في الذكرى الـ 59 لثورة 14 اكتوبر: الجبهة القومية .. من مسيرة الكفاح المسلح إلى التحرر والاستقلال ( الحلقة الثانية )
تعتبر ثورة 14 اكتوبر1963م ثورة وطنية تحررية ديمقراطية موجهة ضد الإمبريالية والرجعية والسلاطين أنها ثورة شعبية هدفها الرئيسي تحرير الشعب من طغيان وجبروت الاستعمار
والاقطاع قواها المحركة الفلاحون والعمال وفئات الكادحين الواسعة .
إن نضال الحركة اليمنية الوطنية عبر مختلف المراحل التاريخية الماضية هو جزء لا يتجزأ من تاريخ ونضال الشعب اليمني عبر التاريخ حيث أن التاريخ الكفاحي البطولي لشعبنا اليمني ضد مختلف الغزاة والمحتلين واخرهم الاحتلال البريطاني الذي جثم على صدر جنوب اليمن 129 عاما.
الجبهة القومية
في مايو 1963 م جرت في الجمهورية العربية اليمنية محادثات بين فرع حركة القوميين العرب وغيرها من المنظمات العلنية وغير العلنية في الجنوب اليمني وفي هذه المحادثات اتخذ قرار بأنشاء الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل على اساس الاعتراف بالثورة المسلحة كأسلوب وحيد وفعال للقضاء على الاستعمار . وفي اغسطس عام 1963م نشر البيان التأسيسي للجبهة القومية واعلنت بأنها مفتوحة لجميع انصار النضال المسلح فانضم اليها عند تأسيسها حركة القوميين العرب منظمة القبائل جبهة الناصريين التنظيم السرى للضباط الأحرار والجنود جبهة قبائل يافع التنظيم الثوري لتحرير الجنوب اليمني والجبهة الوطنية وفيما بعد أنظم الى الجبهة القومية منظمة فرق الطلائع الثورية العدنية ومنظمة شبيبة المهرة والمنظمة الثورية للجنوب اليمني المحتل واجتذبت الجبهة الى صفوفها الطلاب والمثقفين الثوريين والعمال ورغم ذلك لقد قضت الجبهة القومية الفترة بين إعلان تأسيسها في اغسطس 1963م حتى قيام ثورة 14 اكتوبر بممارسة عمل دعائي سياسي هام إلى جانب الاستعدادات العسكرية حيث بدأت الجبهة القومية بتدريب مجموعات من عناصرها لفترات قصيرة في معسكراتها في شمال اليمن الى جانب البدء بإدخال السلاح وإنشاء فرق عسكرية صغيرة كانت مهمتها تتركز في القيام بعمليات فدائية . اما في الجانب السياسي فقد بدأت الجبهة القومية نشاطا واسعا من خلال إذاعة تعز وصنعاء وصوت العرب. وقد حددت الجبهة القومية هدفين اساسيين للعمل المسلح.. الأول جلاء قوات الاحتلال الإنجليزي واسقاط الحكم السلاطيني العميل وتحقيق الاستقلال السياسي دون قيد او شرط ودون وجود قواعد عسكرية أجنبية والهدف الثاني حماية ثورة الشمال عن طريق اشغال الإنجليز في داخل الجنوب اليمني وعدم اتاحه الفرصة له لضرب النظام الجمهوري عبر دعمها للملكين وتحويل مناطق جنوبية قاعدة لهم للهجوم على شمال اليمن .وبعد مضى عام في مايو1964م نشرت الوثيقة الموضحة للخط السياسي واكدت الوثيقة على أن الجبهة القومية والتي كانت ولازالت ترى بأن النضال المسلح هو الطريق لحل قضية الجنوب اليمني وهى الممثلة لقوى شعب الجنوب اليمني المناضلة ورفعت الجبهة القومية المطالب ضمان حق تقرير المصير والقضاء على جميع القواعد العسكرية الأجنبية في الجنوب ومنح البلاد حريتها الكاملة.
