
ما الجديد في رواية نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى"؟
في تصعيدٍ خطيرٍ يكشف عن النزعة التوسعية للصهيونية جدد رئيس كيان العدو بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية حديثه عن ارتباطه الشديد بما يُسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، التي تقوم على التوسع واحتلال أراضٍ عربية وتهجير الفلسطينيين بناءً على ادعاءاتٍ ينسبها الصهاينة إلى التوراة المُحرَّفة.
وفي المقابل لم ترقَ المواقفُ العربيةُ إلى مستوى هذا التحدي السافر لانتهاك سيادة الشعوب والشرعية الدولية إذ إن الإدانة العربية "باشد العبارات " غير مجدية مع عدو متغطرس.
ناصر الخذري
في حين ذهب عدد من الكتاب والمحللين السياسيين في تفسيرهم لهذا التصريح إلى أنه يهدف إلى إحراج نتنياهو لمعرفة مدى إيمانه بهذه الرؤية أمام الصهيونية القومية والدينية فيما قلل آخرون من خطر رؤية إسرائيل الكبرى على الدول العربية المشار إليها في خارطة الشرق الأوسط الجديد ويرون أن أطماع (إسرائيل) تتمحور بشكل أساسي على فلسطين بالدرجة الأولى ويدورون في حديثهم حول الأطماع الصهيونية بشكل غير مقنع للجمهور العربي خاصة من متابعي قناة عربية تظهر أنها داعمة للمقاومة ليتضح من خلال بعض تحليلات ضيوفها أنها تدس السم في العسل.
وبغض النظر عن دقة التحليلات السياسية ومواقف قادة الدول العربية المستهدفة برؤية( إسرائيل الكبرى )غير الرادعة للعدو وغير المقنعة للشعوب فإن القاصي والداني يمتلكان من الخلفية التاريخية الثقافية عن أطماع الصهيونية ما يجعلهم يدركون أنها لن تتوقف عند المناطق التي وصلت إليها دبابات الاحتلال سواء في قطاع غزة أو في جنوب لبنان أو في جنوب سوريا وتحتلها حاليًا بل إن لديها أهدافًا بعيدة قرأوا عنها بشكل أوسع ربما من قادة العرب الذين بدت بياناتهم المنددة بالتصريح وخطة الاحتلال في إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط هزيلة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب لردع كيان الاحتلال الذي تجاوز ونقض بنود اتفاقيات (كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو) بشكل سافر لا يقيم وزنًا للدول المطبعة والمتعاونة معه في تبادل تجاري واقتصادي ودبلوماسي أيضًا.
إجراءات عقابية
الإدانات مهما علت نبرتها فإنها هامشية لا تحرك ساكنًا لدى قادة الاحتلال الذين لا يفهمون إلا لغة القوة وما دونها من بيانات لا تعدو كونها عبارات سمع منها المحتل الكثير ولم يلتفت لها.
وبدلًا من تكرار إصدار بيانات ومطالبات للمجتمع الدولي بالتنديد بتصريح نتنياهو لدى قادة الأنظمة العربية الكثير من أوراق الضغط القوية التي تجعل قادة الاحتلال يرضخون ويوقفون عدوانهم وجرائمهم بحق فلسطين والشعوب العربية ومن أولى تلك الأوراق البدء بتعليق الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال ووقف التبادل التجاري معه وسحب سفرائهم من الأراضي المحتلة وطرد سفراء العدو وتوسيع الضغط سياسيًا واقتصاديًا على أمريكا ودول أوروبا.
مثل هذه الأوراق إن استخدمت بشكل جاد فلا شك أنها ستجعل الاحتلال وداعميه في البيت الأبيض ودول الغرب يرضخون للصوت العربي الذي تتبعه إجراءات عقابية ملموسة على الواقع العملي في الجوانب السياسية والاقتصادية وغيرها.
