البحر الاحمر بين مشروع الهيمنة بالوكالة والردع اليمني
انس القاضي: تسلّط هذه الورقة التحليلية الضوء على التحولات العميقة في البحر الأحمر خلال الفترة سبتمبر–نوفمبر 2025،
حيث انتقلت القوى الغربية، وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة، من مرحلة إعداد البنية التحتية للسيطرة البحرية إلى مرحلة التنفيذ العملي عبر تعزيز الوجود البحري، وتفعيل الوحدات العميلة، ومحاولة فرض ترتيبات قانونية جديدة تحت غطاء “حماية الملاحة”.
ويكشف تحليل المسار العام أن مشروع الهيمنة الغربية اعتمد مقاربة مركّبة تجمع بين العسكرة المباشرة، وبناء الوكالة المحلية، واستخدام القانون الدولي، وتوظيف السرديات الإعلامية لصياغة بيئة تسمح بإعادة تشكيل السيطرة على الممرات الحيوية.
وفي المقابل، برز الردع البحري اليمني كعامل حاسم أعاق محاولة الغرب الانتقال إلى مرحلة التدويل القانوني الكامل، وأجبر واشنطن ولندن على العمل ضمن حدود عملياتية وسياسية ضيقة.
وقد ظهر أثر هذا الردع بوضوح في إسقاط مشروع العقوبات الغربي داخل مجلس الأمن، وهو المشروع الذي كان سيؤدي إلى فرض وصاية دولية على البحر الأحمر وتوسع غير مسبوق في التفتيش البحري والحظر الاقتصادي.
توضح الورقة أن تحركات نوفمبر مثّلت نقطة التحوّل الأهم، إذ شهدت تسريعاً لعمليات بناء “القوة البحرية العميلة”، وتكثيفاً للزيارات البريطانية–الأميركية لعدن والسواحل في مناطق سيطرة تحالف العدوان، وتفعيل شبكات المراقبة البحرية، ورسم خطوط لوجستية جديدة تهدف إلى تقليص دور موانئ الحديدة وتعزيز مركزية عدن ضمن المشروع الغربي.
وفي الوقت ذاته، تكشف مصفوفة التهديدات أن المشروع الغربي يتحرك عبر ثمانية مسارات متوازية: الهيمنة بالوكالة، عسكرة الجزر اليمنية، شبكات المراقبة، القوة البحرية العميلة، التدويل القانوني، إعادة تفعيل الجبهات، الحرب الإعلامية، وإعادة توجيه المسارات التجارية.
وتخلص الورقة في تقدير الموقف العام إلى أن الصراع في البحر الأحمر أصبح صراعاً بنيوياً طويل الأمد على السيادة، لا مجرد مواجهة ظرفية مرتبطة بالتطورات الإقليمية.
فمستقبل الممر يعتمد على توازن الردع، وعلى مدى قدرة الغرب على تحمل كلفة مشروعه، وعلى تأثير المتغيرات الدولية التي تكبح محاولات التدويل.
كما تُظهر “الفرضيات البديلة” أن مسار الصراع قد يتجه نحو أحد ثلاثة احتمالات:
تخفيف العسكرة، الانتقال إلى الوكالة شبه الكاملة، أو تهدئة بحرية تكتيكية مرتبطة بتقدم المسار السياسي الأممي والعُماني. ويقدّم هذا التقرير إطاراً متكاملاً لفهم المشهد البحري خلال 2025، ويحدد العناصر الرئيسية التي يجب مراقبتها في المرحلة المقبلة، مؤكداً أن الحفاظ على معادلة الردع هو العامل الأكثر أهمية في حماية السيادة اليمنية في البحر الأحمر وفي مواجهة مشروع الهيمنة الغربية المتجدّد.





