الحد من الفقر وتعزيز الأمن الغذائي وتعزيز الخدمات الأساسية أبرز أولويات مرحلة الانعاش الاقتصادي
يُعد القطاع الاقتصادي في اليمن الأكثر تضرراً من العدوان، وكان لتضرر هذا القطاع انعكاسات سلبية على مختلف القطاعات الأخرى وعلى كافة مناحي الحياة.
بعد توقف العدوان على اليمن تأتي مرحلة مهمة للغاية، وتُعرف بمرحلة الانعاش والتعافي، حيث تُعد مرحلة الانعاش والتعافي غاية في الأهمية حيث تمثل المرحلة التي يفترض من خلالها أن تنتقل البلاد من الحرب والصراع إلى السلم والاستقرار، وهي ذاتها المرحلة التي تهيئ الأرضية اللازمة لعملية إعادة الإعمار اللاحقة، ويمثل الانعاش والتعافي «البداية السريعة» لإعادة البناء على المدى الطويل، فهي أداة تنفيذية لتنظيم البرامج والمشاريع المتصلة بالتنمية وتقديمها في إطار تخطيط متماسك وإطار وطني، وفقاً لأحدث تقارير وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
كتب : المحرر الاقتصادي
أولويات الانعاش والتعافي
إن مرحلة الانعاش والتعافي هي المرحلة الأهم أولويات الانعاش والتعافي
إن مرحلة الانعاش والتعافي هي المرحلة الأهم بعد توقف العدوان، وهي التي تسبق مرحلة إعادة الإعمار، فهي المرحلة المرتبطة بالإنسان والوضع الإنساني الذي يحتاج إلى تلبية احتياجاته خاصة في ظل غياب الخدمات الأساسية.
وتقول أحدث تقارير وزارة التخطيط الذي حصلت "26 سبتمبر" على نسخة منه إن إنعاش وتعافي الوضع الإنساني متمثلاً في الحد من الفقر وسبل العيش ومواجهة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية أمر بالغ الأهمية وأولويات أساسية في إعادة الإعمار وبناء السلام على المدى القصير والطويل.
الحد من الفقر
وتطالب وزارة التخطيط في تقريرها الخاص بالمستجدات الاقتصادية والاجتماعية بضرورة الحد من الفقر في مرحلة الانعاش والتعافي، وتقول إن الفقر في اليمن ظاهرة مزمنة، حيث ارتفعت نسبة الفقراء بين عامي 2014 و 2016 بشكل حاد، وتشير التقديرات إلى أن معدل الفقر بلغ %76.9 عام 2016، كما تشير التقديرات إلى زيادة معدل الفقر عام 2017 إلى %77.9، وإلى %78.8 عام 2018، ومع استمرار الوضع الحالي المتردي واستمرار التراجع الاقتصادي وصعوبة الأوضاع الإنسانية فإن معدلات الفقر مرشحة للزيادة إلى معدلات تفوق %80 خلال عام 2020.
ومن حيث عدد الفقراء، فقد ارتفع عدد الفقراء إلى ما يقارب الضعف عام 2014 مقارنة مع 2005 ليصل إلى 12.6 مليون شخص، ثم إلى 21.2 مليون شخص عام 2016.
ويضيف التقرير: "إن التوقعات المستقبلية لا تبشر بخير إذا لم يتحقق السلام المستدام في اليمن وتعود الأمور إلى نصابها كما كانت، فقد حذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دراسة بعنوان: «تقييم تأثير الصراع في اليمن على تحقيق أهداف التنمية المستدامة» إذا استمرت الحرب في اليمن حتى 2022 بأن اليمن ستعاني من أكبر فجوة فقر في العالم، وستصنف اليمن كأفقر بلد في العالم".
وطبقاً لأحدث البيانات المتوفرة يكشف مسح ميزانية الأسرة 2014 أن الفقر في اليمن يأخذ طابعاً ريفياً حيث يصل معدل الفقر في الريف إلى %59.2، يزيد بما يقارب ثلاثة أضعاف معدل الفقر في الحضر %23.9، وترتفع نسبة الفقر بين الأسر التي تترأسها النساء إلى حوالي%72.0، على مستوى الريف مقارنة مع %58.2 بين الأسر التي يترأسها الرجال، وعلى مستوى الحضر، نجد أن نسبة الفقر بين الأسر التي تترأسها النساء %20.1.