الثورة في عدن
كان لنضال جماهير الشعب اليمني في الشطر الجنوبي بقيادة الجبهة القومية التي تبنت الكفاح المسلح وقادت حرب التحرير الشعبية حتى النصر معتمدة على جيش التحرير الشعبي في الارياف وفدائيي الجبهة القومية في عدن ونضال الحركة الجماهيرية والنقابية وعلى جيش الفلاحين في الارياف وللطلاب والشباب والمرأة مكان طليعي متقدم في غمرة النضال البطولي التي شهدته ارض جنوب الوطن وكما هو واضح فان الحملة العسكرية للمستعمر الانجليزية على ردفان وتكثيف القصف على القرى كان يستهدف حصر الثوار في نطاق الجبال ومنع اتساع الثورة أي جعلها نظيرا للعصيانات القبائلية كمثل السابق .وقد فطنت الجبهة القومية الى الامر فراحت تبحث عن اشكال مناسبة للتخفيف من هذا الضغط وذلك بالإسراع في فتح جبهات محاذية لجبهة ردفان لانهاك الانجليز والتخفيف من الضغط المسلط عليها ولإتاحة الفرصة امام توسيع وتطوير العمليات العسكرية وبالفعل تمكنت الجبهة من ان تنقل السلاح والذخائر الى العاصمة عدن لشن معارك عنيفة ضد القوات الانجليزية
فقد كان الاستعمار الانجليزي مطمئنا إلى ان أي عمل نضالي مسلح في مدينة عدن المحاطة بطوق عسكري ليس سهلا ان لم يكن مستحيلا بحكم الاهتمام الفائق الذى اولاه ساسة بريطانيا العظمي لهذه المسألة غير ان اندلاع الثورة المسلحة في منطقة ردفان بعد عام من ثورة 26 سبتمبر واستمرارها وتصاعد عملياتها الناجحة قد ازاحت هذا الاطمئنان ليحل محله الخوف والقلق والفزع بعد انتقال الثورة من الريف إلى داخل مدينة عدن والتي توجد بها الادارة السياسية والعسكرية للمحتل والشركات الاحتكارية والوكالات التجارية والصحف وغيرهما حيث بدأت تصحو وتقض مضاجع المحتل وبدا العالم يسمع عن ثورة مسلحة تحررية ضد الانجليز في عدن فلقد انتقلت ثورة 14 اكتوبر إلى الهجوم الكاسح ضد الاستعمار واعوانه.
الميثاق الوطني
وبعد انتقال الثورة المسلحة من ردفان إلى مدينة عدن معقل المحتل برزت امام الجبهة القومية مسألة وضع استراتيجية للنضال الثوري عبر عقد المؤتمر الأولى للجبهة القومية والذي جرت اعماله في مدينة تعز في الفترة من 22 - 25 يونيو 1965م واقر فيه الميثاق الوطني الذي أعلن أن ثورتنا تهدف ليس فقط إلى القيام القضاء على الاستعمار بل وتهدف إلى أجراء التغيرات الاجتماعية في بلادنا واحداث تغيرات جذرية في اتجاه السياسة الخارجية لذا فقد شكل الميثاق خطوة متقدمة في تحديده لطبيعة السيادة الاجتماعية والايديولوجية للثورة
فقد اكد الميثاق الوطني للجبهة القومية بأن النضال المسلح هو الوسيلة الأساسية لتحرير جنوب اليمن من نير الاستعمار الإنجليزي واكد الميثاق على أهمية تشكيل جيش العصابات الثوري المتميز عن الجيش النظامي . وحدد الميثاق الوطني التمسك بخط واهداف الثورة القريبة والبعيدة وفى مقدمتها الاستقلال السياسي غير المشروط وتصفية اجهزة الدولة القديمة وتغيير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بحيث يتمكن الشعب من خلالها السيطرة على ثرواته ووسائل الانتاج وانتهاج سياسة تحررية معادية للاستعمار والرجعية واشارت نصوص الميثاق الوطني ان الثورة الشعبية المسلحة التي اكتسحت جنوب اليمن كتعبير عن ارادة شعبنا كأسلوب أساسي للمقاومة الشعبية ضد الوجود الاستعماري ومصالحة وركائزه ومؤسساته المستغلة للشعب وباسم الشعب أعلنت الجبهة القومية بأنها لم ولن تتردد عن تنفيذ هذه الاهداف وسوف تواصل نضالها حتى النصر .
يوم المسيرة
وفي الفترة من 8- 11 يونيو 1966م عقد في مدينة جبلة المؤتمر الثاني للجبهة القومية وبشكل قاطع رفض المجتمعون اشراك السلاطين في نضال التحرر الوطني باعتبارهم اذنابا للمستعمر وعملاء للرجعية.
