قراءة موضوعية حول التغييرات الجذرية وإصلاح المؤسسات
عبدالله الزعكري /
ان قوى الاستكبار العالمي المتمثلة بأمريكا قرن الشيطان والعمل الدؤوب من الصهاينة اليهود ضد أمتنا ومحاربة شعبنا عبر عملائهم وهدفهم المنشود هو بقاء امتنا في حالة ركود تعمل بدساتير موضوعة
وحكومات جاءت لتجهز على شعبها وجيوش أنشئت بلا عقيدة ونحن كثيرا ما نتعرض لمواقفَ، تُجرحُنا، وتدمرُنا، لكننا لا نتعظ، ونرجع إلى مَنْ كانوا هم سببَ الأذى، والمهانة لنا، وفي كل مرة يقتلون جزءًا منا، ومن ثم يدمروننا بالكامل.. فلنتعامل معهم بالعقل، والمنطق، وليس بالعواطف، والمشاعر؛ حتى لانُلدغَ من الجحر مرتين!!
# لنتفق أن الأسوياء من البشر يسعون دائما إلى تحسين أوضاعهم، وأحوالهم بشكل مستمر ما داموا على قيد الحياة، ولكن هناك قاعدة ربانية: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: 11). نعم، حتى يغيروا هم ما بأنفسهم!
#كثير من الناس يستشعرون أنهم بحاجة ماسة إلى التغيير، ولكن الغالبية ينتظرون المعجزة، أو الأمر الخارق، الذي سوف يأتيهم، ويغير واقعهم إلى الأفضل من: (جيل جديد، أو حاكم قوي، أو رجل مُخَلِّص، أو دولة عظمى، أو حكومة جديدة قوية… إلخ)، وان شاء الله يحدث ذلك، ولكن السنة الكونية تقول: إن التغيير الحقيقي، وطريق أي إصلاح يجب أن يبدأ من الداخل.
-التغيير في أبسط صوره يعني: التحرك من الوضع الحالي، الذي نعيشه الى وضع مستقبلي أكثر كفاءة، وفاعلية؛ فالتعبير هو تلك العملية، التي نتعلم فيها، ونكتشف الأمور من خلالها بصورة مستمرة.
- توجد مجموعة من الخصائص، والسمات، التي يتميز بها التغيير، وهي:
1. الإلزام، والحتمية: أي إنّ التغيير أمرٌ لا بد منه؛ لذلك يعد من الأشياء الضرورية في حياة الإنسان، فلا تبقى الأشياء على حالها فترة زمنية طويلة؛ لأنه من الضروري أن تتغير نحو الأفضل، حتى لا يؤدي عدم تغييرها إلى زوالها مع الوقت. فيجب على الفرد مواكبة التغيرات، والتحديات؛ فالأوضاع لا يجب أن تظل كما هي فترات طويلة، بل يجب أن تتبدل، وتتطور، وتذهب دائما إلى طريق أفضل، ويتحقق له ذلك عبر التغيير.
2. التطور، والتقدم: أي إنّ التغيير وسيلة من وسائل الارتقاء نحو الأفضل، فيحافظ على انتقال الشيء من مرحلته الحالية، إلى مرحلة أكثر تطورا.
3. الاستمرارية، أي إن التغيير عملية مستمرة، سواءً اعتمدت على تخطيط مسبق، أو على التأثر بالظروف، والعوامل المحيطة بالمجتمع؛ لذلك يصنف التغيير في ضمن مفهوم الظواهر دائمة الحدوث. فعملية التغيير من العمليات المستمرة سواء إن كانت هذه العملية اعتمدت في خلالها القيادة على تخطيط مسبق أم لا.
4. الشمولية: تطبق هذا الخاصية عادةً في المجالات العملية، التي يرتبط التغيير فيها بالتبديل الشامل لكافّة المكوّنات الخاصة بشيء ما، ومن الأمثلة على ذلك: قيام شركة تجارية بتغيير تصميم المنتج الخاص بها بشكل شامل، حتى يظهر كأنّه منتج جديدٌ عندما يتمّ طرحه في الأسواق، فيجب أن يشمل التغيير كافة المجالات، ولا يقتصر على مجال واحد فقط، أو جانب واحد فقط في حياة الإنسان؛ فالتغيير يُحدِث تبديلًا شاملًا، فمثلا إذا قامت إحدى الشركات بتغيير منتج ما، فإنها تقوم بإحداث تبديل شامل لجميع مكوناته.
- إدارة التغيير، وخصائصها:
إدارة التغيير: المحرك الأبرز لمواجهة المستجدات، وإعادة ترتيب الأوراق؛ بهدف الاستفادة من كل نقاط القوة، وحتى نقاط الضعف التي تساعد على التغيير الإيجابي، ومحاولة تجنب العوامل الخارجية، والداخلية التي تؤثر سلبيا في إحداث التغيير.
خصائص إدارة التغيير:
إن عملية إدارة التغيير يجب أن تتميز بمجموعة من الخصائص، التي يجب أن تتصف بها؛ لكي تحقق التغيير كما تريد قيادة الثورة، وهي:
* الاستهدافية: يعد التغيير حركة للتفاعل الذكي لا يحصل بشكل غير منظم، أو بشكل ارتجالي، بل يتم من خلال إطار حركة تكون منظمة تتجه إلى هدف المعلومة، والمواقف عليها، ومقبولة من قوى التغيير.
* الواقعية: يجب أن يكون هناك ارتباط بين إدارة التغيير بالواقع الحقيقي، الذي تعيش فيه الدولة خاصة وبلادنا تعيش في حالة حصار خانق وعدوان همجي، وعلى أن يكون في ضمن إمكاناتها، ومواردها، والظروف التي تمر بها.
* التوافقية: يجب أن يكون هناك قدر ملائم من التوافق بين عملية التغيير، وبين الرغبات، والتطلعات للقوى المتنوعة لعملية التغيير.
* الفاعلية: يتوجب أن تكون إدارة التغيير فعالة، أي: أن تلك القدرة على الحركة بشكل حرّ ملائم، وتملك القدرة على التأثير في الآخرين، وتوجيه للقوى العاملة في مؤسسات الدولة، والمحافظات والقضاء والهيئات الإدارية المستهدفة للتغيير.
* المشاركة: تتطلب إدارة التغيير إلى التفاعل الإيجابي، والطريقة الوحيدة للوصول إلى ذلك هو المشاركة الواعية لقوى التغيير، وأطرافه، التي سوف تتأثر بعملية التغيير، والتفاعل مع قادة الدولة.
* الشرعية: يجب أن يتم التغيير في الأطر الشرعية، والأطر القانونية، والأخلاقية في وقت واحد.
* إصلاح الاوضاع: حتى تنجح إدارة التغيير يجب أن تتصف بالإصلاح، والمقصود يجب أن تسعى إلى تحقيق الإصلاح لما هو موجود من عيوب، وعلاج كل ما هو موجود من مشاكل في أجهزة الدولة.
* القدرة على التطوير، والابتكار: يجب على التغيير أن يعمل على معرفة إمكانية التطوير أفضل ممّا هو قائم في الوضع الحالي، أو مستخدم حاليًا؛ فالتغيير يعمل نحو الرقي، والتقدم، وإلا سوف يفقد مضمونه، وتفقد الأمة الثقة.
* إمكانية التكيف السريع مع الأحداث سواء" كانت الدولة في حالة السلم او الحرب.
يعد مراحل التغيير في ثلاث مراحل رئيسة، هي:
1. مرحلة إذابة الجليد، أو إسالته: وفي خلالها تسعى قيادة الدولة إلى التحرر من الممارسات الحالية الموروثة من النظام السابق، التي لم تعد مسوغة، ومن الافتراضات، والأساطير الشائعة في أجواء العمل؛ بتهيئة الأفراد، الذين يشملهم التغيير إلى تقبل التغيير بعد إشعارهم بأهميته، فقبل تعلم أفكارٍ وثقافة قرآنية واتجاهاتٍ عملية، وممارسات جديدة لكيفية الإدارة بصدق وإخلاص ينبغي أن تختفي الأفكار المغلوطة، والاتجاهات الفردية، والممارسات الحالية للفاسدين؛ ومما يساعد على إذابة الفوارق ـ اختفاء السلوك الحالي ـ الضغوط البيئية الخارجية، والاعتراف بوجود مشكلة ما، والاعتراف بأن قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي- يحفظه الله- لديه أفكار جديدة وتوجهات إيمانه حقيقية لإصلاح أحوال الأمة.
2. مرحلة التغيير: يمثل تنفيذ التغيير المرحلة المحورية؛ إذ يتم وضع التغيير المخطط حيز التنفيذ؛ وذلك بحسب مجال التغيير، وتتطلب هذه المرحلة فترة زمنية ليست بالطويلة؛ لأنها تهدف إلى إحلال أفكار جديدة، وطرائق عمل بديلة، تحل محل تلك، التي تمت إذابتها، أو استبعادها وان شاء الله تستطيع القيادة تجاوز هذه الفترة الزمنية في أقل وقت.
وفي هذه المرحلة يتعلم الفرد أفكارا، وأساليب، ومهارات ومعارف جديدة، بحيث يسلك الفرد سلوكا جديدًا، سلوكا قرآنيا وبذلك يؤدي عمله بطريقة جديدة، أي: أنه يتم في هذه المرحلة تغيير، وتعديل فعليين في الواجبات، والمهام، أو الأداء، والتقنيات، أو الهيكل التنظيمي للدولة بشكل عام، ويصاحب هذه المرحلة الإرباك، والتشويش، ومزيج من الشعور بالأمل، والقلق.. وتعد هذه المرحلة الخطوة الأصعب، والأعقد؛ بسبب ما يرافقها من تداخل الجديد مع القديم، ومن تمسك البعض بما اعتادوا عليه عن قصد، أو من دون وعي.
3. مرحلة التجميد، أو التثبيت: حيث لا يكفي تنفيذ التغييرات، بل من المهم جدا حماية ما تم إنجازه، والحفاظ عليه، وعلى المكاسب الناتجة عنه؛ وذلك عن طريق التقويم المستمر لنتائج عملية التغيير، ومتابعتها؛ للتعرف على ردود الأفعال، والمحافظة على استمرارية التغيير؛ عن طريق بناء درجة عالية من الالتزام للأفراد المسؤولين والقادة، وتوفير البيئة اللازمة لاستقرار النشاط، والوضع، الذي تم تغييره.
ويتم تحقيق هذا الأمر من خلال مبدأ الحساب والعقاب، وإتاحة الفرصة للعاملين؛ لإظهار السلوك، أو الاتجاه، كما يمكن استخدام التدريب الإضافي، لتدعيم السلوك المرغوب، بحيث تصبح الاتجاهات، والمعارف، والمهارات، والأنماط السلوكية الجديدة ثابتة، وراسخة.
- متطلبات التغيير في الدولة والحكومة تتمثل في الآتي:
* الحاجة إلى التغيير: تظهر الحاجة إلى التغيير عندما لا يكون قادة الثورة راضين عن الإنجاز الحالي؛ إذ تظهر مشاكل على شكل فجوة بين الإنجاز الحقيقي، والإنجاز المرغوب فيه.
* الفكرة: وهي طريقة جديدة لعمل الأشياء، وقد تكون الفكرة أنموذجا، أو مفهوما، أو أسلوبا جديدا لإدارة الأفراد المسؤولين، ويتم تشجيع الأفكار؛ بواسطة الإبداع، والحرية، وترتبط الفكرة بالحاجة قبل اتخاذها. ويجب أن تحتوي الفكرة على احتمال تقليص عدم الرضا، الذي يشعر به قادة الدولة.
* اتخاذ الفكرة: يحدث عندما يختار قائد الثورة السيد عبدالملك الاستمرار بالتوجيهات بتغيير جذري على مراحل يبدأ بالحكومة والقضاء، وتجاوب المجلس السياسي الحاجة إلى قرار من مجلس الادارة؛ لاتخاذ حالة تتمثل في تغيير الحكومة، في حين تبرز كحاجة ملحة لإصلاح أوضاع البلد.
* التنفيذ: يحصل التغيير الان في وقت عصيب بالرغم لما تقوم به أجندة العدوان ومرتزقتهم من حرب إعلامية وتحريض وزرع الخلافات ولكننا على ثقة كبيرة بقيادتنا القرآنية، والتي تتخذ سلوكا جديدا، والتعاطي مع المتغيرات والثقة الكبيرة بالله تعالى وتوفيقه بنجاح التغيير.
* الموارد: لا يحدث التغيير مالم تتوافر طاقات بشرية، ونحن ولله الحمد الشعب اليمني مليء بالطاقات.. لاشك في أن التغيير ضروري في كل الأحوال والأزمنة، حتى لو كانت الدولة في وضع جيد، وتحقق أهدافها بجدارة؛ فنظرا إلى كون تلك الأهداف وضعت في ظروف معينة، وهي ليست ثابتة، فلابد على الدولة من أن تساير عدم الاستقرار في البيئة؛ بإجراء التغيير بشكل مستمر؛ حفاظا على ريادتها، وعلى مستواها العالي في الأداء.
من جهة أخرى، لا يمكن للدولة أن تنتظر ظهور علامة معينة، أو تحقيق نتائج معينة؛ حتى تشرع في التغيير، كأن تنتظر حدوث عدم رضا العاملين والمتنفذين، أو تراجع الأداء الوظيفي، والركود في عملية التنمية، والنتائج غير المرضية لعمل أجهزة الدولة؛ إذ لابد من تأتي لدينا قناعة أن التغيير ليس لحل المشاكل فقط، أو تجاوز نقاط الضعف، بل هو ـ أيضا ـ يهدف إلى تنمية النتائج، وتحسن نقاط القوة؛ لأنه من لا يتطور لابد من أن يأتي عليه يوم ليتبدد.
#مفهوم التغيير: عملية تؤدي إلى إنتاج مجموعة من الأشياء، أو من الأحداث، التي يستقر بها الوضع مكان الأشياء القديمة؛ فهو استجابة إلى مجموعة من العوامل التي تؤثر في شيء ما، ومن ثم تؤدي هذه العوامل إلى حدوث التغيرات من الحالة، التي يوجد عليها الشيء إلى حالة متقدمة بشكل أكبر.
#هناك كثير من الدوافع، والأسباب تقف وراء التغيير في الدولة؛ مما يعني أن التغيير ليس عملية عشوائية، أو عفوية تحدث من دون أسباب، أو مسوغات، وإلا أدى ذلك إلى فشله. وإن التغيير الناجح هو الذي يقوم على أسبابٍ، أو مشكلاتٍ، أو أهدافٍ يُرجى تحقيقها؛ دفعته إلى التغيير، وتنقسم دوافع التغيير، وأسبابه إلى دوافع داخلية، وأخرى خارجية، ومن أهم هذه الدوافع هي الآتي:
* تمكين الكفاءة، والفعالية، وحسن استخدام الموارد المتاحة.
* في التغيير استجابة لتحقيق الذات، والتميز، والنجاح في الحياة؛ وهذا ما يسعى إليه كل إنسان بأن تكون له قيمته، ووزنه، ونجاحه بين الناس، فإن أقدم على عمل نفع به غيره من البشر، حاز خيري الدنيا والآخرة؛ فهو بذلك حقق ذاته، ونجاحه في الدنيا، والفوز برضا الله، وثوابه في الآخرة، يقول أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب عليه السلام: (قيمة كل امرئ ما يحسنه).
* التحسين، والتطوير: تحسين الأداء، وتطويره؛ لمواجهة ما تتعرض له الأمة من حملة شرسة لاستهداف مقدساتنا وديننا، ومحاربة رموز الأمة، والمحافظة على الهوية الإيمانية.
* مشاكل واقعية، أو مفترضة/ التخلص من المشكلات: فوقوع الإنسان في مشكلةٍ، يجعله يقف حائرا لا يعرف ماذا يفعل، وفي أي اتجاهٍ يسلك، ويكون حل هذه المشكلات هو التغيير؛ الذي يشكل نقطة الانطلاق.
* الاستفادة من الطاقات، والقدرات المبدعة، الموجودة في الوطن.
* كسر الروتين، ومحاولة تنشيط دور مؤسسات وهيئات الدولة، وتفعيلها. *
* الاستجابة لدماء الشهداء التي سالت من أجل العدالة والحرية والكرامة والمساواة.
* إصدار قوانين، وتشريعات حكومية جديدة، تواكب المتغيرات الإقليمية والعالمية وتتناسب مع الأوامر الإلهية في القرآن الكريم.
* ازدياد الضغوطات المحلية للمستضعفين بعيش حياة كريمة وينسجم مع مبدأ العدل.
* محاربة الوصاية وقوى الاستكبار العالمي الأمريكي الصهيوني وأذرعها والعاملين بالوكالة من المنافقين والذي يتهمون قيادتنا وشعبنا بعدم الحكمة وعدم القدرة لإدارة شؤوننا بأنفسنا.
إن أي فرد من الأفراد، أو مجتمع من المجتمعات، أو شعب من الشعوب، أو أيَّ أمة من الأمم يعيش/تعيش أوضاعا متخلفة، وجاهلة، وتعاني من جراء ذلك الوضع المأساوي، الذي تعيشه على مستوى جميع الصعد الحياتية, الاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والاقتصادية...إلخ, تسعى جاهدة إلى الخلاص من حالتها تلك، والانتقال إلى مرحلة جديدة أفضل مما هي فيها، وعليها؛ وذلك عبر إحداث عملية تغييرية إيجابية؛ وذلك بكل السبل، والوسائل المتاحة لها, وتلك العملية التغييرية ما كان لها أن تنجح، وتعطي ثمارها، ثم أكلَها؛ إلا إذا توافرت الشروط الموضوعية لها, نذكر منها ـ في سبيل التمثيل، لا الحصرـ ما يأتي:
الأول: العقيدة: ما من شَكٍّ في أنّ أيّ تغيير لابدّ أنْ ينطلق من فِكرة مبدئيّة، ومركزيّة، لأنّ الأفكار تبقى هي المحرك الأول لأيّ عمل، أو جهد يزمع الإنسان القيام به، وهذه الفِكرة هي فِكرة العقيدة، التي تبقى الأساس المركزيّ، الذي يستمدّ مقومات قوته، وبقائه من خالق الكون، والإنسان، ومن ثم؛ فإنّ العقيدة الصحيحة عاملٌ جوهريٌّ في التغيير الاجتماعيّ المنشود نحو العمران.
الثاني: توافر الأسباب الموضوعية لعملية التغيير: إذ إن عدم توفر تلك الأسباب الموضوعية تصبح تلك العملية ترفا فكريا، وبعيدا كل البعد عن الواقع المعاش، المراد تغييره.
الثالث: بناء النواة الصلبة المؤثّرة: إذ إن التغيير الطموح لا يمكن أنْ يُكتب له النجاح؛ حتى تستجيب له فئة مُصلحة من النّاس، تكون بمنزلة النواة الصلبة، التي تهيئ الأرضيّة، والمناخ المناسب؛ للأخذ بأيدي الأغلبيّة من أفراد المجتمع، وتحويلهم نحو الوعي بمبادئ التغيير المزمع، وقيمه ومقاصده؛ إذ تعمل على إبقائه حيّا نابضا في صميم المجتمع؛ فوجود هذه الفئة ضروريٌ؛ لضبط برنامج التغيير؛ لتمنح كلّ مرحلة من مراحل العمل حقّها من الوقت، من دون تفريط، يضيّع الوقت، ويميع القضية، ويحرفُها عن مسارها الصحيح، ومن دون إفراط باختصار الوقت، وحرق المراحل، واستعجال الثمرة، أو النتيجة؛ لأنّ هذا قد يجهض العمليّة إجهاضًا كاملًا.
الرابع: الشعور، والإحساس, وعيا، ووجدانا, بالحاجة الملحة، والضرورية لعملية التغيير تلك.
الخامس: دور الزمان: ثم يأتي دور الزمان؛ بوصفه عاملًا رئيسًا من العوامل اللازمة لإنضاج عملية التغيير؛ ذلك أنّ التغيير النوعيّ في المجتمع يتطلب فترة زمنيّة كافية حتى يكتمل، ويؤتي ثماره يانعة سائغة. وتبدو أهميّة عامل الزمن في ارتباط التغيير الاجتماعيّ أساسًا بتغيير ما بالأنفس؛ إذ من المعلوم أنّ النفس البشريّة ذات تركيب معقّد، ويتطلب تغيير ما فيها شروطًا كثيرة، ومغالبة موانع عديدة، وعوائق تؤثر في النفس، مثل: الأهواء، وحظوظ النّفس، والنزعات الحزبيّة، والصراعات الفِكريّة، وغيرها.
السادس: توافر الإمكانيات المادية، والمعنوية للقيام بعملية التغيير تلك: إذ إن عدم توافر تلك الإمكانيات، ولا سيما البشرية منها لا يمكن لها بأن تكون سريعة المفعول، والنتائج مهما كان الشعور، والإحساس الحقيقي بالحاجة إليها.
السابع: فهم الواقع: ففهم الواقع الإنسانيّ عامل بالغ الأهميّة في التغيير، ولا يقلّ أهميّة عن فهم المشروع نفسه؛ لأنّ المشكلة التي تعترض مسيرة التغيير هي عدم فهم الخطاب، وتأصيل منهج التعامل معه، وكيفيّة تنزيله على الواقع البشريّ؛ الأمر الذي يقتضي فهم الخطاب، وفهم الواقع في آن واحد. كما ينبغي فِقه الواقع المحليّ، والإقليميّ، والدُّوليّ، والتّعامل مع الصور الجديدة للواقع بظروفه، وشروطه، والإفادة مما يقدّمه العصر من أدوات، ووسائل، وتقنيات تغني التجربة المنظورة في التغيير.
الثامن: وجود رؤية واضحة لعملية التغيير تلك: إذ تكون محددة الأهداف، والغايات، والمعالم الأساسية لها؛ وذلك عبر دراسة تحليلية علمية، وعلى وفق المنهج العلمي التحليلي للعقبات، والصعاب، التي تقف أمامها، ووضع التصورات العلمية المنهجية؛ للتغلب عليها، ومعالجتها, سواء كانت تلك العقبات، والصعاب داخلية، أم خارجية، أم كليهما معا, وتلك الرؤية متمثلة بالمشروع التغييري الحقيقي الشامل، والكامل.
التاسع: وعي الجمهور للسنن التاريخية: إذ لا يمكننا تصوّر أيّ تقدم، أو نهضة حقيقيّة في أمتنا، إلّا بوجود وعيّ عامّ بالسنن الإلهية، بحيث يصل مفهوم هذه السنن إلى جميع الفئات الاجتماعيّة المكوّنة للأمّة في صورة يقينيات بديهية، وقواعد عامّة، ولو أخذت صور عبارات مختصرة تحمل معاني مكثّفة، لكي يعي كلّ شخص دوره في التغيير، بحيث لا يعيق تصرفٌ منه جهود بقية المجتمع؛ لتستثمر، وتحشد كلّ الطاقات، والفعاليات في اتجاه التغيير نحو الأحسن.
العاشر: وجود النخبة المنظمة: تنظيما صحيحا، وقويا, التي تأخذ على عاتقها حمل ذلك المشروع التغييري، والعمل على تحقيقه، وتحويله من الإطار النظري/الحلم إلى واقع عملي معاش، وملموس/ الواقع, وتكون جاهزة، وقادرة على الاستفادة من اللحظة التأريخية لعملية التغيير تلك, ومخططة لها، ومستعدة للقيام بها، وتوجيهها الاتجاه الصحيح لها, ولن تكون قادرة على إحداث عملية التغيير تلك إلا إذا استوعبت، وأدركت كل الشروط الموضوعية اللازمة لإنجاحها، وامتلكت الإرادة القوية، والعزيمة الصلبة لتحقيق الأهداف، والغايات المرجوة منها؛ عبر التحلي بالصبر، والمثابرة، والوعي الذاتي، والإيمان الحقيقي بالله تعالى وبحكمة السيد القائد ، والايمان القوي بنفسها، وبقدرتها على تحقيق ذلك مهما كانت العراقيل، والصعاب، والمؤامرات الدنيئة ضد وطننا اليمني الحبيب.
وهناك من يحارب ويقارع التغيير لعدة اسباب اذكر منها:
التغيير الجذري يمكن أن يهدد مصالح بعض المجموعات في هياكل الدولة، وقد يفقد بعضُهم وظائفَهم، فالتغيير التنظيمي قد يهدد القانعين بالوضع القائم، والمستفيدين منه. ففي بعض الأحيان، قد يشعر الوزراء او المديرون بالتهديد، وأنهم على وشك خسارة مناصبهم؛ بفعل التغييرات الجديدة.
* استمرارية الامتيازات القائمة: قد يخاف بعضهم من أن التغيير يهدد امتيازاتٍ، يحصل عليها في ظل الوضع الراهن، ولكن إذا حدث التغيير، فقد كل شيء؛ من هنا تبدأ المقاومة حفاظا على الامتيازات العالية، وخاصة ما يتعلق بالترقية، أو المرتب، فالتغيير التنظيمي يمكن أن يهدد نظام الصلاحيات، الذي ترسخ عبر الوقت، وقد يفقد بعض المجموعات صلاحياتهم لتذهب إلى غيرهم.
* توقع الخسارة: والمقصود هنا الخسارة الشخصية، ولا سيما الأفراد، الذين سيُقصَون من المسؤوليات، أو الذين سيتم إنزال مراتبهم، فالأفراد الذين يفترضون أن التغيير موجه ضد مصالحهم عموما، ويتوقعون خسارة لهم ولذا يقاومون التغيير.
* الأخطاء المرتكبة عند تطبيق استراتيجية التغيير: فهناك كثير من الأخطاء، التي قد تفعلها الدولة، وتتسبب في فشل الاستراتيجية، التي وضعتها، ومنها: عدم مراعاة التوقيت المناسب للقيام بالتغيير، وإصدار تغييرات غامضة، ومريبة، وغير مفهومة المغزى، واختيار أفراد غير مناسبين للإشراف على تنفيذه.
* التمسك بالسياسات التقليدية، والخوف من الجديد: فعادة ما توجد فئات ترى أن التغيير سوف يؤثر سلبًا في القطاع، الذي تعمل فيه، فضلًا عن الفئات، التي تتخوف من المبدأ بشكل عام؛ إذ يرون أنفسهم غير قادرين على التكيف مع الجديد؛ وهو ما يضع مستقبلهم المهني في مهب الخطر.
* انعدام الاستقرار النفسي، والطمأنينة: فنظرا لكون التغيير يتطلب تغييرات في جوانب عدة، فإن الاشخاص الذين لا يرون ضرورة، أو مصلحة للتغيير سوف يعتقدون أن ذلك يشكل لهم تهديدا نفسيا.
* الخوف من نتائج التغيير، وعدم فهم أهمية القيام بتغيير حقيقي، لكن أهم شيء في كل هذا هو أن يسأل أحدهم، لماذا نحتاج حقا للتغيير؟ يبدو هذا منطقيا إلى أبعد الحدود؛ فالحاجة دائما ما كانت أم الاختراع، والحاجة إلى التغيير ينبغي أن تكون وراءها سبب، وأهداف، والأهم طبعا أن يكون الشخص واعيا، وواثقا من نفسه؛ حتى يكمل ما بدأه من تغيير.
* القلق الاجتماعي: ويظهر ذلك من خلال أن التغيير لا محال سيؤدي إلى فك بعض الأواصر، والارتباطات، وإسقاط بعض العلاقات، وقد يتطلب التغيير ارتباطات في العمل مع عناصر لا يحبون التعامل معها.. وكل تلك الاسباب تنتج لدى الاشخاص لعدم الثقة بالله تعالى وعدم ارتباطهم بالهدى وما يأمر به ديننا الإسلامي الحنيف.
وفق الله قائد مسيرتنا القرآنية وقيادتنا السياسية لإجراء عملية التغيير الجذري لمؤسسات الدولة ليرتقي شعبنا الى الأفضل ومن نصر الى نصر ان شاء الله تعالى , والله تعالى الموفق لنا جميعا.