في تقرير لمركز المعلومات بدائرة التوجيه المعنوي.. القادة الأمريكيون محبطون من نتائج المعركة مع اليمن
وجدت البحرية الأمريكية نفسها لأول مرة في تاريخها عاجزة عن حسم معركة أو تحقيق أدنى مستويات النجاح على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تتكبدها في الأموال والأسلحة
في معركتها العدوانية ضد الشعب اليمني لمحاولة إيقاف عمليات الإسناد للشعب الفلسطيني المظلوم في قطاع غزة، فبعد ثمانية أشهر من بدء العدوان الأمريكي البريطاني يعترف القادة العسكريون الأمريكيون بالفشل، ويعبرون عن إحباطهم من وجود أي حلول مستقبلية.
يسلط هذا التقرير الاهتمام على جديد الاعترافات الأمريكية الرسمية بالفشل أمام اليمن، وأبرز ما نشرته وسائل الإعلام الدولية حول جبهة الإسناد اليمنية وفاعليتها..
26 سبتمبر – خاص
اليمن مقبرة الغزاة
كشف لقاء إعلامي جديد أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية مع قائد القوات البحرية الأمريكية في المنطقة، قائد ما يسمى بالأسطول الأمريكي الخامس الأدميرال جورج ويكوف، عن حالة الإحباط التي تعتري القادة الأمريكيين إزاء واقع المعركة مع اليمن حيث يبدو النجاح مستحيلا، وتظهر أمريكا عاجزة وتبحث عن جهد عالمي لمواجهة من تصفهم بالحوثيين، وتقاسم ثقل الهزيمة معها.
ويكوف الذي تعين في منصب قائد الأسطول الخامس في فبراير الماضي خلفا للأدميرال براد كوبر، لم يخالف ما سبق أن اعترف به سلفه في لقاءات سابقة في تقييم المعركة بكونها الأكثر استدامة منذ الحرب العالمية الثانية.
ويقول ويكوف إن البحارة الأمريكيين "يقاتلون في بيئة مرهقة وضمن حرب لم تعرفها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية".
ويعترف ويكوف أن العدوان الأمريكي لم يوقف العمليات اليمنية، فإيقاف هذه العمليات بيد من وصفهم بالحوثيين، وهم قادرون على إيقافها في أي يوم يريدونه.
وفي رد على سؤال حول الردع الأمريكي قال ويكوف: من الصعب الحديث حول الردع.. قبل بضع ليال هاجم الحوثيون سفننا الحربية كما هاجموا سفينة تجارية.
فشل الرهان الأمريكي
ويؤكد قائد الأسطول الأمريكي الخامس فشل الرهان الأمريكي على القوة العسكرية قائلا إن المهمة العسكرية لا يمكنها أن تفعل الكثير في ظل حالة التوتر التي تعيشها المنطقة بأكملها بسبب الحرب في غزة، والتي دخلت الآن شهرها العاشر، وهناك حاجة إلى حل دبلوماسي".
ويتابع ويكوف: الحوثيون مسلحون جيدا، وما يحتاجونه هو أن يصل سلاح واحد من أسلحتهم إلى سفينة حربية أمريكية أو من سفن التحالف وحينها سيكون الأمر صعب وخطير للغاية، ولهذا تحتاج البحرية الأمريكية إلى دفاعات بنسبة 100%.
وأقر قائد الأسطول الأمريكي الخامس أن القوات المسلحة اليمنية والتي وصفها بالحوثيين باتت أكثر قدرة مما كانت عليه قبل عقد من الزمان، وقد نوعت مصادرها من الأسلحة وطورت قدراتها الهجومية الخاصة إلى الحد الذي أوجد "نقاشا في الولايات المتحدة حول إمكانية تحول الحوثيين إلى مصدرين للتكنولوجيا"
أما عن سبب فشل الردع الأمريكي فيعترف قائد الأسطول الخامس أن هناك عدد من العوامل من أبرزها أنه "من الصعب للغاية العثور على مركز ثقل مركزي واستخدامه كنقطة ردع محتملة، كما أن طبيعة اليمن تتطلب التعامل بنهج حذر"، إضافة إلى كون اليمن مثل بطبيعته الجغرافية وتركيبة سكانيه القبلية، مقبرة للغزاة على مر التاريخ.
وقال ويكوف في هذا السياق: اليمن هو بمثابة ملتقى طرق بحري واستمر كذلك لآلاف السنين، وهو منطقة جغرافية قبلية نوعًا ما تقع على أرض استراتيجية جدًا شهدنا عبر التاريخ العديد من القرارات والتحديات الصعبة التي واجهها أولئك الذين حاولوا السيطرة على هذه الأرض، حتى خلال المائة عام الأخيرة فقط. فقد كان هناك العثمانيون، المصريون، المملكة المتحدة، السعوديون، كلهم حاولوا لعدة سنوات، الآن العديد من الدول تحاول جاهدة التوصل إلى حلول مختلفة، لذا، أعتقد أنه يجب أن نكون حذرين جدًا بشأن الدخول بدون سياسة واضحة ومحددة تتيح لنا تحقيق أهداف تتجاوز المجال العسكري.
ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية سبق وأعلنت أن بجانبها نحو أربعين دولة في العملية التي أسمتها بـ "حارس الازدهار" والتي انطلقت لحماية الملاحة الإسرائيلية في منطقة العمليات البحرية للقوات المسلحة اليمنية، إلا أن قائد الأسطول الأمريكي الخامس جدد الحديث عن الحاجة إلى حل دولي وتحرك عالمي.
صحيفة بوليتكو: ارتفاع تكلفة الحرب
فرضت العمليات العسكرية اليمنية تكلفة باهظة على المخزون الاستراتيجي للأسلحة لدى الجيش الأمريكي، ومثل استخدام اليمن للطائرات بدون طيار استنزافا للمقدرات العسكرية، على الرغم من الفشل الأمريكي في تحقيق الردع.
في هذا السياق نشرت صحيفة بوليتكو تقريرا بعنوان " ارتفاع تكلفة الحرب على الولايات المتحدة بسبب طائرات الحوثيين بدون طيار" ركزت فيه على الخسائر الأمريكية على مستوى الأسلحة مستندة فيه على تصريحات لمسؤولين وخبراء أمريكيين وتقارير أمريكية رسمية.
وقالت الصحيفة :يقول الرئيس جو بايدن إن الولايات المتحدة ليست في حالة حرب في أي مكان في العالم. لكن هناك نقطة ضعف كبيرة تعترض هذا الادعاء وهي ما يحدث منذ ما يقرب من عام في سماء البحر الأحمر.
وبحسب الصحيفة فقد "أدى طول المدة والنهاية غير المؤكدة لمهمة البحر الأحمر، التي استقطبت العديد من الأصول الأمريكية المتطورة بما في ذلك حاملات الطائرات المتعددة والمدمرات والطرادات والأجنحة الجوية المتمركزة في المنطقة، إلى إحباط أعضاء الكونجرس."
ووفقا للصحيفة: يوما بعد يوم، كانت البحرية الأميركية في المقام الأول هي التي تقاتل موجات من الطائرات بدون طيار الرخيصة المنتجة بكميات كبيرة والتي أطلقها الحوثيون لاستهداف السفن في البحر الأحمر. ويوما بعد يوم تستمر الطائرات بدون طيار في الوصول، مما يضطر الجيش الأميركي إلى حرق مئات الصواريخ التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات في مهمة لا نهاية لها في الأفق.
لقد برزت معركة البحر الأحمر بحسب الصحيفة "باعتبارها العملية العسكرية الأكثر توسعًا واستمرارًا التي تخوضها الولايات المتحدة حاليًا، وهي حملة تخاطر باستنزاف الذخائر التي يفضل البنتاغون تخزينها لمواجهة محتملة مع الصين".