وفي الأول من يونيو 1966م جرت في عدن مسيرة واسعة ضد محاولة قادة جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل انشاء ما يسمى بالمجلس الوطني بدون مشاركة ممثلي الجبهة القومية واشترك في هذه المسيرة العمال والطلاب والنساء وممثلو المثقفين . وفي 9 يونيو وجه ما يقرب من مائة معتقل سياسي في سجن المنصورة بيانا أدانوا فيه نشاط جبهة التحرير الموجه ضد الجبهة القومية . واكد البيان على أن الجبهة القومية هي المنظمة الوحيدة في عدن وبقية جنوب اليمن والتي اخذت على عاتقها خوض النضال المسلح في مختلف مناطق الجنوب اليمني والمعبرة الوحيدة عن مصالح الشعب والمناضلة بحزم من أجل تحرير البلاد من نير المستعمر الإنجليزي هي الجبهة القومية .
وفي 14 اكتوبر عام 1966م وبمناسبة الذكرى الثالثة للثورة قادت المنظمات القاعدية للجبهة القومية مسيرات شعبية جماهيرية طالب المشتركون فيها بالانفصال الرسمي عن جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل واعتبر ذلك اليوم بـ( يوم المسيرة ) وهو تاريخ انفصال الجبهة القومية عن جبهة التحرير . وقد اكد ذلك رسميا من خلال المؤتمر الثالث للجبهة القومية الذي عقد بشمال اليمن آنذاك في نوفمبر 1966م وقد قيم المؤتمر قيام جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل كحركة انقلابية مضره بالثورة وكفاحها المسلح . لقد شكل المؤتمر الثالث للجبهة القومية مرحلة حاسمة في تطور الثورة في جنوب اليمن فبعد هذا المؤتمر اكتسبت الجبهة القومية مدى لها وطبيعة شعبية صادقة وفي المرحلة الأخيرة من الكفاح المسلح اصبحت الجبهة القومية هي المنظمة السياسية الوحيدة القائدة للنضال والكفاح المسلح ضد المحتل الانجليزي في جنوب اليمن .
فالمؤتمر الذي عقد من 29 نوفمبر – 2 ديسمبر 1966م اعلن رسميا الانسحاب من جبهة التحرير وحدد شروط واسس للوحدة الوطنية المطلوبة فكان ذلك من اخطر الاحداث التي جابهتها ثورة 14 اكتوبر المجيدة والجبهة القومية قبل الاستقلال فلولا الحس النضالي الثوري لدى قواعد وقيادة الجبهة القومية المدعومة جماهيريا لكانت الاوضاع قد نحت منحى آخر بعد الاستقلال فيما إذا تسلمت السلطة ( جبهة التحرير) التي تضم اولئك الذين وقفوا ضد الثورة منذ البداية وناصبوها العداء وشنوا عليها حملة إعلامية وسياسية واسعة بان جبهة التحرير ضمت اذنابا خدموا السلطات الاستعمارية وسلاطين عملاء والذين من اهداف الثورة تصفيتهم كذلك حزب الرابطة الانفصاليين الذين لا يؤمنون بوحدة الشعب والأرض اليمنية وهم عملاء للمحتل وللسعودية وحزب الشعب الاشتراكي الذي مزق الحركة النقابية وكان يحلم باستلام السلطة من الإنجليز الى جانب بعض الانتهازيين القياديين داخل الجبهة القومية الذين لعبوا دورا خفيا مع المخابرات المصرية لإعلان 13 يناير 1966م وارادوا ان يجهضوا الثورة وكفاحها المسلح بعد بروز خطها الواضح المتمثل بمضمون الميثاق الوطني
دعاة الانفصال
على الرغم من محاولة المستشرق الإنجليزي الفريد هاليداى في كتابه (العربية بدون سلاطين ) ان ينفى عن الإنجليز مسؤولية الانفصال غير انه وبالرغم من ذلك يعترف بأن الإنجليز وبدون شك شجعوا ودعموا تقسيم اليمن جنوبا وشمالا . وقد توزعت الولاءات السياسة والايديولوجية والتنظيمية فبعضها من صنع النظام الاستعماري كالجمعية العدنية وحزب رابطة أبناء الجنوب وحزب الشعب الاشتراكي جميعها رفعت شعارات انفصالية كالرابطة ومن سبقها كالجمعية العدنانية ( عدن للعدنيين ) فالرابطة انشئت بإيعاز من السلطات الاستعمارية وتحت إشراف مخابراتها والتي سبق وأن قامت بتشكيل (الجمعية العدنية) وكانت السلطات الاستعمارية تعتقد أنه برموز جديدة وأسماء جديدة ويافطات وشعارات براقة يمكن ان تنطلي على طلائع الحركة الوطنية مخططاتها الرامية إلى تكريس سيطرتها وحماية مصالحها الاقتصادية والعسكرية – فسياسة الاستعمار البريطاني ومخابراته في صنع احزاب سياسية وتكوين مليشيات مسلحة ترفع شعارات الانفصال نجدها اليوم بعدوان 2015م تعود للإحياء تلك النزعات الانفصالية والتي تخدم المستعمر والطامعين بارض جنوب اليمن عامة وحضرموت والمهرة وجزيرة سقطرى خاصة - .
