اسرائيل تحت النار .. هجمات قواتنا تدفع اقتصاد الكيان للهاوية
كتب / رشيد الحداد
رغم محاولات الكيان الإسرائيلي اخفاء الخسائر والأضرار التي تكبدها جراء الهجمات التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية خلال الفترة الماضية،
الا أن حجم الخسائر التي شملت عددا كبيرا من القطاعات الاقتصادية للكيان الإسرائيلي كانت صادمة للعدو وتدفع بمعظم تلك القطاعات الى حصد المزيد من الخسائر, فحاول العدو إخفاء الكثير منها, وانكشفت الأخرى بعد اعتراف الكيان بنحو ٢٢٠هجوما يمنيا نفذته قواتنا المسلحة في عمق الكيان، يضاف إلى الآثار المباشرة وغير المباشرة التي أحدثتها عملية يافا التي استهدفت وسط عاصمة الكيان المؤقت وأثارت حالة هلع لدى المستثمرين في تل أبيب, وأدت إلى صدمة في الأوساط التجارية والمستوطنين, لقد أدت العمليات العسكرية اليمنية بالإضافة إلى العمليات التي تنفذها جبهات الإسناد في لبنان والعراق قبل جريمة اغتيال رئيس السياسي لحركة "حماس", إسماعيل هنية, والمجاهد في حزب الله الحاج فؤاد شكر, إلى انكماش معظم القطاعات الاقتصادية للكيان, ووفقاً لما تم رصده من بيانات صادرة عن خبراء اقتصاد ومراكز دراسات عربية وأجنبية, فإن ما تكبده من خسائر مباشرة وغير مباشرة خلال عشرة أشهر من الحرب الإسرائيلية على غزة, يفوق ما بناه في الجانب الاقتصادي لعقود زمنية.
فقبل جريمة اغتيال الشيخ هنية والحاج شكر وهذه مرحلة فاصلة سيكون لها مالها من آثار وإصرار جسيمة إلى اقتصاد الكيان, أكدت كل المؤشرات والارقام للخسائر التراكمية منذ عشرة أشهر, أن اقتصاد الكيان يواجه تراجعا حادا لم تشهد له مثيل منذ احتلالها لفلسطين في العام 1948، وأنه سيكون لذلك انعكاسات وخيمة على موقع الاحتلال بين الدول الاقتصادية خلال السنوات القادمة, وأشار خبراء اقتصاد عرب وإسرائيليون إلى أن محاولات الكيان إخفاء خسائره الاقتصادية جراء الحرب على قطاع غزة وتصاعد التوتر على الحدود الشمالية، وارتفاع مخاطر الهجمات اليمنية باءت بالفشل في ظل الوقائع والمتغيرات التي بدأت تتكشف يوماً عن الآخر كانخفاض الاستثمارات الأجنبية،و هجرة رؤوس الأموال، وعجز في الموازنة العامة، تعطل السياحة التي بلغت خسائرها مابين ٥٠ إلى ٧٠ مليار دولار خلال عشرة أشهر من عمر الحرب على غزة,
وهذه الخسائر مرشحة للارتفاع في حالة اتساع نطاق الهجمات ضد إسرائيل التي بعدما أصبحت بيئة غير آمنة, فعاصمة الكيان التي كانت في قائمة الدول المستقطبة للثروات الخاصة, وجراء تداعيات استمرار حرب غزة وتعاظم دور جبهات الإسناد خرجت من قائمة الدول العشرين المستقطبة للثروات الخاصة وهو خروج كبير، بعدما احتل الكيان العام الماضي المركز12 في تلك القائمة, وهو ما شكل ضربة قاسية إضافية لاقتصاد الكيان, فالاستثمارات الأجنبية المباشرة انخفضت في الكيان إلى 1.1 مليار دولار في الربع الأول من 2024 مما يعني أن "الإسرائيليين" يهربون استثماراتهم إلى الخارج، ووفقاً للصحافة العبرية فإن المستثمرين الأجانب سحبوا خلال الأشهر الماضية من إسرائيل أكثر من9 مليارات دولار من سوق الأوراق المالية, وتم سحب 4 مليارات دولارات من السندات الحكومية للكيان, يضاف إلى نجاح حركة المقاطعة BDS في تراجع صناعة الرقائق الأمريكية انتل عن بناء مصنع جديد لها في دولة الاحتلال بقيمة 25مليار دولار، وبعكس ما كان يحدث تصاعدت معدلات الاستثمارات الإسرائيلية مؤخرا في الخارج إلى نسبة ٣٠% وهو ما يؤكد استمرار هروب رؤوس الأموال الإسرائيلية الى الخارج.
"تل أبيب" التي تعد العاصمة الاقتصادية للاحتلال لأنها مركز مالي وتجاري وتكنولوجي، أصبحت بالفعل غير آمنة واحتمالات تعرضها لأي استهداف واسع سوف يترتب عليه آثار واسعة النطاق على الاقتصاد الإسرائيلي بات محتملاً من المستوطنين في ظل تصاعد أزمة الثقة بقدرات الدفاعات الجوية للكيان.
