أخو الشهيد المجاهد اللواء المغربي لـ"26سبتمبر":الشهيد تحلى بثقافة العطاء والبذل والتضحية
نفحة إيمانية امتلكها الشهيد المجاهد وتقاسمها مع أهله وأصدقائه بل وصل الحال الى الميدان العسكري ليعطي من تلك النفحة الإيمانية قادة وضباط وصف وجنود ومجاهدين ورسخها في مبادئها وتجسدت في ميادين العطاء والتضحية بالروح والدم والنفس..
الشهيد المجاهد اللواء عبدالمنعم المغربي- قائد اللواء 82 مشاه- سيرة إيمانية جهادية راقية لابد من الوقوف مع من عايشها والتمس منها الكثير، فأخ الشهيد محمد المغربي كان مقصدنا وأعطانا من وقته حيزاً لنناقش معه مآثر الشهيد وبطولاته وسيرته الحياتية، فإلى نص الحوار:
حوار: عبدالله احمد الطويل
* أخي الكريم في البداية لو تعطينا نبذة تعريفة عن الشهيد ونشأته؟
** أولاً أرحب بصحيفة "26سبتمبر" وأشكركم على الاستضافة وعلى لفتتكم الكريمة لهذه المواضيع وهي إبراز مآثر الشهداء العظماء والشهيد عبدالمنعم سلام الله عليه وعلى كل الشهداء والجرحى والمرابطين في كافة الميادين- الشهيد اللواء عبدالمنعم حمود المغربي- محافظة حجة مديرية كحلان الشرف- متزوج وله ولد وبنت..
نشأ في إحدى قرى الريف اليمني بقرية آل المغربي وقد نشأ بفضل الله في أسرة مجاهدة تثقفت بثقافة القرآن الكريم، ثقافة العطاء والبذل والتضحية في سبيل الله، متبعة منهج الرسول الأعظم صلوات الله عليه وعلى اله الطاهرين ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالله و بأعلام الهدى وبالمسيرة القرآنية العظيمة فقد كانت نشأته صالحة، كان هادئاً ورزيناً وحسن الخلق منذ صغره، التحق بالدراسة الرسمية وكان يحرص على النجاح بالفهم الاستيعاب والجد والمثابرة .
• سمات الشهداء وصفاتهم كثيرة هل بإمكانكم أن تحدثونا عن بعض من سمات الشهيد؟
**عُرف عبدالمنعم منذ صغره بهوايته للفروسية وحبه وعشقه للسلاح وحمله وتعلم الرماية محثاً من حوله على التدريب الجيد على استخدام السلاح.
كان اجتماعياً مختلطاً دائماً بأبناء المجتمع كان يكنيه الجميع (بالشيخ عبدالمنعم) لما حمله من الحكمة والنباهة وسعيه ومسارعته إلى حل النزاعات والإشكاليات والفصل فيها بتوفيق من الله رافضاً للظلم والضيم كان ممن لا يقبلون للظلم والضيم سواءً كان نفسه أو على من حوله.
أما عن شجاعته فقد كان شجاعاً بما تعنيه الكلمة لا توهنه شدة المواقف مهما كانت التحديات والظروف متخذاً من الصبر والتقوى سلماً للصعود إلى درجة الربيون وكان محباً للعمل في سبيل الله ومقدساً له معتبره صمام أمان لجهاده في سبيل الله.
وعن تسليمه للقيادة فقد انغرس في كيان ووجدان الشهيد روحية التسليم فما أن سمع نداء الهدى حتى ازداد إيماناً ووعياً وبصيرة وسار مسارعاً إلى الميدان لكي يجسد توجيهات القيادة في واقعه العملي لأن أفعاله كانت تتحدث أكثر من أقواله.
