البديهي أن كثيرا من المعادن توجد بكميات قليلة وهذه لا تقوم بنفقات استخراجها وانى سأكون سعيدا جدا إذا شاهدت هذه الأماكن بنفسي حتى اتمكن من تقديم تقرير شاف لجلالتكم عنها ) . (.. وبخصوص ما جلب لنا هو نوع أملس ناعم من الصخر يقال له (شلز) وهي تسمية انجليزية لصخر هو صلصال مورق وفي بعض الأحيان يوجد زيت الكاز في هذه الطبقة الصخرية ) .

زهر الكبريت
ويشير التقرير انه احضر لتوشيل اربع من القطع المعدنية. ( ... وقد وصلني من جلالتكم كيس صغير فيه أربعة أنواع من الأحجار المعدنية ويوجد في واحدة منها قشرة كبريتية واذا وجد وقود رخيص بقربها اي (حطب) فبوسعي أن أطلعكم على طريقة عملية سهلة يمكنكم بواسطتها ان تحصلوا على زهر الكبريت ويستعمل زهر الكبريت كما لا يخفى عليكم في صناعة البارود وفي قتل الحشرات المضرة التي تلحق بالكروم (العنب) . واذا سمحتم لي أن أشاهد المكان الذي جلبت منه هذه الأحجار فبامكانى ان اخبركم اذا كان يوجد حوله أفضل منه أم لا وأيضا أن أعلمكم اذا كانت الكمية الموجودة جديرة بالاهتمام ام لا . اما القطعة الحجرية المعدنية الثانية التي ارسلت من قبلكم هي (الجيريت) وهي ذات ذرات ناعمة ومسلوخة عن عرق كبير ويوجد فيها النحاس و(الكروميون) أحد معادن الحديد . ... راجيا أن تأمروا من يلزم بملء هذا الكيس والاستفهام عن المكان الذي جلبت منه هذه القطعة وعن عرضه وطوله وارتفاعه فاذا كانت الكمية الموجودة منه وافرة فيمكن أن يباع هذا المعدن في خارج اليمن من أجل نحاسه وحديده ).

صناعة الديناميت
 وبخصوص القطعة المعدنية الثالثة اشار التقرير ( ... اما القطعة الثالثة فهي معدن من معادن الحديد يقال له (بيريت ) ويوجد مع الحديد قليل من النحاس وانى مقدم لجلالتكم كيسا صغيرا راجيا ان تأمروا من يلزم كي يملأه من نفس المكان الذي جلبت منه هذه القطعة مع بيان طوله وعرضه وارتفاعه . ويستعمل هذا المعدن (بيريت الحديد) في صناعة حامض الكبريت الذى اذا خلط مع ماء النار والكليسرين ألف نوعا من أنواع المفرقعات القوية (ديناميت) ولكن قبل كل شيء يجب أن نشاهد المكان لنتحقق من الكمية الموجودة فيه لنعلم اذا كانت جديرة بالاستخراج ام لا اذ من البديهى ان المعادن لا تكون جديرة بالاستخراج ما لم يتوفر فيها اولا جودة النوع وثانيا كميته . وانى أرى من الضروري البحث في جوار هذا المكان الموجود فيه الحديد والتحري عن غيره من المعادن لأنه في كثير من الأحيان يوجد في ناحية واحدة اكثر من نوع واحد من المعادن. - اما بخصوص القطعة المعدنية الرابعة لم نجد اشارة لها فيما اورده المؤرخ نزية العظم .
ويختم تقرير المستر توشل بالقول ( ... ويظهر لي من جميع هذه النماذج المعدنية التي جلبت الي من أطراف البلاد أن اليمن غنية بمعادنها ويمكن الاستفادة من هذه المعادن إلى مدى بعيد ولكن يجب في بادئ الأمر البحث في جميع الجهات والتفتيش عن الأماكن التي توجد فيها المعادن بكثرة .

تقرير الصليف
وبعد ان قدم المستر توشل تقريره كلف بدراسة منجم الملح في شبه جزيرة الصليف التي تقع على شاطئ البحر الأحمر شمال محافظة الحديدة بمسافة 70 كم . وقد استغلها العثمانيون اقتصاديا حيث كانوا يستخرجون منه الملح بكميات كبيرة ويبيعونه في داخل اليمن وخارجها فقام المستر توشل بدراسة شبة جزيرة الصليف دراسة عملية وفنية وقدم للإمام يحيى تقريرا اضافيا في عشرين صفحة ومن اهم ما جاء فيه ان هذه المملحة عظيمة وعميقة جدا وملحها من أجود انواع الملح في العالم ويوجد بالقرب من هذه المملحة طبقات جيولوجية من أحجار (الشلز) وهذه تشير في بعض الأحيان إلى وجود البترول ولدى البحث وجد المستر توشل أنه ربما يوجد بترول في هذه الطبقات . وقد عاد توشيل إلى الولايات بالتنسيق مع الإمام يحيى وتباحث مع عدة شركات امريكية للتعاون بهدف الحصول على امتيازات لاستخراج الملح والمعادن في اليمن وقد لبت احدى هذه الشركات طلبه واوفدته الى اليمن لعقد اتفاقية مع الامام يحيى حيث عاد الى اليمن في اوائل عام 1929وقدم مشروع الاتفاقية للإمام بان مؤسسة (نقابة أمريكية) يمثلها وهي تسعى للعمل في مناجم ملح الصليف وقدم المستر توتشيل صورة هذه الاتفاقية مصحوبة بالفوائد الاقتصادية التي ستعود على اليمن في كافة المجالات لكن الامام يحيى رفض تلك الاتفاقية معللا ذلك بانه يخشى كثيرا ان يعقد أي اتفاقية مع الاجانب لان هذه الاتفاقيات ستكون يوما ما في جملة الاسباب التي تحدو بالأجانب الى التدخل في شؤون اليمن الداخلية .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا