أخبار وتقارير

في الذكرى 55 لجريمة إحراق المسجد الأقصى.. الصهاينة يدنسون المقدسات ويرتكبون جرائم إبادة في قطاع غزة

في الذكرى 55 لجريمة إحراق المسجد الأقصى.. الصهاينة يدنسون المقدسات ويرتكبون جرائم إبادة في قطاع غزة

في 21 أغسطس 1969م, دبرت سلطات الاحتلال الصهيوني جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك بواسطة شخص يهودي صهيوني متطرف وفرت له الدعم والمساندة لارتكاب جريمته.

وقالت رئيسة حكومة الكيان الصهيوني جولدا مائير ليلة حريق المسجد الأقصى المبارك: (لم أنم كنت أتوقع جيوش العرب والمسلمين ستهاجمنا من كل جانب, ومع الصباح اتضح أن شيء لم يحدث). ما أقسى المذلة وما أبشع الهوان وما اشد الانحطاط والخزي والعار والهزيمة المعنوية والنفسية قبل الهزيمة العسكرية أن يكون عدوك هو الوحيد الذي يخشى قوة سطوتك وردة فعلك وغضب انتقامك ويحسب لذلك ألف حساب فلا ينام عدوك خشية منك ثم تكون أنت من تخيب ظنه وثقته فيك!. ورغم الذكرى الـ55 لحريق المسجد الأقصى المبارك في 21أغسطس عام 1969م, لكن النيران مازالت مستمرة ومشتعلة ويستمر معها الخذلان العربي والإسلامي لفلسطين والقدس الشريف المبارك. ويتجلى اليوم بخذلان أكبر لغزة وسكانها منذ 11 شهرا.

تقرير: علي الشراعي

احتلال القدس
في عام 1948م, احتل الصهاينة القسم الغربي من القدس ووضعوا يدهم على آلاف المنازل الصالحة حيث قدرت بأكثر من 20ألف منزل ولجأ أهالي القدس الغربية إلى الضفة الغربية والأردن ودول عربية. وفي عام 1967م, وبعد حرب حزيران مباشرة ضم الصهاينة القسم الشرقي من القدس إلى القسم الغربي, واستشهد أكثر من ثلاثة آلاف مواطن فلسطيني وتشريد 15 ألف نسمة في الأيام الأولى لنكبة 5 حزيران. وبدأت عملية هدم المنازل وصودر 116 دونما من أراضي الوقف الإسلامي يقوم عليها أكثر من 595 عقارا وقفيا إسلاميا أي أكثر من 10% من مساحة القدس القديمة. مع تشريد نحو 7500 فلسطيني من السكان, ثم صدر قرار عن الكنيست الصهيوني في عام 1980, باعتبار القدس تابع لسيادة الصهيونية وهي عاصمته ومكان ومقر رئيس الكيان والكنيست والحكومة والمحكمة العليا. وبدأ الصهاينة حملة اعتداءات وحفريات حول وتحت المسجد الأقصى المبارك في محاولة لهدمه وتغيير الوضع التاريخي والجغرافي لمدينة القدس بشكل عام.

الأساس الأسطوري
يرى عدد من المؤرخين أن الأساس الأسطوري للأفكار الصهيونية حول المسجد الأقصى المبارك لجميع المنظمات الدينية اليهودية والصهيونية التي تشارك في عمليات اقتحام المسجد الأقصى المبارك تنطلق من فكرة أساسية ومحورية وهي الإيمان بأساطير تلمودية وادعاءات صهيونية لبناء ما يسمى بـ(الهيكل الثالث) حيث يروي تراث اليهود أن الهيكل تم تدميره مرتين: أولها إبان ما يعرف بـ(السبي البابلي) ليهود فلسطين عام 586ق.م, والمرة الثانية كانت عام 70ميلاديا, إبان ما يُعرف بالسبي الروماني ليهود فلسطين. وأن كل الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك من قبل الصهاينة دائما تتواكب مع الأعياد الدينية اليهودية وهذه الأعياد تعود جذورها إلى التلمود الذي يعد الكتاب الأول الذي تعتمد عليه الجماعات اليهودية والصهيونية المتطرفة في استقاء فتاواها وتطرفها وإرهابها.
بالرغم أن التلمود ليس من الكتب السماوية المنزلة بل هو من وضع حاخاماتهم. ومن أهم أعياد اليهود (عيد خراب الهيكل) الذي يوافق 9أغسطس. ليقوم بعد ذلك العيد في الـ21 من أغسطس 1969م, يهودي صهيوني متطرف بتواطؤ ودعم ومساندة من قوات الاحتلال الصهيوني بإحراق المسجد الأقصى المبارك.