بين التصريح والواقع
إلى جانب تصريحات قادة العدو الصهيوني بتوسيع مساحة (إسرائيل)، يواصل الاحتلال المضي في تنفيذ المشروع الصهيوني من خلال فرض واقع جديد ضمن إطار ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد بخطوات على الأرض ومن ذلك احتلال سلسلة جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل والسيطرة على مناطق ما بعد المنطقة العازلة التي حددتها اتفاقية 1974 بين سوريا وكيان العدو إلى جانب إعادة احتلال مناطق في جنوب لبنان واستمراره في إبادة سكان قطاع غزة والضغط عليهم بالحديد والنار والتجويع لتهجيرهم قسرًا نحو سيناء المصرية إلى جانب التوسع والاستيطان في الضفة الغربية وإصدار قرار الكنيست الذي قضى بضم الضفة الغربية وغور الأردن بشكل يوضح استحالة السلام مع المحتل الذي يواصل التوسع في أراضي العرب بناءً على خرافات وادعاءات ينسبونها للتوراة المحرفة.
عقيدة صهيونية
الذين يرون أن تصريح نتنياهو زلة لسان أو لغرض دغدغة جمهوره من اليمين المتطرف للبقاء أطول فترة ممكنة في السلطة يضعون أنفسهم في دائرة التآمر ليس على القضية الفلسطينية فحسب وإنما على البلدان العربية التي باتت ضمن خارطة ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد أو (إسرائيل الكبرى).
وللتوضيح وتذكير من يتناسى فكرة المشروع الصهيوني التوراتي فإن ما ورد على لسان المجرم نتنياهو المطلوب للجنايات الدولية ليس جديدًا وإنما يأتي في إطار ما أكد عليه أسلافه من زعماء الوكالة اليهودية وقادة الكيان وعبروا عنه صراحة في كثير من التصريحات وأمام هيئة الأمم المتحدة وضمنوه في كتبهم ويعلمونه في مدارسهم وسخروا الكثير من الأموال وجندوا الكثير من العملاء لتحقيق غاية الصهيونية في أرض فلسطين وبقية الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط، التي يحاول قادة العدو بدعم أمريكي وغربي إعادة رسمها بما يحقق الأطماع في التوسع والسيطرة على ثروات العرب وشق قناة بن غوريون لتكون بديلة لقناة السويس وعمل ممرد داوود ضمن خطة باتت واضحة ويستعرض خارطتها نتنياهو أمام هيئة الأمم المتحدة وعبر وسائل الإعلام العبرية أكثر من مرة إلى جانب التحدي السافر بالدعوة إلى تهجير سكان فلسطين، بشكل يتطابق مع تصريحات الرئيس الأمريكي الحالي ترامب الذي يتبنى ويدعم خطة كيان الاحتلال وفق ما يمليه اللوبي الصهيوني المتحكم على قرارات البيت الأبيض.
وثائق سرية
ولذلك لا يوجد ما يبعث على الاستغراب حيال حلم الصهيونية في الوصول إلى إنشاء (إسرائيل الكبرى)، فما قاله نتنياهو حول مهمته الروحية والتاريخية ليس جديدًا فقد سبق أن ذكر ذلك في كتابه (مكان تحت الشمس) وحتى الوثائق السرية لم تعد مخفية في أدراج المخابرات الأمريكية فقد سمح بنشرها وتناولها كثير من الكتاب العرب والباحثين والدارسين ومن ذلك ما أشار إليه الكاتب سعيد الجزائري في كتابه (المخابرات والعالم) حيث قال : " نشرت الخارجية الأمريكية وثائقها السرية الخاصة بسياستها عام 1943م في الشرق الأوسط في مطلع التسعينات من القرن العشرين، وكان من ضمن هذه الوثائق تقرير سري رفعه الجنرال (باتريك هارلي) إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في حينه روزفلت بتاريخ 5/5/1943م، بعد أن زار هذا الجنرال المغرب العربي ومصر وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق في شهر نيسان 1943م ومقابلته لعدد من زعماء العرب والصهاينة في المنطقة.
بحسب الوثائق السرية التي نشرتها الخارجية الأمريكية عام 1943م في عهد الرئيس روزفلت، فإن زعماء الوكالة اليهودية مصممون على تنفيذ ما يلي:
1- إنشاء دولة يهودية على أرض فلسطين.
2- إبعاد وترحيل عرب فلسطين "السكان الأصليين" إلى العراق.
3- بعد تأسيس وإقامة دولة إسرائيل، "انطلاق اليهود" في منطقة الشرق الأوسط وتطوير سياستهم بما يتفق مع البرنامج الصهيوني التوسعي.
بالنظر إلى فحوى الوثائق السرية لزعماء الوكالة اليهودية التي نُشرت قبل احتلال فلسطين بخمس سنوات، يتضح أن مخطط التوسع في الشرق الأوسط وتهجير سكان فلسطين لم يكن وليد اللحظة بل يرجع إلى خطة صهيونية تعود إلى أكثر من قرن من الزمن وتتابع تنفيذ المشروع الصهيوني من خلال اعتماد الورقة اليهودية التي رفعها قائد الحملة الفرنسية نابليون أثناء في غزوه لمصر واحتلاله للقدس وما أعقبه من السير على نفس النهج من قبل بريطانيا التي مهّدت لتنفيذ المخطط الصهيوني من خلال اتفاقية كامبل عام 1905 ووعد بلفور المشؤوم عام 1917 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 الذي قضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين: فلسطينية وأخرى يهودية قبل أن يتم زرع الكيان الغاصب في الأراضي الفلسطينية والاعتراف به كدولة من قبل أمريكا والغرب.
وفي هذا السياق استمرت الصهيونية في سياستها القائمة على القتل والتدمير واحتلال الأراضي العربية بدعم أمريكي وغربي واضح منها ما يندرج في إطار سياسي يتمثل في السيطرة على قلب العالم (الوطن العربي) واستغلال خيراته وثرواته وجعل الكيان الملفق المسمى (إسرائيل) كلب حراسة للمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وأما الجانب الآخر فجاء تحت التخفي وراء ستار ديني بمسمى أرض الميعاد وشعب الله المختار وفلسطين هبة الرب وإنشاء الهيكل الثالث بدلاً من المسجد الأقصى المبارك، ونسب تلك الخرافات إلى التوراة التي يعملون على أساسها. ليتواصل الدعم من قبل المسيحية الصهيونية لإسرائيل التي تربط ذلك باعتقاد ديني قائم على أن من يعادي إسرائيل فإنه يعادي الرب فيما الحقيقة أن عصابات الهاجاناه والشترين مجاميع دموية تم تجميعها من دول أوروبا ومن روسيا وغيرها التي تحمل فكراً علمانياً لا هدف لها سوى البحث عن أراضٍ بديلة لتلك التي أُجبروا على الخروج منها خاصة في أوروبا بعد أن تم وضعهم في معسكرات النازية للتخلص منهم.
ادعاء توراتي
وفي ظل الادعاء التوراتي لإقامة إسرائيل الكبرى لا يمكن أن يصل العرب إلى اتفاقيات سلام أو التوصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية بالتفاوض ومقترحات الزعامات العربية التي تذهب عادة أدراج الرياح. وعن الأساس الذي يبني عليه الاحتلال الصهيوني مشاريعه التوسعية في الاحتلال والتدمير وعدم إمكانية قيام دولة فلسطينية يقول الكاتب المصري الراحل محمد حسنين هيكل في سياق محاضرة قيمة له ألقاها عام 1995 في باريس تحت عنوان (أزمة العرب ومستقبلهم): "ننسى أن إسرائيل في الأصل والأساس ادعاء توراتي يؤمن به ويعمل على أساسه كل سكان (إسرائيل) المعتدلون العلمانيون والمتطرفون الدينيون سواء بسواء وصحيح أننا نرصد بينهم خلافات، لكن هذه الخلافات تفاصيل فإذا هي تجاوزت التفاصيل - وهو أمر وارد – إذن فنحن أمام احتمالين كلاهما متفجر:
• إذا ساد المعتدلون العلمانيون لم يعد هناك أساس لقيام الدولة
• وإذا ساد المتطرفون الدينيون لم يعد هناك أساس لقيام السلام"
الأهداف البعيدة
فمن رؤية وخطة هيرتزل إلى تصريحات زعماء الوكالة اليهودية المتعاقبين إلى تصريح أول رئيس وزراء لحكومة الاحتلال ديفيد بن غوريون نجد التطابق التام في الأقوال والأفعال لتحقيق الغاية والهدف لحلم إنشاء (مملكة إسرائيل أو إسرائيل الكبرى).