عملاء الرياض
وفيما يخص رابطة الجنوب العربي فقد سارت قياداته على طريق الارتباط والعمالة مع السعودية خاصة فرع الرابطة بحضرموت وبمناسبة الدعم السعودي المتواصل وبانتظار انسحاب القوات البريطانية اعلنت رابطة الجنوب العربي عن تأسيس قوات مسلحة خاصة به وهذا بدوره أدى بدوره إلى منع نشاطات رابطة الجنوب العربي في اليمن الشمالي في 3 مايو 1966م وايضا في مصر بتاريخ 15يوليو .ِ وخلال مظاهرات بمدينة سيئون في 10 سبتمبر 1966م اشترك اعضاء رابطة الجنوب العربي مع المستعمر الإنجليزي في اطلاق النار على المتظاهرين وفي 12 سبتمبر في مدينة المكلا بحضرموت ايضا . وبهذا ازاح وبشكل نهائي القناع عن الوجه الحقيقي لرابطة الجنوب العربي وارتباطه بالاستعمار الانجليزي وبالسعودية لتحقيق اطماع الأخيرة بحضرموت والمهرة.
وخلال المواجهة المسلحة بين الجبهة القومية وجبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل باشرت القاهرة اواخر شهر سبتمبر 1967م جهودا جديدة للمصالحة الوطنية وتحت ضغط السعودية شكلت الجامعة العربية لجنة خاصة مؤلفة من خمسة اعضاء مهمتها ايجاد مصالحة وطنية وتحقيق الوحدة الوطنية في اليمن الجنوبي وتشكيل حكومة مؤقتة تتسلم السلطة من بريطانيا وهذا ما رفضته الجبهة القومية باعتبار جبهة التحرير السلاطين ورابطة الجنوب العربي والسلاطين والقوى التقليدية وغيرهم اذناب للاستعمار الإنجليزي وعملاء للرجعية السعودية
طريق التحرر والاستقلال
بخروج الجبهة القومية عن جبهة التحرير بدأت مرحلة جديدة من تصعيد العمل العسكري ضد القوات البريطانية ترافقت مع نشاط سياسي - جماهيري متميز كلله الأضراب العام الكبير الذي دعت إليه الجبهة القومية بمناسبة مرور 128 عاما على احتلال عدن . وامام اشتداد المقاومة المسلحة التي قادتها الجبهة القومية ضد المحتل الانجليزي في جنوب اليمن وتحويل مدينة عدن الى ساحة حرب ضد المحتل اضطر المستعمر البريطاني امام ذلك ان يعلن في 22 فبراير 1966م رسميا عن قراره بمنح عدن والمحميات الاستقلال في9 يناير 1968م وامام هذه الظروف عملت قيادة جبهة تحرير الجنوب اليمني بكل ما لديها من امكانيات لتعزيز نفوذها خاصة وان الحكومة الانجليزية نظرت الى الجبهة القومية كمنظمة ارهابية ولم يكن لدى الانجليز اي نوايا او مدخل للحوار مع الجبهة القومية او تسليمها السلطة. وفي البداية عرضت الحكومة الانجليزية تسليم السلطة في جنوب اليمن لحكام اتحاد الجنوب العربي واعده بدفع 60 مليون جنية إسترلينى خلال مدة ثلاثة أشهر .