23 جماعة متطرفة
يتعرض المسجد الأقصى المبارك منذ عام 1967م, وإلى اليوم لاعتداءات صهيونية متكررة وبطرق متعددة ومختلفة. فقد جرى حفر أنفاق كثيرة, وعلى مستويين تحت الحرم المبارك والمسجد الأقصى بالذات, مما يعرضه للانهيار في أي لحظة. كما جرى بناء مجسم للهيكل المزعوم في مساحات تحت أرضه, وفتح أمام الزوار الصهاينة والسياح, وأقيمت معارك كثيرة في ساحات الأنفاق, ما صدع جدران مبانيه, خاصة بعد أن وصل الحفر إلى أسفل مبنى مسجد الصخرة المباركة. وقد وفرت حكومات الصهاينة الحماية والدعم الرسميين للمتطرفين اليهود, ما يدل على مخطط مدروس ونوايا خبيثة في هدم المسجد الأقصى المبارك والسيطرة على حرمه القدسي. إن المس بالمسجد الأقصى المبارك يمثل سياسة صهيونية ثابتة وعقيدة دينية عدوانية, حيث يشكل المستوطنون المتطرفون طلائعها. وهي لا تتوقف فترة إلا لتعود مندفعة بعدوانية لئيمة وحقد أعمى وإلى اليوم.فإن فكرة الاستيلاء على المسجد الأقصى المبارك وامتلاك حرمه وهدمه تقع في صلب العقيدة الصهيونية ومن بديهياتها, ويؤمن بها المجتمع الصهيوني إلى درجة الهوس. إذ ترتبط في وعى اليهود بفكرة الحق التاريخي والوعد الإلهي وكل الميتولوجيا التلمودية, ويبرز من بين هؤلاء المتطرفين مجموعات كثيرة تصل إلى 23 جماعة يهودية صهيونية متطرفة ما بين جماعات دينية متطرفة, وحركات قومية علمانية, وعصابات صهيونية, فقد أصبح المجتمع الصهيوني بكل مكوناته يتربص بالمسجد الأقصى المبارك. وما يجمع هذا الخليط من الجماعات اليهودية الصهيونية على اختلاف مرجعياتها هو الإيمان بمعتقدات, أو ما يسميه عدد من المؤرخين بـ(الأساطير التلمودية والصهيونية) المتعلقة ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى
إحراق الأقصى
بعد سقوط القدس في يد جيش الاحتلال الصهيوني تعرض المسجد الأقصى المبارك لمئات الاعتداءات كان أسوأها الحريق الشهير يوم 8جماد آخر 1389هجرية الموافق 21 أغسطس 1969م, على يد المستوطن الاسترالي اليهودي الصهيوني المتطرف (ما يكل دينس روهان) وهو من أعضاء (كنيسة الرب) باقتحام ساحات مسجد الأقصى المبارك وتمكن من الوصول إلى المحراب في المسجد وإضرام النار فيه, في محاولة لتدمير المسجد الأقصى المبارك. وقد أتت النيران على مساحة واسعة منه شمل منبر نور الدين, كما امتد الحريق ليشمل أغلب الأروقة الشرقية منه إضافة إلى سقفه الخشبي. إلا أن المواطنين الفلسطينيين حالوا دون امتدادها إلى مختلف أنحاء المسجد. فقد استطاع الفلسطينيون آنذاك إنقاذ ما تبقى في المسجد الأقصى المبارك قبل أن تجهز عليه النيران. بعد أن هرعت مركبات الإطفاء من مدينة الخليل وبيت لحم ومناطق مختلفة من الضفة والبلديات العربية لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك, رغم محاولات الاحتلال الصهيوني منعها من ذلك وقطعها المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في يوم الحريق نفسه, ك ما تعمدت مركبات الإطفاء التابعة لبلدية الاحتلال بالقدس التأخر حتى لا تشارك في إطفاء الحريق. وكان هذا العمل الإجرامي في إطار سلسلة من الإجراءات التي قام بها الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948م, ومازال إلى اليوم بهدف تدمير المسجد الأقصى. وقد اعترف اليهودي- الصهيوني (مايكل روهان) بأنه تصرف وفقا لأوامر إلهية وبما ينسجم مع كتبهم الدينية واسفارهم, وادعى أنه حاول أن يدمر المسجد الأقصى المبارك حتى يتمكن اليهود من إعادة بناء الهيكل المزعوم. وانه اطلع على مقال في عام 1967م, كتبه (هيربيرت آرمسترونج) مؤسس كنيسة الرب العالمية قال فيه: (سيُبني هيكل يهودي في مدينة القدس, وستُذبح القرابين في هذا الهيكل مرة أخرى خلال الأربع سنوات ونصف القادمة).

