العملية التحذيرية لسفن وشركات نهب النفط.. رسائل ودلالات وأبعاد
بعد أن وصلت المفاوضات بشأن تمديد الهدنة الأممية إلى طريق مسدود نتيجة إصرار تحالف العدوان على تجزئة ملف الاستحقاقات والمطالب الإنسانية التي اشترطتها القيادة السياسية
في صنعاء لتمديد الهدنة لا سيما ما يتعلق بشرط صرف المرتبات الذي أرادت دول العدوان استثناء الموظفين العسكريين منه، وفي ظل استمرار دولتي العدوان السعودي الإماراتي ومن ورائهما أمريكا وبريطانيا في نهب ثروات البلد النفطية.. لم يعد أمام قيادة البلد الثورية والسياسية من خيار سوى خيار تنفيذ تحذيرها لدول العدوان من مغبة الاستمرار في نهبها لثروات البلد النفطية والغازية، ومن هنا جاء تنفيذ القوات المسلحة لضربتها التحذيرية لإحدى سفن العدوان التي كانت في طريقها إلى ميناء الضبة بحضرموت لنهب كمية كبيرة من النفط الخام.. المزيد من التفاصيل في سياق التقرير التالي:
رغم مد القيادة الثورية والسياسية اليمنية يد السلام الحقيقي ومنحها دول العدوان مخارج تحفظ لها ما تبقى من ماء وجهها وذلك من خلال توظيف المعادلات التي فرضها شعبنا في سبيل البحث عن فرصة تمكينه من حقوقه الكاملة في طول اليمن وعرضه وإنصاف مظلوميته وضمان سلامة أراضيه من البحر الأحمر حتى المحيط الهندي بما يحقق السلام العادل والكامل الذي يجنب شعبنا المعاناة والخسائر، ويجنب المنطقة ودول العدوان والعالم التداعيات المستقبلية التي قد تكون مزلزلة ومدمرة.
إصرار وتعنت أمريكي
في المقابل ما تزال الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمثل دولة القيادة المركزية لمنظومة دول الهيمنة والاستكبار العالمي مصرة على الاستمرار في تنفيذ استراتيجية إذلالها وإفقارها لشعبنا اليمني من خلال أعمال القرصنة والنهب لثرواته النفطية والغازية عبر موانئ المحافظات الجنوبية المحتلة، بواسطة شركات متعددة الجنسيات، غير آبهة باستحقاقات الشعب وحقه في الانتفاع بعائدات ثروات موارده السيادية، والتخلص من معاناة أسوأ كارثة إنسانية يعيشها نتيجة العدوان الغاشم والحصار الظالم المفروض عليه طيلة ثماني سنوات على التوالي..
وفي سياق سعيها لتغطية السوق الأوروبية العجز الحاصل في موارد الطاقة في تأمين عيش ورغد ورفاهية الأوروبيين على حساب إفقار وتجويع وقتل شعبنا اليمني، بواسطة الوكلاء الوظيفيين في دولتي العدوان والاحتلال السعودية والإمارات وأدواتهما المرتزقة في الداخل.. جاء تحرك السفينة النفطية سيئون التي كانت تحاول نهب كميات كبيرة من النفط الخام تقدر كميتها بأكثر من مليوني برميل عبر ميناء الضبة بمحافظة حضرموت.
مسوؤلية وطنية
إلى ذلك ومن منطلق الحرص والشعور بالمسؤولية الدينية والوطنية والاجتماعية والعسكرية والوفاء بواجب الدفاع عن ثروات وسيادة الوطن ومن أجل إتمام مساعي السلام العادل الذي يكفل ويصون حق شعبنا في التخلص من معاناته الإنسانية وعيش الحياة الكريمة وكذا حقه في الدفاع عن ثرواته وسيادة وطنه فقد جاءت رسالة قيادتنا الثورية والسياسية والعسكرية من خلال العملية التحذيرية التي نفذتها القوة الصاروخية والطيران المسير لمنع سفينة دول العدوان من تهريب النفط الخام عبر ميناء الضبة في محافظة حضرموت.
رسائل واضحة
وبالنظر إلى طبيعة تطورات وقائع وأحداث اللحظة الراهنة فقد حملت الضربة التحذيرية المسيرة رسالة تأكيد من قيادة شعبنا اليمني للعدو مفادها أنها لن تسمح أن يظل الوضع كما يريده ولن تقبل بهدنة لا تراعي حقوق شعبنا ولن تقبل بهدنة يستجدي فيها شعبنا ما هو حق له.. ولن تسمح أن تظل ثروات بلدنا مستباحة للأعداء ومرتزقتهم.