وهذا ما أفصح عنه بن غوريون في بيان وجّهه إلى الصهاينة ضمن اجتماع لهيئة الأمم في ديسمبر عام 1948 بقوله: "إن الانتصارات الأخيرة هي إحدى المقدمات لأهداف إسرائيل البعيدة فعلى الشعب أن يكتل قواه للوصول إلى تلك الأهداف استعدوا للوصول إلى الهدف النهائي في بناء الدولة اليهودية وجلب يهود العالم جميعاً وتحقيق البنود الواردة في التوراة".
وبالنظر إلى أدبيات العدو نلاحظ أن الصهيوني نورمان بنتويش قد أشار في كتابه "فلسطين اليهود" إلى الحديث عن البنود الواردة في التوراة ايضا بالقول:
"لا حاجة أن تكون فلسطين المستقبل محدودة بحدودها التاريخية ففي إمكان اليهود الامتداد إلى جميع البلاد التي وُعدوا بها في التوراة وهي من البحر المتوسط حتى الفرات ومن لبنان حتى نهر النيل هذه هي البلاد التي أُعطيت للشعب المختار".
ولذلك، فإن ما قاله نتنياهو ليس زلة لسان ولا محاولة لاستعادة شعبيته المفقودة وإنما إيمان حقيقي وقناعة راسخة لتحقيق المشروع في التوسع واحتلال فلسطين وأجزاء من الأراضي لعدد من الدول العربية. وبالنظر لتصريحات قادة الكيان قديماً وحديثاً، نجدها لا تختلف عن بعضها فنلاحظ ضمن تصريحات قادة الكيان خلال أحداث معركة طوفان الأقصى أن المتطرف سموتريتش وزير مالية الاحتلال تحدث أكثر من مرة ومن ذلك قوله: "إننا نؤمن بإسرائيل الكبرى وسنحققها رويداً رويداً".
وكذلك تصريحات المتطرف بن غفير التي دعا فيها إلى تهجير سكان قطاع غزة وقيامه مع قطيع من المستوطنين مرات عديدة بتدنيس المسجد الأقصى المبارك بشكل يؤكد أن عصابات الاحتلال تمثل خطراً داهماً على العرب جميعاً وعلى المقدسات الإسلامية ليس من اليوم بل منذ أن دُنّست أرض فلسطين بهذه العصابات الدموية المارقة.
دعم أمريكا والغرب
حين نتحدث عن (إسرائيل) بعدد المستوطنين القليل والمساحة الجغرافية الضيفة اتي تحتلها فإنها لا تؤهلها لأن تكون بهذا القدر من القوة لتشن غارات جوية على إيران وسورية والعراق واليمن ولبنان، وتمارس أبشع جرائم الإبادة في فلسطين لما يقارب العامين، لولا الدعم الأمريكي والغربي المستمر على المستويات المختلفة: اقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً وبشكل علني أيضاً في المحافل الدولية وعلى قنوات الإعلام الأمريكي والغربي مما جعل هذا الكيان الملفق يواصل التوسع وارتكاب الجرائم في انتهاك سيادة عدد من الدول العربية في فترة خطيرة يعتبرها الكيان وداعمه الأمريكي ذهبية لتحقيق الأهداف التي وضعتها الصهيونية في فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، نلاحظ تصريح وزير الدفاع الأمريكي الحالي(بيت هيغسيث) الذي خاطب الإسرائيليين وطلب منهم استثمار فترة حكم ترامب لإقامة هيكل سليمان الثالث وتحقيق حلم الأرض الموعودة.
توسيع المساحة
يستمر كيان الاحتلال الصهيوني في ارتكاب جرائم الإبادة في فلسطين والتوسع في الأراضي العربية بدعم وضوء أخضر أمريكي ليس في عهد الرئيس الأمريكي الحالي ترامب وإنما في كل الفترات التي حكم فيها قادة البيت الأبيض. ولذلك هناك شروط لا يمكن تجاوزها من قبل اي مرشح لرئاسة أمريكا ومنها الالتزام بأمن إسرائيل وحمايتها ودعمها وهذا ما أشار إليه ترامب خلال فترة ترشحه للولاية الثانية بتأكيده على أنه سيعمل على توسيع المساحة الجغرافية التي تحتلها اسرائيل وهذه احدى الدلائل الواضحة على تبنيه ودعمه رؤية (إسرائيل الكبرى).
لا خريطة ولا دستور لماذا؟
إن المنطلقات والأساس للخرافة التي قام على أساسها الكيان جعله يرفض اعتماد خريطة وما يزال حتى الآن بلا دستور لأن أي دستور لا بد له أن يحدد حدود الدولة. ثم إنها أيضًا بلا قانون للجنسية وهي في ذلك الصدد تعتمد على قانون العودة الذي يجعل من كل يهودي قادم إليها إسرائيليًا بالأمر الواقع.
أصدقاء أمريكا
لا تهتم أمريكا كثيرًا بأصدقائها العرب ولا تلقي بالًا لتنديداتهم وترى أنهم في حالة ضعف أو أنهم لا يريدون إزعاج البيت الأبيض. وهناك نظرة احتقار للعرب من قبل قادة أمريكا والاحتلال وتعامل ترامب حاليا مع العرب يذكر بما قاله أول رئيس للاحتلال الصهيوني حاييم وايزمان للسفير الأمريكي الدائم في الأمم المتحدة في 15 أبريل 1948: "لا داعي للخوف من العرب فهم ضعفاء بطريقة بائسة".
وعن الاستخفاف بالزعماء العرب انتشرت طُرفة في البيت الأبيض في عهد الرئيس آيزنهاور لتتحول إلى نظرية سياسية حقيقية في عهد ريجان: "كيف يمكن التمييز بين أخيار العرب وشرارهم؟ فجاء الجواب: "العرب الأخيار هم الذين يمتثلون لأوامر الولايات المتحدة الأمريكية فيحصلون بالمقابل على الطائرات ويسمح لهم بإيداع أموالهم في المصارف السويسرية ويتلقون دعوة لزيارة واشنطن".
سياسة صهيونية
فما يعمل عليه كيان الاحتلال الصهيوني اليوم هو ترجمة لتحقيق المشروع الصهيوني من خلال الضم والتهويد والتوسع في احتلال المزيد من أرض العرب. فمنذ أن تم احتلال فلسطين بدأ بتنفيذ مخططاته بصور وأشكال شتى بواسطة القتل وتهجير سكان فلسطين بقوة الحديد والنار ومن خلال العمل على تهويد القدس وكل المدن الفلسطينية وطمس الهوية العربية الإسلامية والحضارية بوضع أسماء أخرى للمدن التي احتلها ورسم خرائط تدّعي امتلاكه للأراضي العربية. حتى إن الاحتلال قام بعد نكبة 1948 بوضع خريطة رسمية في مدارس اليهود تسمي الأقسام العربية من فلسطين وشرق الأردن "إسرائيل التي يحتلها العرب".!
حماية الأمن القومي العربي
لم يعد الموقف العربي في الوقت الحالي ينحصر في الدفاع عن فلسطين بل بات الوضع الحالي يتطلب موقفًا عربيًا قويًا للدفاع عن الأمن القومي العربي أمام خطر الصهيونية ضد العرب والتوسع في أراضيهم بحسب رؤية ( إسرائيل الكبرى ) التي لم تكن وليدة اللحظة او ناتجة عن تصريح الارعن نتنياهو بل مشروع صهيوني قديم يعمل عليه كل قادة الكيان.