تدمير المنبر
يعد هذا المنبر الجليل من أجمل وأروع ما أبدعته يد الإنسان من قطع فنية نادرة, حيث يعتبر أحد أشهر المنابر على مر التاريخ لارتباطه لا بالمسجد الأقصى المبارك فقط, بل بقيمة التحرير والعزة والكرامة للأمة جمعاء, وذلك أنه بقي طوال زهاء ثمانمائة عام رمزا للنصر والتحرير والعزة منذ وضع في مكانه حتى إحراقه. في عام 564هجرية الموافق 1168م, وقبل تحرير المسجد الأقصى المبارك بتسعه عشر عاما قد أمر الملك العادل نور الدين محمود زنكي رحمه الله بصنع منبرا في حلب وجهز ليتم وضعه في المسجد الأقصى المبارك بعد التحرير من الاحتلال الصليبي. ولكن مشيئة الله عز وجل قضت بوفاة نور الدين زنكي دون أن يتمكن من وضعه في مكانه. وبعد تحرير المسجد الأقصى على يد صلاح الدين الايوبي عام 1187م. فأمر بإحضار المنبر من حلب حيث صنع ووضع في داخل الجامع القبلي بالمسجد الأقصى المبارك ليصبح المنبر الرئيس في الأقصى. وعد المؤرخون ذلك مأثرة من مآثر نور الدين زنكي. إلا أن هذا المنبر أحرق عمدا على يد مستوطن صهيوني أسترالي (دينيس مايكل روهان) يوم 21 أغسطس 1969م, بعد عامين من احتلال مدينة القدس من قبل الصهاينة. وكان ذلك عندما أقدم ذلك المستوطن على إحراق الجامع القبلي, مما أدى إلى تدمير المنبر بالكامل وتحوله إلى رماد, ولم يبق منه إلا قطع قليلة وضع بعضها في المتحف الإسلامي بالمسجد الأقصى المبارك, ووضع مكانه منبر حديدي مؤقت بقى حوالي ثمانية وثلاثين عاما حتى تم إعادة بنائه عام 1993م. وهكذا ضاع رمز العزة والتحرير للمسجد الأقصى المبارك.

محاولات عديدة
وهذه المحاولة في إحراق المسجد الأقصى المبارك ما هي إلا ضمن سلسلة من المحاولات المتكررة منذ عام 1967م وإلى اليوم وقد أحصت (مجلة دراسات باحث, في ربيع 2005م) نقلا عن إحصائية قامت بها مؤسسة الأقصى أن الاعتداءات الصهاينة للمسجد الأقصى المبارك منذ عام 1967م وحتى عام 2005م, قد بلغت أكثر (495) اعتداء واقتحام وتدمير وتصرف استفزازي وتحريض من قبل المحتل الصهيوني. (القدس والمسجد الأقصى حق عربي وإسلامي عصى على التزوير, دكتور حسن موسى, 2010م).
وفي مقال نُشر في صحيفة (معاريف) الصهيونية بتاريخ 30سبتمبر 2009م, وترجمته جريدة (السفير) اللبنانية يوم 2نوفمبر 2009م, بعنوان (تطهير جبل الهيكل) والمقصود المسجد الأقصى المبارك. ما جاء بذلك النص: (لقد كان أول من فكر بتفجير مساجد الحرم, الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي شلومو. ومنذ ذلك الحين, جرت خمس محاولات جدية لتغيير الواقع عن طريق العنف, ثلاث محاولات منها جرت على أيدي أناس غير متزنين (مايكل دنيس روهان- وهو الأسترالي اليهودي الذي أحرق المسجد الأقصى في 21أغسطس عام 1969م- وآلان غوديان- الذي أطلق النار على المصلين في الحرم القدسي عام 1982م, فأستشهد اثنين من المصلين وأصاب أحد عشر شخصا بجروح, ثم رجال عصابة ليفتا: شمعون بردا, ويهوذا ليماي, وعوزي هكوهين, الذين كانوا أقرب لتفجير الحرم عام 1984م. كما جرت محاولة خطيرة قام بها يهودا عتسيوب من مستوطنة عوفرا, ومحاولة أخرى قام بها يوئيل ليرنر عضو حركة كاخ العنصرية المتطرفة. وهناك إلى جانب هؤلاء الآلاف من المستوطنين المدعومين من أجهزة المخابرات والبوليس, الذين يضعون الحرم القدسي على قمة أهدافهم في الهدم والتدمير). وتناسى هؤلاء اليهود الصهاينة المحتلين والغاصبين لفلسطين انه قد مر على المسجد الأقصى المبارك عشرات المحتلين, كلهم أبيدوا واندثروا وبقي عزيزا شامخا.

تجريم القانون الدولي
إن جميع الإجراءات التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس هي إجراءات غير قانونية, ومخالفة للقرارات الدولية التي تعتبر جميع ما في القدس تراثا وإرثا عالميا لا يجوز تغيير أي شيء فيه, وبالتالي فإن جميع الحفريات والأنفاق وأعمال الهدم والبناء التي يقومون بها في البلدة القديمة والقدس مخالفات قانونية, ومما يبين ذلك:-
1- قرارات مجلس الأمن الدولي قراري (267 و271) لعام 1969, وقراري (465 و476) لعام 1980م, وقرار (1073) لعام 1996م. والتي نصت على أن مدينة القدس الشريف جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م, وينطبق عليها ما ينطبق على سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة, وطالبت جميع القرارات الدولية الكيان الصهيوني المحتل والغاصب لفلسطين بعدم القيام بأي إجراء من شأنه تغيير الوضع الجغرافي والديمغرافي والقانوني لمدينة القدس المحتلة.
2- نصت المادة 16 من البروتوكول الثاني الملحق باتفاقية جنيف للعام 1949م, (يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية, أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا