معركة فرض السيطرة البحرية.. دلالات وأبعاد هامة
منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي في الـ 7 من أكتوبر المنصرم وعلى خلفية إعلان اليمن موقفه الداعم والمساند للشعب الفلسطيني واتخاذ قرار منع السفن الإسرائيلية من المرور في البحر الأحمر
ردا على التدخل الأمريكي السياسي والعسكري الداعم والمساند لكيان الاحتلال وبالمقابل إعلان واشنطن عن تشكيل تحالف بحري زعمت أنه لمواجهة استهداف الجيش اليمني السفن الإسرائيلية أو المتوجهة إلى الكيان الغاصب شهدت منطقة البحر الأحمر أعنف معارك ومواجهات فرض السيطرة البحرية على المنطقة وهي المواجهات والمعارك التي نحاول الوقوف على نتائجها ودلالاتها الاستراتيجية والعسكرية في سياق هذا التقرير :
" 26 سبتمبر "– خاص
نتيجة لموقعها الجغرافي المتميز وما تمثله من عمق استراتيجي لدول المنطقة وإمكانيات نفوذ وتحكم بممرات التجارة الدولية لا سيما عند مضيق باب المندب الذي يعد أهم المضايق والممرات البحرية بسبب ربطه بين الشرق والغرب ظلت منطقة البحر الأحمر هدفاً للقوى الاستعمارية الكبرى التي سخرت كافة إمكانياتها على المستويين السياسي والعسكري للسيطرة على البحر الأحمر وفرض هيمنتها ونفوذها وتحكمها عليه عبر إقامة قواعدها العسكرية في المنطقة لحماية وتأمين مصالحها وتنفيذ مشاريعها الاستعمارية.
قرار عسكرة البحر
بالتزامن مع انطلاق معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر من العام الماضي ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي اتخذت القوى الاستعمارية الكبرى التي تقف على رأسها واشنطن قرار عسكرة البحر الأحمر، من خلال تحشيد تحالفها المسمى "حارس الازدهار"، وتعزيز تواجدها العسكري البحري لتحقيق هدف فرض معادلة السيطرة على البحر الأحمر لا سيما بعد إعلان صنعاء عن وقوفها العسكري إلى جانب الشعب الفلسطيني واتخاذها قرار منع السفن الإسرائيلية من العبور في البحر الأحمر .
قرار العدوان على اليمن
في إطار سعيها لتحقيق هدف السيطرة على البحر والممرات المائية والجزر والمنافذ البحرية، وتوفير الحماية الكاملة لأمن إسرائيل لمرور السفن العابرة إليها عبر البحر الأحمر ، شنت واشنطن ولندن ومؤخرا تل أبيب عدوانها الغاشم على اليمن من خلال القصف الجوي لاستهداف مناطق يمنية بالغارات الجوية العنيفة ولا يزال عدوانها يشكل تهديدًا مستمرًا لأمن واستقرار اليمن والمنطقة عمومًا.
قرار المواجهة اليمنية
بالمقابل خاضت القوات المسلحة اليمنية ولأول مرة أعنف معارك المواجهة البحرية المباشرة وغير المباشرة مع أعتى الامبراطوريات البحرية التي تقف على رأس حربتها الولايات المتحدة الأمريكية لا سيما في البحر الأحمر ، وبالرغم من فارق القوة في ميزان الترسانة العسكرية، إلا أن اليمن استطاعت أن تفرض سيطرتها المطلقة على البحر الأحمر بمنع مرور السفن إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة لتزويد العدو الصهيوني بالسلاح والمؤن لقتل الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
القوات المسلحة اليمنية تفرض سيطرتها البحرية
بعد مرور عشرة أشهر ونيف من عمر معركة المواجهة المباشرة بين صنعاء وواشنطن وتل أبيب ولندن تؤكد أحداث وتطورات اللحظة التاريخية ووقائعها أن شعب اليمن العظيم وقواته المسلحة قد أصبحت عنوانا بارزا ضمن عناوين المعادلات الجيوسياسية، ولاعبا رئيسيا فاعلا ومؤثرا في عموم معادلات الإقليم، وبمعنى أخر، فإن اليمن بات رقماً صعباً لا يمكن الالتفاف عليه في النظام الاقليمي الجديد رغم العدوان المتكرر عليه، واليوم فإن معادلة المياه تدخل في صلب المعادلات الشرق أوسطية، وستضع حداً للهلوسات الأمريكية والغربية المتعلقة باخراج اليمن من دائرة التأثير والفاعلية.
كما تؤكد طبيعة واقع اللحظة أن العمليات اليمنية المساندة لغزة قد وضعت “العدو الأمريكي في مأزق كبير في البحر الأحمر”، وأن نجاحها في “استهداف حاملة الطائرات آيزنهاور وطردها سيكون له تأثيره الفاعل في إنهاء التواجد الأمريكي والغربي من منطقة البحر الأحمر”.
وفي هذا السياق يرى عدد من المحللين والمتابعين أن ما حدث ويحدث في البحر الأحمر من جانب القوات المسلحة اليمنية يعني بكل تأكيد نجاحها في فرض معادلة جديدة خارج قواعد الاشتباك المعهودة.
دلالات وأبعاد استراتيجية
ما من شك في أن نجاح القوات المسلحة اليمنية في فرض معادلة سيطرتها على البحر الأحمر له دلالات وأبعاد استراتيجية أبرزها أن “اليمن بعملياته العسكرية النوعية قد استطاع أن ينهي السيطرة الغربية على البحر الأحمر، وأن القوات المسلحة اليمنية لديها الكثير من الخيارات التي ستفاجئ العدو في أكثر من مكان”.
وأن الأمريكي قد أصبح اليوم أمام مأزق كبير فهو إما أن ينسحب وهذا الخيار صعب، وإما أن يستمر وهو يدرك أن الأثمان باهظة في حالة استمراره، بالإضافة إلى أنه غير قادر على تحقيق أهدافه”.
وهناك دلالة استراتيجية أخرى هي دلالة التطور الكبير في قدرات القوات المسلحة اليمنية وما يؤكد ذلك هو عجز “الدفاعات الجوية الموجودة على متن إيزنهاور والمدمرات الأمريكية والتي تعد من أحدث أنظمة الدفاع الجوي في العالم، في التصدي لعمليات القوات المسلحة اليمنية أو التغلب عليها .
تأكيدات غربية
وفي هذا السياق جاء حديث مجلة "لويدز ليست" البريطانية، والمهتمة بالتجارة البحرية العالمية، عن حجم نجاح عمليات صنعاء في فرض حصارها على الملاحة الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية.
حيث قالت المجلة في تقرير لها إنه "لا يوجد مسار محدد بوضوح لعودة السفن إلى مضيق باب المندب، مشيرةً إلى أن"هذا أمر جديد تمامًا، ومرعب تمامًا وخطير للغاية"، في إشارة واضحة إلى نجاح معادلة صنعاء البحرية.
وكانت وسائل إعلام غربية، قد نشرت تقارير عديدة عن انعدام الملاحة الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي خوفاً من الهجمات اليمنية.