رغم كل المؤامرات ضدها وتكالب العدوان لاستهدافها : ثورة الـ21 من سبتمبر.. شواهد الانجاز والإعجاز
لم تأت فجأة ولكن كان لها مقدمات فقد استفحلت مظاهر العجز الحكومي للنظام السابق وتعرضت مواقفها للسيولة المفرطة التي هددت بضياع البلاد وانهيار النسيج الاجتماعي..
وبدأت العديد من المظاهر الهشة تظهر على السطح ولهذا فإن المتغيرات الايجابية والأعمال البناءة تسعى إلى أن تعرض نفسها كمعادل موضوعي لتلك الحالات المنفلتة..
ومن هنا فان التحولات التاريخية التي تشهدها الأمم والشعوب بقيام ثورات تحررية تتفاوت وتختلف من حيث الإرهاصات التي ترافق سير قيام تلك الثورات والظروف المحيطة بها، وبالنظر لثورة الـ21 من سبتمبر 2014م فقد كانت المرحلة التي قامت فيها الثورة محفوفة بالمخاطر في ظل الصراعات التي تشهدها اليمن في أكثر من منطقة.. ولكن التحرك جاء متفهماً لمختلف الاوضاع والعمل على إيجاد معالجات آنية وضرورية..
« 26 سبتمبر »- ناصر الخذري
وبالعودة إلى ما قبل قيام ثورة 21سبتمبر فقد كانت المؤامرة العدوانية قد غرزت مخالبها في قلب القوات المسلحة لتعبث بقدراتها اللوجستية والتسليحية والتنظيمية بشكل مباشر وغير مباشر.. ومنها القوات الجوية والدفاع الجوي والقوة الصاروخية التي كانت أبرز المحددات التي عمل العدوان مبكرا على استهدافها وتدميرها بصور شتى.
وفي وسط هذه الفوضى الممنهجة والتدميرية التي سعت من خلالها قوى العدوان والاحتلال لشل القدرات الدفاعية للجمهورية اليمنية.
ثورة وطنية
كان يوم الـ21 من سبتمبر هو بداية ميلاد عهد جديد.. ثورة وطنية وشعبية التف حولها أبناء الشعب الذين استشعروا الخطر الداهم على سيادة وأمن واستقرار البلد فاندفعوا بقناعة لالتفاف حول الثورة ومبادئها.. ومنذ اللحظات الأولى لبزوغ فجر ثورة الـ21 من سبتمبر المباركة شعر أعداء اليمن التاريخيين من القوى الرجعية (نظام آل سعود) أن قيام هذه الثورة سيحد من تدخلهم المباشر على القرار اليمني وسينهي هيمنتهم الاستعمارية على اليمن التي سادت لعقود ماضية من الزمن.
عدوان كوني غاشم
وبتحالف عدواني مكون من 19دولة بادرت مملكة آل سعود بقيادة العدوان الغاشم على اليمن بشكل مباشر وغير مباشر, بهدف إجهاض الثورة الفتية ووأدها في المهد, وأمام اصطدام الثورة الفتية بهذا العدوان الغاشم والحصار الجائر شقت الثورة طريقها مستمدة وهجها وإرادتها من الهوية الإيمانية ومن هدي القرآن الكريم ورفعت شعارها (الحرية والاستقلال) لتخوض معركة منذ اليوم الأول لإعلانها متعددة الجهات والجوانب فمن الحرب العدوانية العسكرية الى الحرب الاقتصادية والسياسية وايضا الاجتماعية وكل ما رافقها من اساليب الحرب الناعمة والتضليل في سعي خبيث وسيئ لإفشال الثورة والقضاء عليها بأشكال وصور عدة.
مداميك قوية
ورغم كل ذلك أرست ثورة الـ21 من سبتمبر مداميكها القوية وصاغت أهدافها السامية بدماء الشهداء والجرحى من أبناء الشعب الذين تعرضوا لصور شتى من الجرائم التي طالت خلال 9سنوات من عمر الثورة الفتية.