. وأمام هذا التحدي السافر للأمة العربية من العار أن يقفوا متفرجين حتى يصل الفأس إلى الرأس. أليس الأحرى بقادة الأنظمة العربية المطبّعة قبل غيرها أن ترد بشكل عملي على هذه التصريحات والتحركات الصهيونية على الأرض التي تمثل تهديدًا خطيرًا للأمن القومي العربي لكل من جمهورية مصر العربية، والسعودية، وسوريا، والأردن، والعراق، ولبنان، وأيضًا بقية دول الخليج وكل دول العرب التي لن تكون في منأى عن خطر الصهيونية؟
فأولى خطوات الدفاع عن الأمن القومي العربي تتمثل في دعم المقاومة الفلسطينية فهي الخط الدفاعي الأول عن العرب وعلى البيئة الاستراتيجية لفلسطين أن تعي ذلك جيدًا وفي المقدمة مصر التي تعتبر هدفًا قادمًا للعدو الصهيوني وعن الترابط بين فلسطين ومصر يقول الكاتب هيكل: "اللافت للنظر أن كل ما يتصل بفلسطين كان ولا يزال مؤثرًا أساسيًا على مصر، سواء عرفه قادتها أو غابت عنهم معرفته".
أما الأردن فينظر إليها قادة الاحتلال بأنها جزء من وعد بلفور ولكن تأخر تنفيذه لأسباب وكذلك المدينة المنورة التي يرون فيها إرثًا ليهود خيبر وسوريا ولبنان وبقية دول الخليج التي ضمّتها خريطة الشرق الأوسط الجديد التي يسعى الحاخام نتنياهو إلى تحقيقها على الواقع منذ ثلاثة عقود وفق شتى الوسائل والأساليب
ما هو الجديد؟
وهنا نتساءل: ما هو الجديد في تصريح نتنياهو عن حلم إنشاء(إسرائيل الكبرى)؟ بالتأكيد أن الكل سيرد بأنه لم يأتِ بجديد ولكن من وجهة نظري فإن الجديد هو أنه أحرج عرب التطبيع والمهادنة في اختيار الوقت لحديثه الذي أعقب انعقاد مؤتمر نيويورك بفترة وجيزة وكان للدول العربية المشاركة فيه مقترحات لحل الدولتين ودعوة وأيضًا لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية وتحقيق عملية السلام.
أيضا تأكيد نتنياهو عزمه العمل على تحقيق المشروع التوراتي للوصول لما يسمى بإسرائيل الكبرى، التي تشمل مساحات واسعة من أراضي السعودية، ومصر، والأردن، وسوريا، ولبنان، والعراق، وكامل فلسطين نسف فكرة حل الدولتين وكشف ان هناك تواطؤ من قبل الحكام العرب ليس على القضية الفلسطينية فحسب وانما على بلدانهم وهذا من المواضيع التي نرى انها جديدة نوع ما .
الدرس
بعد هذا التحدي العلني السافر والمتكرر الذي يضرب بالمبادرات العربية حول مقترح حل الدولتين عرض الحائط، ويمارس جرائم القتل ونهب الأراضي العربية بشكل مستمر وبشكل أوسع خلال هذه الفترة في ظل حكم ترامب للولايات المتحدة الداعم الأكبر لنظرية (إسرائيل الكبرى) بالقوة وبالدبلوماسية معا .
بعد كل هذه التطورات الخطيرة والتهديد الإسرائيلي المباشر للعرب جمعيا .. هل يراجع قادة الأنظمة الصديقة لأمريكا والمتماهية مع كيان العدو موقفهم من القضية الفلسطينية؟ ألم يستشعروا الخطر على سيادة بلدانهم بعد أن بدأ الخطر اليوم أكثر وضوحًا؟ وهل سيكفون الحديث عن شيطنة المقاومة الفلسطينية وعن المطالبة بنزع سلاحها؟ وهل يستوعبون ان سلاح المقاومة والدول العربية المناهضة للهيمنة الأمريكية وكيان الاحتلال الصهيوني يُعد أحد عوامل تعزيز الأمن القومي العربي في ظل الخطر الصهيوني المحدق بالجميع؟ أم أن العبودية الطوعية لواشنطن وتل ابيب ستظل هي الغالبة على قادة الدول العربية المطبّعة والصامتة حتى تصبح في نهاية المطاف لقمة سائغة للاحتلال في يوم لا ينفع فيه الندم ولا تنفع فيه الإدانات حتى وإن كانت بأشد العبارات؟!