أكثر من تحليل اقتصادي اعتبر إعلان حركة "أنصار الله "الحوثيين الشهر الماضي, مدينة يافا غير أمنة, يضاف إلى قيام قوات صنعاء بوضعها في قائمة الأهداف القادمة لها, مثل ضربة كبيرة لاقتصاد الكيان ودفع حكومة نتنياهو لتبديد المخاوف من خلال لقاءات مع المستثمرين أو من خلال تفعيل الدفاعات الجوية, إلا أن معظم تلك الحركات الاستعراضية انتهت بانتكاسة وخاصة اثناء قيام الكيان باستخدام الدفاعات الجوية لإسقاط سرب من الطيور وليست طائرات مسيرة يمنية.
فإعلان اليمن يافا غير أمنه, أثار مخاوف رؤوس أموال الإسرائيليين ورفع من معدل المخاطر الاستثمارية في تل أبيب بعد إعلانها كمدينة غير آمنة، ومثل هذا الإعلان دافعاً إضافياً للمستثمرين الأجانب والإسرائيليين للهروب للخارج أو وقف أنشطتهم بشكل قسري بفعل المخاوف من الرد اليمني, وخاصة في أعقاب استهداف الكيان اعيان مدنية في ميناء الحديدة, وأشارت التقارير إلى أن عملية" يافا"اليمنية التي استهدفت عاصمة الكيان ومركزها التجاري والمالي, ووصول قذائف المقاومة الفلسطينية,واحتمال تعرض تل أبيب لهجمات من، "حزب الله" في حال توسع التصعيد بين الحزب والكيان, زاد من القلق تجاه مستقبل اقتصاد الكيان الصهيوني.
مستوطنة "تل أبيب" التي يعتمدها الكيان كعاصمة للاحتلال كانت قبل طوفان الأقصى واحدة من أفضل الوجهات الاستثمارية في المنطقة وأكثرها استقطابا لرؤوس الأموال الغربية والأوروبية خلال السنوات الماضية، صارت اليوم معزولة استثماريا ً بعد عملية "يافا" وفي ظل ترقب الكيان للرد اليمني وإيمان الكيان بأن الرد اليمني قادم لا محالة, زادت المخاوف وزادت معها الخسائر الاقتصادية, ولذلك تشير الدراسات إلى أن الهجوم اليمني بطائرة يافا, تجاوز الأنظمة والرصد والدفاعات الجوية وأجهزة الاستشعار الحديثة, واخترقت إسرائيل المحمية بتقنيات الكشف الأكثر تقدماً في العالم, وهو ما مثل ضربة قاسية الاقتصاد الكيان بعد فشل حكومة نتنياهو في تطمين المستثمرين في أعقاب الهجوم, وما زاد المخاوف هو ثقة المستوطنين بأن "حركة الحوثيين لم يسبق لها أن هددت ولم تنفذ تهديدها"، لذلك يرون بأن إعلان تل أبيب مدينة غير أمنة من قبل الحوثيين, وهو ما اعتبرته وسائل اعلام عبرية تحذير مهم يجب الاستفادة منه لتقليل الخسائر من قبل المستثمرين .
الكثير من الخسائر يحاول الكيان إخفاؤها, مثل الأضرار التي تكبدها الكيان جراء اغلاق ميناء ايلات الواقع على البحر الأحمر, فالكيان كان يصدر مليوني طن من الفوسفات عبر ميناء ايلات إلى أفريقيا وبعد إغلاق الحصار اليمني للميناء في ام الرشاش, أجبر الكيان على نقل الفوسفات في شاحنات خاصة من مصانع البحر الميت في منطقة سدوم ليتم تصدير الفوسفات إلى الشرق عبر ميناء أشدود وعلى الطريق المحيط بأفريقيا, وهو ما ضاعف تكاليف النقل, وافقد الفوسفات الإسرائيلي بالقدرة التنافسية في أسواق الفوسفات في الشرق, ولذلك فان إجمالي التكاليف التي يتحملها الاقتصاد من تصدير الحاويات والفوسفات على الطريق حول أفريقيا يبلغ نحو 100-150 مليون دولار في الحساب السنوي، ويبلغ إجمالي التكاليف التي يتحملها الاقتصاد (الصادرات والواردات) تقريباً في حدود حجم نحو 350 إلى 400 مليون دولار سنوياً.
