
رَبِيعُ القُلُوبِ
عبد الإله عبد القادر الجنيد
وُلِدَ الهُدى، فَتَبَسَّمَتْ صَنْعَاءُ،
وَسَمَاؤُهَا، وَالرَّوْضَةُ الغَنَّاءُ.
وَرُبُوعُ صَعْدَةَ فَاخَرَتْ بِبَهَائِهَا،
لَمَّا كَسَتْهَا الحُلَّةُ الخَضْرَاءُ.
وَتَزَيَّنَتْ تَعِزٌ وَإبُّ وَحَجَّةٌ،
وَالجَوْفُ وَالمَحوِيتُ وَالبَيْضَاءُ.
وَجِبَالُ رَيْمَةَ أَعْلَنَتْ أَفْرَاحَهَا،
عَمْرَانُ وَالوِدْيَانُ وَالبَيْدَاءُ.
وَتَهَيَّأَتْ شَوْقًا لِنُورِ مُحَمَّدٍ،
فَتَرَنَّمَتْ طَرَبًا لَهُ الفَيْحَاءُ.
وَإِذَا ذَمَارٌ سَابَقَتْ بِوَلَائِهَا،
فَتَلَأْلَأَتْ بِسَمَائِهَا الأَضْوَاءُ.
وَالسَّاحِلُ الغَرْبِيُّ يَشْدُو بَهْجَةً:
«وُلِدَ الهُدى فَالْكَائِنَاتُ ضِيَاءُ».
وَقَصَائِدٌ فِي حُبِّهِ، وَمَشارِبٌ،
وَالْمَدْحُ وَالتَّبْجِيلُ وَالإِطْرَاءُ.
وُلِدَ الحَبِيبُ مُحَمَّدٌ خَيْرُ الوَرَى،
فَاسْتَبْشَرَ الآبَاءُ وَالأَبْنَاءُ.
وَتَوَافَدَ الشَّعْبُ الكَرِيمُ مُلَبِّيًا
بِوَلَائِهِ، مِنْ كُلِّ فَجٍّ جَاءُوا.
وَمُهَنِّئًا سِبْطَ النَّبِيِّ مُبَارِكًا،
فَاكْتَظَّتِ السَّاحَاتُ وَالأَرْجَاءُ.
وَهْتافُهُمْ: لَبَّيْكَ يَا خَيْرَ الوَرَى،
فَحُشُودُنَا لَكَ طاعَةٌ وَوَفَاءُ.
وَحُشُودُنَا فِي يَوْمِ مَوْلِدِ أَحْمَدَ،
عِشْقٌ وَتَعْظِيمٌ لَهُ وَثَنَاءُ.
مُلِئَتْ قُلُوبُ العَاشِقِينَ لأَحْمَدَ
شَرَفاً وَعِزاً وَارفاً وَإِبَاء.
فِي حُبِّ خَيْرِ المُرْسَلِينَ وَآلِهِ،
قَدْ جَاءَتِ الآيَاتُ وَالأَنْبَاءُ.
إِذْ قَالَ رَبُّكَ: قُلْ بِرَحْمَتِهِ لَكُمْ،
وَبِفَضْلِهِ فَلْيَفْرَحُوا مَا شَاءُوا.
وَهُوَ الَّذِي صَلَّى وَعَظَّمَ شَأْنَهُ،
وَمَلائِكُ الرَّحْمَنِ وَالأَسْمَاءُ.
وَقَضَى بِأَنْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا،
إِنَّ الصَّلاةَ عَلَى النَّبِيِّ وِقَاءُ.
قُرِنَتْ بِتَسْلِيمٍ لَهُ وَلِآلِهِ،
فَالاتِّبَاعُ المُسْتَبِينُ وَلَاءُ.
وُلِدَ الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ فَأَشْرَقَتْ
أَنْوَارُهُ بِسِرَاجِهِ الوُضَّاءُ.
هُوَ قُدْوَةٌ، هُوَ أُسْوَةٌ، وَمَحَبَّةٌ،
لِلمُؤمِنيِنَ بِرَبِّهم وَشِفَاءُ.
وَلْتَقْتَدُوا بِسَبِيلِهِ كَيْ تَهْتَدُوا،
وَتَجَاهِدُوا فَلأَنْتُمُ الأَحْيَاءُ.
بِرَبِيعِهِ فِي كُلِّ عَامٍ تُنْصَرُوا،
نَصْرًا بِهِ قَدْ أُرْكِسَ الأَعْدَاءُ.
وَتَطَالُ أَعْدَاءَ النَّبِيِّ مَذَلَّةٌ،
وَمَهَانَةٌ، وَهَزَائِمٌ نُكْرَاءُ.
لَمَّا تَجَلَّى لِلْقُلُوبِ رَبِيعُهُ،
أَضْحَى رَبِيعُ قُلُوبِنَا وَالمَاءُ.
وَالْيَوْمَ قَدْ عَادَ الرَّبِيعُ مُجَدَّدًا،
وَمَصَابُ غَزَّةَ مِحْنَةٌ لأَوَاءُ.
قَتْلًا وَتَجْوِيعًا، وَحَرْب إبَادَةٍ،
وَالقَصْفُ وَالتَهْجِيرُ وَالإِجْلاءُ.
وَالْمُسْلِمُونَ بِصُمْتِهِمْ وَهُوَانِهِمْ،
بَاتُوا كَمَا قَالَ الرَّسُولُ: غُثَاءُ.
لَكِنَّمَا يَمَنُ الإِبَاءِ بِوَعْيِهِ،
شَعْبٌ كَرِيمٌ دَاعِمٌ مُعْطَاءُ.
وَمُسَانِدًا بِجِهَادِهِ وَقِتَالِهِ،
لِلْغَاصِبِينَ العَادِيِينَ جَزَاءُ.
يَا سَيِّدِي، صَلَّى عَلَيْكَ وَلِيُّنَا،
وَالْمُرْتَضَى، وَالآلُ، وَالزَّهْرَاءُ.
صَلَّى عَلَيْكَ سِلَاحُنَا وَبِحَارُنَا،
وَالدَّعْمُ، وَالإِسْنَادُ، وَالأَجْوَاءُ.
يَا سَيِّدِي، صَلَّتْ عَلَيْكَ حُرُوفُنَا،
وَالشِّعْرُ، وَالفُصَحَاءُ، وَالأُدَبَاءُ.
يَا سَيِّدِي، صَلَّتْ عَلَيْكَ جِبَاهُنَا،
وَالشَّعْبُ، وَالسَّاحَاتُ، وَالأَنْحَاءُ.
صَلَّى عَلَيْكَ ثَبَاتُ غَزَّةَ هَاشِمٍ،
وَصُمُودُهَا، وَالثُّلَّةُ العُظَمَاءُ.
صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ فِي عَلْيَائِهِ،
مَا دَامَ ذِكْرُ اللهِ وَالقُرَنَاءُ.