• متى التحق الشهيد بركب المسيرة القرآنية؟
**عبدالمنعم كان التحاقه بالمشروع القرآني منذ صغره وتحديداً في الثالثة عشر من عمره وبعد أن كان ذلك الطفل الذي يفكر فيما لا يفكر به أقرانه، فقد كان يبحث عن توفير ما يستطيع من احتياجات أسرته لغياب إخوته الذين كانوا يعانون من الظلم في سجون السلطة بتهمة رفع شعار صرخة الحق والبعض من إخوته كان مناصراً للفئة التي ظلمت من أبناء صعده أثناء حرب السلطة الظالمة آنذاك مقتدياً بإخوانه حريصاً على أن يتزود منهم بالزاد الروحي ويستلهم منهم الدروس في الثبات على الحق وفضل الجهاد في سبيل الله ومكاسبه العظيمة .
ونظراً لما كان يلاحظ من واقع الأمة الذي حل بها من التدني والانحطاط و انسلاخ من ثقافتها وهويتها الإيمانية حمل على عاتقه مسؤولية توعية وتثقيف المجتمع الذي يحيط به وعمل على تحشيد الشباب وجمعهم بإقامة العديد من الدورات لهم في مدرسة القرية (بيت المغربي).
• هناك أدوار بطولية للشهداء هل يمكن ايجاز بعض من مواقف الشهيد البطولية؟
** كان له دوراً بارزاً في حرب القطعة وحرب حوث حيث كُلف قائداً للمجاميع وكان المثل الأعلى للقائد الناجح ، كان عبدالمنعم ربانياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فمهما كانت الظروف قاسية أو قلت الامكانيات فقد كان لا يعرف الوهن أو الضعف أو الاستكانة وقد انطبق عليه قول الله تعالى:
(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِـمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) سورة ال عمران (146)
كانت له العديد من المشاركات والأدوار البطولية وعُرف بعشقه للميادين المقدسة "الجبهات" فهو الأول المقدام والمقاتل المندفع عسكرياً في كل ميدان تعرفه جبهات القطعة وحوث والعمري وذباب وجبهات الساحل وميدي وكذلك أحداث فتنة ديسمبر 2017م وحرب حجور وكذلك جبهات مآرب والجوف .
كانت أفعاله تتحدث أكثر من أقواله فقد كانت تترجم إلى إنجازات عظيمة ومتلاحقة رغم صمته إلا أنها كانت ظاهرة عندما يحيكها الآخرون ،كان مستشعراً لمسؤوليته الأمنية ، رغم ما كان يقوم به من الأعمال العظيمة إلا أنه لم يبح بشيء ولم يتحدث عن نفسه وعن بطولاته لأنه نذر حياته لله واخلص له أعماله وفي سبيله، لا يهمه أن يقال عنه شيءُ همه رضا الله عز وجل.
• عُين الشهيد قائد للواء فكيف كانت حياة الشهيد الجهادية في اللواء؟
عند ما كلف بقيادة اللواء82 مشاة كان له دور كبير في إعداد وبناء تشكيلات اللواء واستمر في بناء قادة وأفراد وعاملين اللواء واستمر في استكمال التشكيلات الفعالة إدارياً وميدانياً وألحقهم بالعديد من الدورات المختلفة والمستمرة حيث تجسد واقع هذا اللواء في الميدان العسكري قوة فعالة لردع أعداء الله وأعداء الوطن في مختلف الجبهات .
• هلا حدثتمونا عن حياة الشهيد الأسرية؟
** لم يكن غريب على شخصية كشخصية الشهيد عبدالمنعم أن تكون في صدارة الجهاد في سبيل الله حيث كان نموذجاً في أسرته و مجتمعه و مع من حوله من رفاق دربه المجاهدين.
فقد كان للشهيد دوراً بارزاً في تثقيف أسرته بالثقافة القرآنية وتوعيتهم وتجسيد ثقافة الجهاد والاستشهاد في نفوسهم غارساً فيهم معاني الجهاد في سبيل الله محثاً لهم على الانفاق في سبيل الله والصبر في الشدة والرخاء، كانت لديه نزعه المسارعة في حل أي نزاع أو اشكالية بالحكمة والحنكة، كان همه دائماً صلاح الأسرة وأن تكون نموذجاً قرآنياً في حركاتها حيث حظي الشهيد بمحبة إخوانه ومجتمعه لحسن تعامله وتواضعه ورقي أخلاقه وفي فترة وجيزة كسب محبة من حوله من أبناء المجتمع بإحسانه وتعاونه.