وهي كذلك رسالة تأكيد لكل الشركات النفطية الأجنبية التي لم تصغ لتحذيرات قواتنا المسلحة ولكل من لا يزالون يسعون لنهب ثروات وطننا أن قواتنا المسلحة حاضرة وقادرة على التعامل معهم وردعهم في أي مكان تواجدوا فيه من جغرافيا بلدنا الحبيب.
دواعي وأسباب
وفيما يتعلق بدواعي وأسباب تنفيذ العملية التحذيرية أوضح ناطق القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع أن السفينة النفطية خالفت القرار الصادر عن الجهات المختصة بحظر نقل وتصدير المشتقات النفطية السيادية اليمنية، وقال إن “الرسالة التحذيرية أتت منعاً لاستمرار عمليات نهب الثروة النفطية وعدم تخصيصها لخدمة أبناءِ الشعب في المرتبات والخدمات”.
وأشار العميد سريع إلى أن “الرسالة التحذيرية أتت بعد مخاطبة الجهات المختصة للسفينة وإبلاغها بالقرار استناداً إلى القوانين اليمنية النافذة والقوانين الدولية”، وأضاف أنه “تم التعامل مع السفينة بإجراءات تحذيرية حرصنا من خلالها على الحفاظ على سلامة وأمن البنية التحتية لليمن وأمن السفينة وطاقمها”.
وأكد العميد سريع “لن نتردد في القيام بواجبنا في إيقاف ومنعِ أي سفينة تحاول نهب ثروات شعبنا اليمني”، وتابع “بعون الله قادرون على شن المزيد من العمليات التحذيرية دفاعاً عن شعبنا العظيم وحماية لثرواته من العبث والنهب”.
وجدد العميد سريع التحذير لكافة الشركات بالامتثالِ الكامل لقرارات السلطة في صنعاء بالابتعاد عن أي مساهمة في نهب الثروة اليمنية.
وعلى ذات السياق جددت اللجنة الاقتصادية العليا دعوتها للشركات المحلية والأجنبية، إلى الامتثال لقرار منع نهب الثروة السيادية الذي اتخذ لصون حقوق الشعب اليمني، وإيقاف عمليات النهب الواسعة للثروة اليمنية وحرمان كافة أبناء الشعب اليمني من الاستفادة منها.
تفاصيل خاصة
وكان مصدر عسكري رفيع قد كشف عن تفاصيل خاصة بالعملية العسكرية التحذيرية التي نفذتها القوات المسلحة بمحيط ميناء الضبة النفطي بحضرموت، موضحا أن الضربة التحذيرية تعبر عن الدقة في اتخاذ القرار المناسب رغم ضيق الوقت، ومدى الاستعداد والجاهزية العالية لدى القيادة عسكرياً وسياسياً.
وقال المصدر:" إن التوقيت الزمني كان ضيقاً جداً والظروف الطبيعية في المنطقة التي يجب حمايتها من النهب كانت ظروفاً حرجة كون المسافات كانت قريبة من بعضها سواءً المسافة بين لسان الميناء والمنشأة النفطية، أو المسافة بين السفينة واللسان.
وأضاف أن هذه النقاط كان من الممكن أن تكون عائقاً أمام أي صانع قرار في تحديد الخيار المناسب وفي ظرف دقائق قليلة جداً لاتخاذ القرار وتفاصيله، غير أن الحكمة اليمانية تجلت لحظة اتخاذ قرار الأداة والطريقة والأسلوب الذي بموجبه يتم منع عملية نهب النفط، وبما يحفظ لليمن منشآتها النفطية، ويبقي البلاد أمام المجتمع الدولي بلداً مسؤولاً وقادراً على حماية نفسه وثرواته من دون التسبب بأي تهديد ملاحي.
وكشف المصدر إنه وفي غضون دقائق قليلة جداً تم تحديد نوع السلاح المستخدم لوقف عملية النهب وتحديد مكان الاستهداف، بما لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على أمن الملاحة الدولية، وعلى سلامة السفينة وطاقمها، وعلى المنشآت الوطنية النفطية وبالقدر الذي من خلاله تصل الرسالة التحذيرية، ويحقق الهدف من ثني السفينة عن مواصلة دخولها الميناء.
وأكد المصدر أن الخيارات كانت متعددة أمام صانع القرار خاصة فيما يتعلق بنوع السلاح الذي سيتم استخدامه هل طائرات مسيرة ومن أي نوع منها أم صواريخ باليستية أم مجنحة وتوقيت الإطلاق وزمن الوصول للهدف، إضافة إلى خيارات المكان المستهدف..
وأضاف المصدر: “أنت أمام تهديد لنهب ثروتك النفطية فهل تقصف المنشأة النفطية، أم السفينة أم الاثنين في وقت واحد، أم هناك خيارات أخرى؟
وبما أن السفينة متحركة فإنك يجب أن تختار بشكل دقيق جداً السلاح المستخدم والمناسب الذي سيصل للهدف الذي ستحدده وكل ذلك، وليس أمامك سوى دقائق قليلة جداً”، في حين لم يكشف المصدر عن طبيعة السلاح المستخدم في الضربة التحذيرية، لكنه أكد أن كل شيء كان جاهزاً للإطلاق سواءً صواريخ باليستية أو مجنحة أو طائرات مسيرة.
دلالات وأبعاد
ويرى عدد من الخبراء العسكريين أن الضربة التحذيرية التي نفذتها القوات المسلحة قد أظهرت قدرة على التحكم والسيطرة، وأظهرت حجم الكم المعلوماتي لدى قيادتنا العسكرية ، الأمر الذي سيمكنها في الأيام القادمة من فرض قواعد جديدة على الأعداء.
محللون سياسيون آخرون، رأوا أن هذه الضربة تمثل تحديا يتجاوز المعنيين سواء في عدن من المرتزقة أو السعودية والإمارات، وأنها رسالة تدعوهم للعودة إلى لغة العقل والحوار حول العناوين المطروحة والتي أساسها أن الثروة النفطية والغازية هي لصالح الشعب اليمني.
مشيرين إلى أن الضربة التحذيرية قد قطعت مسارا من السيطرة والنهب لسنوات، وأسست لقواعد جديدة، خاصة وهي تدرك أنه على ضوء تصرف الطرف الآخر ستأتي الخطوات القادمة.
مستوى عال من الاستطلاع
وفي السياق أكد الخبير الاستراتيجي والعسكري السوري محمد عباس أن الضربة تشير إلى مستوى عالٍ من الاستطلاع والاستخبارات اليمنية وقدرتها على كشف الأهداف، والأهم قدرتها على اتخاذ القرار في الزمان والمكان المناسبين.
ولفت إلى أن العملية التحذيرية تدل على فشل استطلاع أجهزة العدو من جهة، ومن جهة أخرى تكشف أن حالة الاستكبار التي تتميز بها القوى المعتدية على الشعب اليمني ما زالت ترافقها.
وقال عباس: "ندرك تماما أنهم يحاولون إحباط شعوبنا وتوسيع مساحات الضعف ويعتقدون أنهم قادرون على فعل ذلك، لكن الشعب اليمني والقوات المسلحة اليمنية وعلماء اليمن أثبتوا قدرتهم على إعادة إنتاج المعرفة، وتوظيفها"، مضيفا: أن إنتاج الطائرات المسيرة اليوم أمر يليق باليمن على المستوى البعيد.
وأشار إلى أن الطائرات المسيرة اليمنية تتمتع بدقة عالية، وقدرة على الوصول إلى أهدافها، واستطلاع أهدافها والتعامل مع هذه الأهداف، مؤكدا أن اليمن بات رقما صعبا في البحر الأحمر والمحيط الهندي والبحر العربي، وأن هذه الممرات البحرية باتت اليوم ضمن قدرة القوات المسلحة اليمنية.
خلاصة
وتبقى الخلاصة أن لكل بلد سيادته ونحن بلد ذو سيادة وما خرج شعبنا وضحى بخيرة أبنائه إلا من أجل صون سيادته وحريته وهذا ما يجب أن يفهمه الصديق والعدو، ولهذا لن يسمح أحرار الوطن بالعودة إلى الماضي وقواتنا المسلحة بفضل الله تعالى في أتم الاستعداد والجاهزية للتعامل مع الأعداء وقادرة على حماية كل شبر من يمننا الكبير.. وهذا ما يجب أن يفهمه الجميع.