لكن سير الاحداث في صيف 1967م واشتعال الكفاح المسلح التي قادته الجبهة القومية وانضمام الجيش للجبهة القومية غيرت واحبطت كل الخطط سواء لدى الاوساط الاستعمارية الانجليز او اطماع السعودية وحتى خطط جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل اذ ان نجاحات الجبهة القومية عسكريا وسياسيا والتفاف الشعب نحوها برهنت للجميع على انها هي الممثلة لتطلعات الشعب في جنوب اليمن وهي المهيأة لاستلام السلطة برحيل المستعمر الانجليزي .
فخلال الفترة ما بين 20 يونيو حتى نوفمبر 1967م نجحت قوات جيش التحرير التابعة للجبهة القومية سياسيا وجماهيريا وعسكريا في تحرير مناطق ردفان ولحج ودثينة وزنجبار ويافع العلي والسفلي والعوالق وبيحان وحريب وحضرموت والمهرة وفي نهاية نوفمبر كانت الجبهة القومية قد تمكنت من تحرير بقية المناطق الأخرى بما فيها جزيرة سقطرى .ولم تكتف الفرق المسلحة للجبهة القومية بتحرير مناطق الجنوب اليمني من المحتل الإنجليزي بل إنها قامت في ذات الوقت بإنهاء السلاطين المحليين لتستقبلهم الرياض كلاجئين - وان صح التعبير كعملاء وخونة لبلادهم وشعبهم فكأن مرتزقة اليوم لم يقرأوا التاريخ - وبذلك امتزج النضال من أجل التحرر الوطني بالنضال من أجل التحرر الاجتماعي .
وتوافقت الانتصارات الساحقة التي حققتها الجبهة القومية في صيف وخريف 1967م بالفترة التي شهدت فيها بريطانيا أزمة مالية حادة ومع نتائج العدوان الصهيوني لبلدان عربية واحتلال اراضيها بحرب 5 يونيو 1967م زاد من الشعور المعادي لبريطانيا في الوطن العربي عامة ومنها جنوب اليمن خاصة وانهارت سمعة ونفوذ بريطانيا وتضررت مصالحها الاقتصادية في المنطقة العربية . ونتيجة للظروف السياسية والاقتصادية المعقدة والمستجدات اضطرت الحكومة الإنجليزية إلى تقديم ميعاد منح الاستقلال للجنوب اليمن قبل موعده فبدأت المحادثات مع الجبهة القومية والتي كانت تسيطر في الواقع العملي على الوضع في جنوب اليمن – فالتي كانت بوصف بريطانيا ان الجبهة القومية منظمة ارهابية ها هي الان تحاورها لتسلم لها السلطة – وفي 14 نوفمبر عام 1967م أعلن وزير الخارجية الإنجليزي جورج براون بان إنجلترا على استعداد لمنح استقلال الجنوب العربي – هكذا تعتبر السياسة الاستعمارية البريطانية جنوب اليمن لتظهر هذه السياسة اليوم بعدوان 2015م من خلال اذنابهم من العملاء والمرتزقة والمليشيات التي صنعتها دول العدوان في محافظات جنوب اليمن - في 30 نوفمبر 1967 م وليس في 9 يناير 1968م كما كان مخططا له سابقا
وفي 21 نوفمبر 1967م التقى ممثلو الجبهة القومية في جنيف مع الوفد الانجليزي لإجراء المحادثات حول تسليم السلطة للحكومة الوطنية التي يستوجب عليها قيادة البلاد .ومن اجل تعقيد الموقف الدولي وكما هي طبيعة السياسة الاستعمارية البريطانية حيث قامت بنزع جزيرة كوريا موريا من جسم جنوب اليمن وتسليمها لسلطات مسقط عمان . وفي محادثات نوفمبر 1967م تقدم وفد الجبهة القومية بطلب تسليم الجنوب اليمني 100 مليون جنية إسترليني خلال مدة خمس سنوات كتعويض لاحتلالها أراضي الجنوب لمدة 128 عاما من قبل الاحتلال الإنجليزي.
وفي 28 فبراير 1967م وقعت بريطانيا والجبهة القومية اتفاقا وافقت بريطانيا بموجبه على استقلال جنوب اليمن وفي صباح الخميس 30نوفمبر 1967م أعلنت اليمن دولة مستقلة بعد أن كان أخر الجنود البريطانيين قد غادروها في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم 29 نوفمبر 1967م .