وقد أثارت المعركة مخاوف كبيرة لدى المسؤولين الأمريكيين فبحسب ما تنقله الصحيفة عن جوناثان لورد، المسؤول السابق في البنتاغون، فإن هناك "تكلفة باهظة" لاستمرار العمليات الأمريكية في البحر الأحمر، بما في ذلك "تكلفة استراتيجية حقيقية لجاهزية الولايات المتحدة، ناهيك عن التكلفة البديلة لقدرتنا على فرض القوة في العالم".
ولعل من أبرز جوانب هذه التكلفة ما تحدث به قائد الأسطول الخامس والذي اقتبست الصحيفة تصريحه بأن "عمليات النشر الممتدة للسفن في البحر الأحمر "ستؤثر على قرارات [الانتشار] بعد عامين من الآن، أو ثلاثة أعوام من الآن" في جميع أنحاء العالم."
وإلى جانب ذلك هناك تكلفة مالية، وفي هذا السياق تنقل الصحيفة عن النائب مايك والتز الذي يرأس اللجنة الفرعية للقوات المسلحة في مجلس النواب المعنية بالاستعداد قوله إن الولايات المتحدة تحرق في هذه المعركة عشرات المليارات من الدولارات.
وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية كما تم الإعلان رسميا من قبل مجموعة حاملة الطائرات أيزنهاور أكثر من 135 صاروخًا من طراز توماهوك للهجوم البري، وهي أسلحة يكلف الواحد منها أكثر من مليوني دولار لكل منها، كما أطلقت السفن 155 صاروخًا قياسيًا من أنواع مختلفة، تكلف ما بين مليوني دولار وأربعة ملايين دولار لكل صاروخ، لتدمير الطائرات بدون طيار.
كما أطلقت طائرات إف-18 التي كانت تعمل من على متن حاملة الطائرات أيزنهاور، 60 صاروخًا جو-جو و420 صاروخا جو-أرض.
وتضيف الصحيفة: إن الصواريخ الدقيقة المضادة للسفن والصواريخ جو-أرض التي تستخدم في اليمن هي نفس النوع من الأسلحة التي ستكون في المقدمة وفي مركز أي قتال مع الصين "لذا فإن الصين هي الفائز الأكبر في نهاية المطاف"، كما قال والتز "أسطولنا أصبح منهكًا. نحن نطلق الصواريخ التي نحتاجها للدفاع في سيناريو تايوان".
يشار إلى أن عدد صواريخ توماهوك التي تم استخدامها في العدوان على اليمن يزيد ب١٢ صاروخاً عن إجمالي ما تم شراؤه خلال عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣م معا وعن ما تنتجه الولايات المتحدة خلال عام، أما عدد الصواريخ القياسية (sm-6) ،(sm-2) فيزيد عدد الصواريخ المستخدمة في محاولات اعتراض الطائرات بدون طيار اليمنية عن عدد ما تم شراؤه من قبل البنتاغون في العام ٢٠٢٣م بـ٣٠ صاروخا، وفقا لما تظهره التقارير المالية السنوية للدفاع الأمريكية.
اليمن يسقط دعاية أسلحة الطاقة الموجهة
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2019م عن بدء إنتاج نظام دفاعي يعمل بالطاقة الموجهة لاعتراض الطائرات المسيرة، وخلال العامين 2021م و2022م تم الإعلان عن بدء دمج هذا السلاح ضمن المنظومات الدفاعية، ورغم إنفاق المليارات من الدولارات على هذا النوع من الأسلحة التي تعتمد على الطاقة الموجهة واعتبار أنها من الأسلحة الفارقة والتي سيكون لها دور دفاعي حاسم في الحروب المستقبلية إلا أن هذه الأسلحة فشلت أمام التكتيكات العسكرية اليمنية وهو ما أبعدها عن النقاش في مقابل الحديث المتزايد عن التكلفة الباهظة للصواريخ القياسية.
وكان من اللافت خلال جلسات استماع في أبريل ومايو الماضي لمسؤولي البحرية الأمريكية وقائد المنطقة الوسطى أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ تساؤلات طرحها أعضاء اللجنة عن مصير نظام الطاقة الموجهة المسمى "هيليوس" ولماذا لا يتم استخدامه في عمليات اعتراض الطائرات المسيرة، دون الحصول على إجابة علنية من قبل القادة الذين يدلون بشهاداتهم، حيث كان الجميع يطلبون أن يتحدثوا عن تفاصيل ذلك ضمن جلسات سرية.
وفي يونيو الماضي كشفت مناقصة للبحرية الأمريكية عن فشل هذا النظام حيث طلبت البحرية من المجمع الصناعي العسكري إيجاد حلول للتصدي للطائرات المسيرة.
وجاء في المناقصة التي عرضت على موقع وحدة الابتكار الدفاعي التابع للبنتاغون أن التهديد المتزايد لأنظمة الطائرات بدون طيار (UAS) يشكل مخاطر كبيرة على القوات الأمريكية والقوات المتحالفة والشركاء والسفن البحرية والسفن التجارية التي تعبر الطرق البحرية الرئيسية في جميع أنحاء العالم.
وسردت المناقصة المشاكل التي تسببت بها الطائرات المسيرة للقوات الأمريكية وللسفن التجارية، قالت البحرية الأمريكية إنها تسعى لإيجاد حل أكثر فاعلية، وأقل تكلفة.
وكشف تقرير حديث نشر على مجلة ناشيونال انترست الأمريكية أن الجيش الأمريكي منزعج من حقيقة أن الليزر ليس سلاحا سحريا.
وقال التقرير إن البنتاغون تحدث عن مخاوفه بشأن تكلفة استخدام صاروخ مضاد للطائرات لإسقاط طائرة بدون طيار بقيمة 2000 دولار، وحتى لاعتراض الصواريخ فالصواريخ اليمنية لها ثمن أقل من ثمن صواريخ الدفاع الجوية المستخدمة لمواجهتها.
وبحسب التقرير فقد أثارت هذه الحقيقة السؤال مرة أخرى حول سبب عدم إمكانية استخدام الليزر، على الرغم من مضي عامين على منح الكونجرس وكالة الدفاع الصاروخي سلطة البحث والتطوير لتكنولوجيا الليزر لاستخدامها في تطبيقات الدفاع الصاروخي الباليستي والفرط صوتي، كجزء من قانون تفويض الدفاع الوطني للعام المالي 2022.
ويؤكد التقرير أن أسلحة الليزر تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك متطلبات الطاقة العالية والمدى المحدود، فهذا النوع من الأسلحة يحتاج إلى طاقة كبيرة ليست متوفرة للسفن الأمريكية وإنما يحتاج إلى طاقة نووية مثل الموجودة في فئة نيمتز من حاملات الطائرات، كما أن مداه الأقصى في الوقت الحالي أقل من ميل واحد، ولن يتجاوز في المستقبل كما هو متوقع خمسة أميال.
ويعد هذا مدى قصيراً جدا ففي إحدى المرات كما يعترف المسؤولون الأمريكيون كان صاروخا باليستيا يمنيا على بعد ميل واحد فقط من السفينة الحربية جرافلي، وعلى بعد ثوان قليلة فقط، بينما احتاج سلاح الليزر إلى 13 ثانية لتدمير طائرة مسيرة بسرعة منخفضة مقارنة بالصاروخ الباليستي الفرط صوتي الذي يقطع الميل الواحد بنحو ثانيتين إذا كانت سرعته 8 ماخ.
ووفقا للتقرير يتطلب الأمر لتدمير الصواريخ الباليستية أو الأسرع من الصوت سلاحًا يبلغ مداه 1 ميجا وات (1000 كيلو وات)، وقد يقتصر ذلك على حرق جانب جسم الصاروخ، ما يعني أنه ليس مضمونا.