• بمن كان الشهيد متأثراً من رفاقه المجاهدين؟
**عبدالمنعم أو الشيخ مثلما كان الجميع ينادونه منذ أن التحق بالمحور الشمالي التابع للحاج أبو عمار القدمي كان من أكثر القادة ارتباطاً بالشهيد اللواء ابو عمار القدمي وكان ملازماً له في حله وترحاله أغلب أوقاته وبالذات في جبهة ميدي فقد كلف الحاج أبو عمار الشهيد عبدالمنعم بقيادة مجاميع التعزيزات التي دخلت ميدي وقاتل قتال الأبطال حتى أُصيب بطلق ناري في ذراعه اليسرى وخرج من ميدي جريحاً وماهي إلا أيام حتى عاد عبدالمنعم للجبهة بذراعه المكسورة ليساهم مع الحاج أبو عمار في فك الحصار عن مدينة ميدي(الحصار الأول) ملحقين بالعدو هزيمة نكراء مكبدين له خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد..
تمكن الشهيد عبدالمنعم من نيل الثقة الكاملة من قبل الحاج أبو عمار فما أن تستجد معركة هنا أو هناك إلا وأرسله أبو عمار قائد للقوة المرسلة للتعزيز.
وحين وجهت القيادة الحاج الشهيد أبو عمار في عمل آخر قام الحاج بترشيح الشيخ عبدالمنعم لقيادة اللواء 82 بدلاً عنه لما عرفه عنه من حكمة ونباهة وقدرة على القيادة المتميزة وكذلك للعلاقة القوية التي ربطت بين هذين القائدين ارتباطاً لم يفهمه الناس إلا قبل يومين من تشييع الشهيد أبو عمار حين علموا أن الشهيد عبدالمنعم التحق بصديقه ورفيق دربه شهيداً لكي يلتقوا برفاق الخلود من الشهداء العظماء عندها أتى توجيه القيادة بأنه يجب أن يشيعا معاً ويدفنا متجاورين ..فسلام الله عليهما وعلى كل الأبطال من الشهداء ومن من لازال ينتظر..
*سيدي الكريم ماهي رسالتكم الأخيرة في هذا اللقاء ؟
الشهيد البطل لقي الله شهيداً في ميدان الشرف مجسداً قول الله تعالى (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
وعبدالمنعم استشهد وهو في مقدمة الصفوف مقتحماً وشاداً بيديه زناد سلاح الثلاثة والعشرين..
مقدماً أروع الملاح البطولية لتنكيل بالأعداء وبهذا جسد قول الله تعالى وللقارئ الكريم أن يتأمل الآية كما نؤكد أننا جميعاً عشاق للشهادة ومازلنا حاضرين في الجبهات ولن نغيب حتى يكتب الله لنا النصر أو الشهادة واثقون بنصر الله إن تنصروا الله ينصركم ،بخطا ثابتة وولاء لله ورسوله
وأهل البيت عليهم السلام على ارتباطاً وتسلسلاً بأمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام وكل أعلام الهدى بامتداد التاريخ إلى علم زمان عصرنا سيدي ومولاي السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله تعالى..
وفي الأخير أقول لأخي الشهيد عبدالمنعم هنيئاً لك هذا الاصطفاء والوسام العظيم بعد جهاد واستبسال. هنيئاً لك فضل الله وضيافته في حياتك الأبدية، راجين من الله أن يوفقنا ويلحقنا بك وبكل الشهداء العظماء.
ونقول لسيدي القائد العلم نعاهدك أننا سائرون على هذا الطريق، على خطى الشهداء لن نتخاذل مهما كانت التضحيات، ومهما قدمنا فهو قليل في سبيل الله، وشهداؤنا لاشك أنهم في ضيافة الله بعد أن جاهدوا وصبروا وصابروا ورابطوا اتخذهم الله عنده شهداء، ومن أصدق من الله حديثا.