كثيرة هي المنجزات التي حققتها الثورة في زمن الحرب العدوانية, لكننا سنفرد هنا مساحة للحديث عن منجز بناء الجيش الوطني الذي يعد أبرز نجاحات ثورة الـ21 من سبتمبر.
حينما نستعرض الأحداث التي سبقت قيام الثورة وما أعقبها من حرب شرسة شنت فيها عشرات الآلاف من الغارات الجوية لتشمل كل موقع ومعسكر تابع لقواتنا المسلحة, لتصل دول تحالف العدوان بما أقدمت عليه من كثافة الغارات والقصف إلى التوهم بأن أسلحة القوات المسلحة وخاصة القوة الصاروخية قد خرجت عن العمل إما بتعطيل متعمد ما قبل قيام الثورة أو بالقصف الموجه لمخازن أسلحة القوات المسلحة.
وعلى أكثر من جبهة على مستوى الداخل وما وراء الحدود ووفق نظرية خوض معركة النفس الطويل بدأت جبهات الصمود والبناء العسكري تدريبا وتأهيلا وتسليحا تعمل في خطوط متوازية لترفد جبهات القتال بالكوادر الشابة من الملتحقين بصفوف القوات المسلحة من أبناء الشعب الذين هبوا في زحف ثوري عظيم للتصدي للعدوان والدفاع عن السيادة الوطنية.
خطط عسكرية وتكتيك حربي
ووفق خطط عسكرية وتكتيك حربي اعتمد قادة القوات المسلحة على سياسة دفاعية وهجومية وفق مراحل متعددة بدأت بامتصاص الهجوم المعادي وحماية منشآت الدولة والقوات المسلحة والأمن وحفظ الأسلحة من الاستهداف المعادي, بشكل جنب اليمن كارثة خروج السلاح إلى أيدي الجماعات الإرهابية (القاعدة وداعش) اللتين كان العدوان يهدف إلى وصول الأسلحة إليها لسفك الدماء وضياع الأمن والاستقرار, هذه واحدة من النجاحات التي حققتها الثورة في اللحظات الأولى.
في حين تشرف قيادة الثورة والقوات المسلحة على خوض جبهات الدفاع عن الوطن والشعب وحشد المجاهدين في ميادين التعبئة العامة والنفير العام الذي مد الشعب من خلاله القوات المسلحة بالرجال والمال والسلاح وقوافل الدعم الشعبي المتنوعة التي مثلت جسرا ومددا قويا أسهم في تعزيز الانتصارات الكبيرة.
ونحن نحتفل بالثورة في ذكراها التاسعة تستوقفنا محطات هامة تحققت للقوات المسلحة نستعرضها بشكل موجز وفق صنوف وتخصصات القوات المسلحة.
أولا- القوات الجوية:
استطاعت قيادة الثورة أن تحيد الطائرات المقاتلة مثل المروحيات وميج29 من استهداف العدو رغم كثافة الغارات الجوية المركزة وكذا العمل على التحوير والتطوير والتصنيع للصواريخ ذات المديات القريبة والمتوسطة والبعيدة إلى جانب الحفاظ على الكوادر البشرية من الطيارين والفنيين والخبراء والمهندسين اليمنيين.
توسع مجال التدريب والتأهيل واكتساب خبرات جديدة ورفد القوات الجوية بدماء جديدة أسهمت في تعزيز مستوى الأداء واسناد جبهات القتال بالدعم بالضربات الموجعة التي وجهتها القوات الجوية لتجمعات ومراكز العدو ومرتزقته في مناطق عدة على مستوى جبهات الداخل والخارج وكانت البداية بتدشين ضربة دقيقة بصاروخ نوع توشكا للقوات الإماراتية في مارب.
تغيير أماكن التمركز المعتادة بأماكن جديدة وتمويه عمل على تتويه العدو والمرتزقة ومكن القوات الجوية من توجيه ضربات نوعية على أكثر من محور وجبهة وتحققت هزائم كبيرة للعدو لم يكن يتوقعها.
الطائرات المسيرة:
دخول الطائرات المسيرة بأنواعها الهجومية والاستطلاعية للعمل ضمن منظومة القوات المسلحة مثل تحولا كبيرا في تعزيز القدرات الدفاعية للجمهورية اليمنية وحقق نجاحا غير مسبوق في تغيير موازين القوى وضرب أهداف حساسة في عمق العدو.
تواصلت التطورات والصناعات النوعية لأجيال من الطائرات المسيرة المتعددة الأشكال والاحجام والقدرة التدميرية التي تحققها في إصابة الأهداف المعادية.
تكمن قوة وأهمية سلاح الطيران المسير بأنه مثل سلاحا فتاكا وسلاح العصر الذي أربك العدو وشل قدراته الدفاعية من منظومات ثاد وباتريوت الأمريكية التي باتت سلاحا تقليديا غير مهيأ لصد هجمات الطيران المسير التي تطير على مستويات منخفضة وتدمر أهدافها بدقة عالية بعيدا عن الرصد وتتبع الرادارات.
مثل سلاح الطيران المسير سلاح ردع استراتيجي وباتت كثير من الدول العظمي تستلهم تجربة القوات المسلحة اليمنية في ضرباتها الدفاعية التي حققت نجاحات غير مسبوقة.
ولا تزال التطورات ومجالات التصنيع مستمرة للجديد من الطائرات الحربية المسيرة.
امتلاك القوات الجوية والطيران المسير خبرات وكوادر ومهندسين ذوي كفاءة عالية مثل أيضا ركيزة أساسية في الكفاءات العسكرية اليمنية التي بها كسر الحصار العسكري على بلدنا.
القوة الصاروخية:
الصواريخ الباليستية كان الهدف الأبرز والأهم في شن غارات العدوان الأولى على معسكرات القوة الصاروخية التي استهدفت بقنابل أمريكية تدميرية شهد سكان العاصمة قوة ضربتها التدميرية المتوالية في كل من عطان ونقم وكثير من المخازن التي استهدفت بشكل عنيف ومتواصل.
ومن تحت الركام تم تصنيع أجيال من الصواريخ الباليسيتة ذات المديات المختلفة واستطاعت أن تشكل إلى جانب الطيران المسير سلاح ردع استراتيجي أرعب العدوان في أي مكان يحاول التحصن فيه حتى ان ضربات القوة الصاروخية وصلت إلى أبعد نقطة للأهداف العسكرية في عمق مدن دول تحالف العدوان.
ولا شك أن العروض العسكرية التي أقيمت العام المنصرم في كل من ساحات العروض في الحديدة وصنعاء ومارب وغيرها من ميادين القوات المسلحة وما أظهرته من صواريخ باليسيتة قد جعلت العدو يعيد التفكير كثيرا في الخروج من الورطة التي دخل فيها في عدوانه على اليمن.
وخلال فترة العدوان المقدرة بعمر الثورة تمكنت قيادة القوات المسلحة من تحييد كثير من أسلحة الردع الصاروخي بل واضافت اليها اجيال من الصواريخ المجنحة التي دخلت الخدمة ضمن منظومة القوة الصاروخية التي مثل القوة الضاربة بيد الشعب.
ثانيا- القوات البحرية:
الوجهة البحرية الواسعة لليمن مثلت نقطة الضعف للأمن القومي اليمني على مر العصور فكانت السواحل والممرات المائية هي الثغرة التي ينفذ منها الغزاة والمطمع الأول للمحتل, السواحل الطويلة التي تزيد عن 2500كم والموقع الهام لمضيق باب المندب والجزر اليمنية في البحر والاحمر والبحر العربي مثلت اطماع للغزاة منذ ما قبل الاسلام ابان الغزو الروماني وحتى اليوم.
ولتأمين الملاحة في البحر الأحمر والدفاع عن المياه الإقليمية.. شهدت القوات البحرية في عهد الثورة المباركة نقلة نوعية في مجال التسليح والتدريب والتأهيل بشكل جعلها قادرة حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر وتأمين السيادة البحرية والحفاظ على الثروة الوطنية من النفط والغاز واجبار كثير من سفن العدوان القادمة لنهب النفط على المغادرة.
وكانت القوات البحرية قد دشنت العام المنصرم دخول صواريخ جديدة مثل "البحر الاحمر ومندب1 ومندب2" وكثير من الصواريخ البحرية والزوارق الحربية.
وكان وزير الدفاع قد أكد خلال لقاء سابق له بقيادات القوات البحرية أن القوات البحرية أصبحت تمتلك الكثير من القدرات العسكرية النوعية، التي تعتبر أداة فاعلة ستؤدي بقوى العدوان، إذا ما قررت القيام بعمل عدائي في المياه الإقليمية إلى هزيمة نكراء وستكبدها خسائر مهولة بسفنها وبوارجها وعدتها وعتادها، وبشكل غير مسبوق في تاريخ المعارك البحرية المعاصرة.
وفي هذا السياق تتواصل أعمال التدريب والتأهيل وتطوير منظومة التسليح للقوات البحرية بشكل مستمر لمواكبة التطورات في تسليح القوات البحرية لتقوم بمهامها الوطنية في حماية السيادة البحرية وتأمين الملاحة في البحر الأحمر.
ثالثا- القوات البرية:
كغيرها من صنوف القوات المسلحة شهدت القوات البرية نجاحات وإنجازات متعددة سواء على مستوى المشاركة الفاعلة في معركة التصدي لتحالف الشر والعدوان أو مجالات التدريب والتأهيل وتخريج كثير من الدفع والدروات التخصصية على مختلف أسلحة القوات البرية.
وشهد مجال التدريب والتحوير وصناعة الأسلحة المتوسطة والخفيفة والثقيلة تطورا ملموسا وكان له أثر فاعل في التجارب الميدانية خلال خوض معركة الدفاع السيادة الوطنية في مختلف جبهات التصدي لقوى تحالف العدوان والمرتزقة.
رابعا- الكليات والمعاهد العسكرية:
وفي جوانب التدريب والتأهيل العلمي التخصصي في الكليات العسكرية (الحربية, البحرية, الطيران والدفاع الجوي) استقبلت الكليات الطلاب وعملت على تخريج عدد من الدفع العسكرية في أشد الظروف في ظل استهداف العدوان الذي طالت غاراته الجوية مرافق الكليات العسكرية التعليمية تم تخريج عدد من الدفع والتي مثلت رافدا قويا وحيويا للقوات المسلحة وعززت صمود وثبات المرابطين في جبهات القتال وتحقيق الانتصارات النوعية.
خامسا- المعلومات الاستخبارية:
وفي جوانب أخرى من التخصصات النوعية لقواتنا المسلحة في جوانب الاستطلاع والرصد والحصول على المعلومات كان للاستخبارات العسكرية الدور الهام في الحصول على المعلومات ومراقبة تحركات العدو في المياه الإقليمية وفي المناطق البرية داخل المناطق المحتلة وفي عمق دول العدوان , هذه المعلومات النوعية مثلت اساساً مهماً من اسس نجاح الضربات النوعية التي وجهتها قواتنا المسلحة لتجمعات وتحركات العدو واسهمت في تحقيق الأمن للوطن والشعب وافشال كثير من مخططات ومؤامرات العدو ومرتزقته .
كثيرة هي النجاحات التي تحققت لثورة الـ21 من سبتمبر الخالدة خلال 9سنوات من عمرها ولا تزال النجاحات تتولى وقد استطاعت القيادة الثورية أن تقود معركة الدفاع عن الوطن والشعب بإيمان قوي وعزيمة لا تلين, هذا الثبات والصمود جعل للقيادات الوطنية في صنعاء الحضور والثقل على الساحتين السياسية والعسكرية على مستوى المنطقة والعالم.