ويؤكد التقرير الحكومي أن عوامل تفشي وتسارع انتشار الفقر في اليمن هي عوامل هيكلية مزمنة زادت حدة وتيرتها في السنوات الأخيرة في اليمن نتيجة التداعيات التي أدت إلى ارتفاع سعر الصرف وتدهور القيمة الشرائية للعملة الوطنية وانكماش الأنشطة الاقتصادية مما يؤدي إلى مزيد من انزلاق الأسر في معدلات الفقر بسبب أضرار كوارث التغيرات المناخية.
الآثار الضارة للفقر على أجيال المستقبل
ويؤكد التقرير الحكومي أن الصدمات التي تعصف بالفقراء لها آثار ضارة تمتد لأجيال، فقد تتسبب في انخفاض معدلات الالتحاق بالمدارس لأن الكثير من الأسر تجبر أبنائها على ترك التعليم والمساهمة في توفير المتطلبات المعيشية للأسرة، فضلاً عن أن سوء التغذية لدى الأطفال يحول دون قدرتهم على التحصيل وقدرتهم الإنتاجية في السنوات اللاحقة.
أبرز الأولويات للتخفيف من الفقر
ويرى التقرير الحكومي أن من أبرز الأولويات للتخفيف من الفقر يتطلب دعم تأسيس قاعدة بيانات شاملة تنبني على المسح الاجتماعي والاقتصادي لميزانية الأسرة، والمسوحات الأخرى، والتي توفر بيانات موثوقة عن الأوضاع المعيشية للأفراد والأسر في اليمن، إلى جانب دعم الجهود الوطنية في إعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية شاملة للتخفيف من الفقر في اليمن، وتأسيس نظام مستدام لمواجهة الفقر واحتمالاته في المستقبل، إلى جانب إنشاء نظم شاملة لرصد وتقييم أوضاع الفقر والاستعداد لآثار التغيرات المناخية.
ويطالب التقرير بتعزيز سياسات متعددة القطاعات لصالح الفقراء، حيث تتطلب جهود التعافي للحد من الفقر في اليمن تطبيق منهج يعتمد على العديد من القطاعات للتعامل مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الفقراء، وخاصة فقراء الريف، وبحيث يشمل دعم الحماية الاجتماعية والزراعة والصيد لكسر حلقة الفقر بهدف خفض الفقر والضعف الاقتصادي والاجتماعي، يجب أن تتضمن الحماية الاجتماعية ثلاثة مكونات عريضة، وهي: المساعدة الاجتماعية والضمان الاجتماعي وحماية وسوق العمل، بما فيها التحويلات النقدية والعينية لتعزيز الرفاه والإنتاجية والنشاط الاقتصادي، إلى جانب بناء نظام حماية اجتماعية شاملة ومراعية للتغذية ومزودة بمعلومات حول المخاطر وتستجيب للصدمات التي تواجه الفقراء والأكثر فقراً في الريف، والعمل على دعم برامج ومبادرات توفر فرص عمل لائقة ومنتجة في المناطق الريفية وخاصة للنساء والشباب، إضافة إلى التركيز على صغار المزارعين والصيادين والاستجابة لأولويات المديريات المتضررة على تحسين سبل كسب معيشتهم والحصول على فرص عمل لائقة والاستفادة من برامج الحماية الاجتماعية، فضلاً عن دعم أصحاب المشروعات الشبان في مجال الزراعة لتعزيز النمو الاقتصادي، ودعم الوظائف وتنمية المهارات من أجل توفير سبل كسب الرزق المستدامة، كما يتطلب ذلك الاستثمار في الوظائف والمجتمع المحلي ودعم المبادرة في المشاريع الصغيرة.
تعزيز الأمن الغذائي وتنمية الخدمات الأساسية
ودعا التقرير إلى أهمية تعزيز سبل كسب العيش، وفقاً لما تزخر به كافة مناطق اليمن وتشجيع الاستثمار في هذه الفرص، وتقديم الدعم لإقامة المشاريع الصغيرة، إلى جانب أن من الأولويات لمرحلة التعافي الاقتصادي الحد من الفجوة الغذائية والعمل على تشجيع الإنتاج الزراعي والصناعي وبما يحقق نوعاً من الاكتفاء الذاتي ويعزز الأمن الغذائي، كما تتطلب المرحلة الاهتمام بالتعليم وتطويره ودراسة احتياجاته ومتطلباته وكذلك القطاع الصحي الذي يعاني من الإهمال وبما يضمن توفير خدمات صحية تسهم في تحقيق التعافي الاقتصادي، فضلاً عن العمل الجاد في توفير كافة الخدمات الأساسية للمواطن.