وبعد اعتراف الكيان بتمكن الحصار اليمني من إغلاق ميناء أم الرشاش "ايلات "، يدرس الكيان منذ أسابيع مرة بيع الميناء في إطار الخصخصة, وذلك بعد أن فقدت القدرة التشغيلية للبوابة الجنوبية لإسرائيل حد تأكيد اللجنة الاقتصادية في الكنيست التي اعتبرت نجاح الهجمات اليمنية من إغلاق الميناء بشكل كلي سيكون له إضرار استراتيجية على الميناء, واقترحت اللجنة الاقتصادية في الكنيست بيع الميناء في إطار الخصخصة, وإعادة شراء الميناء بعد بيعة إن أمكن, مؤكدة أن العواقب الاقتصادية الأفقية لهجمات الحوثيين على التجارة الإسرائيلية، هناك تأثيران آخران محددان لكن مهمان على التجارة الخارجية. الأول هو الوقف الفعلي للنشاط في ميناء إيلات؛ والثاني هو الضرر المباشر الذي يلحق بشركات الشحن الإسرائيلية أو تلك التي لها علاقات مباشرة مع "إسرائيل".
في الختام, قد تتجاوز الخسائر الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة جراء العدوان الإجرامي على قطاع غزة, وتداعيات تلك الحرب النازية الاكثر دموية في التاريخ الحديث,١٥٠ مليار دولار, لكن تداعيات الحرب ستبقى مخيمة على اقتصاد الكيان لسنوات ومع ذلك فإن انتظار الكيان للرد الكبير سيوف يعمق خسائر اقتصاد الكيان بشكل أكبر, وبدا ذلك جلياً بعد جريمتي اغتيال الشهيد المجاهد إسماعيل هنية والمجاهد الحاج فؤاد شكر, فحياة الصهاينة في فلسطين المحتلة منذ جريمة الاغتيال تحولت إلى جحيم, وشوارع المدن المحتلة خالية من المارة ومتاجرها مغلقة ومطارات الاحتلال التي كانت تستقبل مئات الرحلات الجوية كمطار بن غوريون مغلقة, فانتظار الرد كان له وقع خاص على اقتصاد الكيان الذي يدفع ثمناً باهظاً لجرائم نتنياهو هي الأكبر منذ السابع من أكتوبر الماضي, من خلال البيانات التي تم رصدها فإن معادلة الرعب التي تعيشها إسرائيل منذ أكثر. من اسبوع شلت مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية الخاصة بالعدو الإسرائيلي, ولأول مرة تتراجع الحركة التجارية في الأسواق إلى أدنى المستويات ويقتصر طلبات المستوطنون على الغذاء والدواء فقط, فحركة النقل الداخلي تراجعت بنسب متفاوتة تصل إلى ٦٠%, وقطارات المترو الحديثة في تل ابيب تقاسمها المستوطنين للجوء منذ أسبوع, بعد أن اكتظت الملاجئ الخاصة بالمستوطنين, وحركة النقل الجوي تعطلت بعد أن أعلنت نحو 20شركة طيران دولية وقف نشاطها من والى اسرائيل، وفي المقابل تراجعت حركة النقل البحري الى أدنى المستويات أيضا خشية الرد الكبير, ليس قطاع النقل وحسب, بل إن قطاعات مالية واستثمارية وإنتاجية توقفت الحركة فيها منذ اسبوع وتتكبد خسائر كبيرة بشكل يومي ..
تل ابيب خالية من الحركة
خلال الايام الماضية تناقلت وسائل إعلام عبرية صوراً لمدينة" تل أبيب" التي تعد عاصمة الكيان المالية والتجارية وهي تخلو من الحركة, هذا المشهد هو الأول منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر, فبعد عملية طوفان الأقصى لم تخلو شوارع عاصمة الكيان من البشر والحركة, ولم تخلو رفوف السوبر ماركت في يافا ومدن فلسطين المحتلة من العروض مثل ما حدث خلال الأيام الماضية, فالخوف من الرد الواسع على جرائم الاحتلال الإسرائيلي أدى إلى تعطيل الحركة التجارية في أسواق تل أبيب وتسبب بهبوط البورصة التابعة للكيان, ونجم عنه توقف معظم المؤسسات وأعمال البناء وقطاع التكنولوجيا, بل صارت إسرائيل كيانا غير آمن, وبيئة أعمال طاردة للمستثمرين الإسرائيليين والأجانب, ورغم محاولات حكومة نتنياهو تطمين المستثمرين والتجار داعية إياهم إلى التماسك والوقوف إلى جانبها, إلا أن عشرات المشاريع الاستثمارية توقفت في مختلف أرجاء الكيان, مع تصاعد هروب المستثمرين, ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وتوقف مختلف الأنشطة التجارية والإنتاجية والخدمية في الكيان .
وعلى ذمة المخاوف من رد محور المقاومة, توقف حركة قطاع التكنولوجيا الذي يمثل 51% من حجم صادرات إسرائيل للخارج, وهذا القطاع الذي يعد الأهم في اسرائيل تعرض لضربات كبيرة منذ عملية طوفان الأقصى, وتحت تأثير المخاوف من رد محور الممانعة تراجعت حركة الإنتاج في هذا القطاع الذي يعد أهم قطاع صناعي في اسرائيل إلى أدنى المستويات وفقاً لمصادر عبرية، فالشلل الاقتصادي طال قطاعات كالبناء والخدمات.