كتابات | آراء

الشهيد ينجب الشهداء !

الشهيد ينجب الشهداء !

تكتب الشهادة في كل فترات ومراحل التاريخ لعباده العظماء، الذي جعل الله دماءهم زيتا يضيء بها مصابيح العزة والكرامة للأمة لا تنطفئ ابدا، فجعلهم الاحياء بجواره إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

إنها سنة الله ونواميس الكون، وقدره النافذ، أن تروي تراب العزة بالدماء الطاهرة، فتنبت نباتا طيبا من الشهداء والأحرار، فالشهيد ينجب الشهداء، ليست كلمة تقال، بل هي مشهد من مشاهد العزة تتجسد في واقعنا اليمني في الكثير من الأسر التي تثمر أبطالا كرماء وشهداء عظماء.
في الأربعاء الدامي العاشر من سبتمبر الجاري، امتزج حبر الصحافة بدماء الشهادة، ارتقى كوكبة من الزملاء الأعزاء، بينهم، عبدالعزيز الشيخ، مراد الفقيه، علي الشراعي، سامي الزيدي، يوسف شمس الدين، عبدالقوي العصفور، محمد العميسي، قيس النقيب، دبلان، السنفي، السمحي، الصعدي، النجار، العاقل، الديلمي، الضاوي، الرميصة، شاس، المطري، والعم عبدالله الحرازي، وغيرهم من الشهداء العظماء.
امتزجت الفاجعة بالقهر، إلا أن الصدمة الحقيقية كانت حاضرة، حين ارتقى الشابين "محمد وزهير "، نجلي الزميل الشهيد، أحمد محمد الزعكري، في العدوان الصهيوني الغادر الذي استهدف مقر صحيفتي 26 سبتمبر واليمن وسط ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء، مع زملائهما الصحفيين الأبرار عظماء على طريق القدس، طريق الشرف والعزة، فكانت نعم الشهادة التي يتشرف بها كل الأحرار، ويفخر كل من في قلبه ذرة من إيمان أن ينالها على يد قاتلي الأنبياء والرسل من اليهود بني إسرائيل.
والدهما الشهيد أحمد الزعكري، كان مثالا يحتذى به يحمل روح نقيه وطاهرة، صحفيا ومجاهدا عظيما، لم يقتصر جهاده على الكلمة فقط، بل حمل السلاح مرابطا في جبهات العزة والكرامة، مقتحما بشجاعته أسوار وجحافل المرتزقة برصاص الحارق الخارق، حتى استشهد في أبريل من العام 2019، تاركا خلفه إرثا من المجد والسيرة العطرة يرويها كل من عرف ضحكاته وبساطة حياته عن قرب.
أسرة الزعكري كتبت تاريخها بدماء أبنائها، فسطرت بذلك معاني الفخر والاعتزاز في المشروع القرآني العظيم الذي انطلق الجميع من أجله، لم يهابوا العدوان، لتقدم هذه الأسرة الكريمة أغلى ما تملك من فلذات كبدها، ألتقت روحا "محمد وزهير "، بروح والدهما بعد فراق 6 سنوات و 4 أشهر و 13 يوما، الذي بلا شك وكلنا ثقة بالله بأنه سيستقبلها هناك في جنات النعيم، بعد أن انطلقا على خطى والدهما، في ميدانه مجاهدين بعلمه وإيمانه.
بينما كان محمد يستعد للالتحاق بالمعهد العالي للقضاء، ليكون قاضيا بالحق، وشاهرا سيف العدالة، في حين كان الشاب زهير طالبا في كلية الطب بجامعة الحكمة، يتدرب على مشرط الطبيب، وبقلب المجاهد ليكون مداويا جراح مجتمعه، هكذا تتجلى العظمة في أبهى صورها، حين قدمت الأسرة فلذات أكبادها فداء لله وللمسيرة القرآنية دفاعا عن شرف الأمة ليرتقوا شهداء بعدوان صهيوني، لا يزال الشعب يجسد عظمة الصمود ويسطر المواقف في خروجه الأسبوعي يهتف لفلسطين وغزة على الدرب الذي سلكه للشهداء بكل إيمان وثبات.
ستبقى مواقف الشهداء ومواقعهم تكتب وتسطر صفحات التاريخ بأحرف من نور، لتنبت العزة والكرامة للأمة رجالا وأجيالا لا يخشون الموت إلا في سبيل الله، فهنيئا لليمن هذه التضحيات التي ستبقى أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء، تثمر شهداء يتلو بعضهم بعضا في سجل الخالدين، في نصرة المظلومين والمستضعفين، لأنهم كانوا ولا زالوا مستضعفين، لأن دماءهم هي الشعلة التي تنير الدرب، والشمس التي لا تغيب عن أرض اليمن والأمة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا