الوساطة بين الحق والباطل خذلان وخيانة
بقلم القاضي/ علي يحيى عبدالمغني/
لا توجد قضية في تاريخ البشرية أوضح وأعدل من القضية الفلسطينية، ولم تتضامن شعوب العالم مع اي شعب أخر كما تضامنت مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، المظلومية فيها واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، لا يوجد شعب في العالم لا يعرف الظالم من المظلوم في فلسطين المحتلة، او القاتل من المقتول، او المجرم من الضحية، او المعتدي والمغتصب والمحتل من المعتدى عليه والمغتصب وطنه والمحتلة أرضه منذ ثمانين عاما تقريبا.

اليوم كافة الدول والأنظمة والشعوب حول العالم بمختلف لغاتها واجناسها واديانها واوطانها ترى نفسها معنية بنصرة القضية الفلسطينية، وإيقاف الجرائم الصهيونية في قطاع غزة، وتتخذ مواقف عملية لمعاقبة الكيان الصهيوني ومحاصرته في كل دولة ومدينة، والأنظمة والدول والشعوب العربية والإسلامية التي تربطها بالشعب الفلسطيني روابط دينية ولغوية وتاريخية وجغرافية واجتماعية وانسانية ترى نفسها محايدة، وتدعي انها وسيطة، هذا الموقف لا اساس له في القران الكرايم، ولا في السنة النبوية الشريفة، ولا في المواثيق والمعاهدات الدولية.
فالقرآن الكريم يخاطب المسلمين قائلا(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما، فإن بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي إلى امر الله)، والسنة النبوية الشريفة تقول(انصر اخاك ظالما او مظلوما)، وميثاق الأمم المتحدة ينص على: ان الابادة الجماعية، والتطهير العرقي، والتهجير القسري، من الجرائم ضد الإنسانية التي يحق لأي دولة في العالم أن تتصدى لها ولو بالقوة المسلحة.
دول امريكا اللاتينية اليوم تدعو دول العالم من منصة الأمم المتحدة إلى تشكيل جيش موحد لتحرير الشعب الفلسطيني من الكيان الصهيوني، وقادة الدول العربية والإسلامية التي تعتبر نفسها زعيمة لأهل السنة والجماعة، وممثلة ل90% من ابناء الأمة ترحب بالخطة الأمريكية الصهيونية لتصفية القضية الفلسطينية، وتضغط على فصائل المقاومة في قطاع غزة للقبول بالاستسلام والهزيمة، والقاء سلاحها، ومغادرة وطنها، وتسليم القطاع لإدارة أمريكية بريطانية صهيونية، هذه الأنظمة العميلة المطبعة ليست محايدة منذ بداية العدوان على غزة، ولم تكن يوما من الأيام وسيطا نزيها في مفاوضات الدوحة، بل كانت وما زالت أداة امريكية صهيونية لتظليل الشعوب العربية والإسلامية، ومخادعة المقاومة الفلسطينية في هذه المعركة، كما فعل عمروا بن العاص مع أبي موسى الأشعري في معركة صفين، لا شك أن حقيقة هذه الأنظمة باتت واضحة لكافة الشعوب العربية والإسلامية.
لا حياد بين الحق والباطل، ولا وساطة بين المظلوم والظالم، وهذا ما عبر عنه سيد الشهداء على طريق القدس الأمين العام السابق لحزب الله سماحة السيد الشهيد حسن نصرالله رضوان الله عليه حينما طلب منه النظام السعودي الوساطة لدى انصارالله لايقاف الحرب بين اليمن والسعودية، فقال لهم صراحة انا لست طرفا محايدا، ولا استطيع ان اكون وسيطا في هذه الحرب، ولا يمكنني أن اطلب من شعب مظلوم يدافع عن نفسه ان يلقي سلاحه، ويقبل بالهزيمة احتراما للسعودية، هذا هو موقف القران الكريم، وموقف السنة النبوية الشريفة، وموقف اهل البيت عليهم السلام عبر التاريخ، لم يرى نفسه محايدا، ولم يقبل أن يكون وسيطا، بين طرفين محسوبين على الاسلام، فهل يمكن أن يقبل ذلك بين الإسلام والكفر، كما فعل النظام التركي والقطري والسعودي والمصري والأردني والاماراتي وغيرها، لا شك أن الأمة العربية والإسلامية اليوم معنية بإعادة النظر في حكامها وقادتها، وفكرها وثقافتها، وسيرتها وتاريخها، قبل أن يستحكم غضب الله عليها، وينتقل ما يحدث في قطاع غزة إليها، وتخسر آخرتها ودنياها .
*أمين عام مجلس الشورى