
إعلاميّات في محور المقاومة لـ(( 26 سبتمبر )) : شهيد الأمة والإنسانية السيد نصرالله .. بوصلة الحق والجهاد الصادق
عامٌ مضى على لحظاتٍ صاعقة هدمت أركان مداركنا، وفاجعةٍ عظمى ألمَّت بأفئدتنا المُتقدة بجمر الحزن، ورحيلٍ يضجُّ بالحضور الرّوحي والوجداني، وخبرٍ صدح في منبر الصّدمة:
"أنّ سماحة السيّد حسن نصر الله قضى نحبه شهيداً مُجاهداً" في الوقت الذي نحن بأمسِّ الحاجة لصوته، لإشارة بنانته، لإقدامه في نصرة المظلومين، في الوقت الذي نتعرض للسعات الصّهاينة السّامّة ولسياط الأمريكان الخبيث.
حِدادٌ ملأ أرجاء الكون، يتبعه غضبٌ وعنفوان حادّ، لا يهدأ، لا يبرد من حرارته.. كيف لا وهو الوتد الذي تستند عليه جبهات المحور الجهادي، وتدُ سماحة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) الذي تكالبت عليه ثمانين طُنّا من قنابلٍ حمقاء ظنّت أنها ستمحو ذكرى من عاش حياته مُجاهداً شامخاً حتى الرمق الأخير!
في محراب الصّبر على فقدان عظمائنا.. التقت صحيفة 26 سبتمبر بعددٍ من إعلاميّات المحور، تحدثن سيرة حياة الشّهيد الأقدس ، واستمرار تأثير سماحته في مسيرة المُقاومة بعد استشهاده.. ودور الإعلام المقاوم في استمراريّة النّهج الذي خلّده (رضوان الله عليه) .. إلى التفاصيل:
استطلاع: زينب إبراهيم الديلمي
البداية كانت مع عضو جمعيّة رسالات اللبنانيّة الدكتورة: نبال رعد، التي تحدثت قائلة: سماحة السيد حسن نصرالله الشهيد الأقدس والأسمى هو درة تاج العرب، وبالنسبة لي هو نعمةٌ إلهية وهبنا الله تعالى إياها وأكرمنا بأن نعيش زمنه المبارك، فنميز الحق من الباطل وننتصر للإنسانية، وننتصر للمظلومين، ونكون من أهل الولاية المتمسكين بالإسلام المحمديّ الأصيل، إنّه بوصلة الحقّ، وراية الجهاد في سبيل الله تعالى.
وصية لازمة
وأضافت رعد: يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز، "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لا تشعرون" صدق الله العلي العظيم، كما في حياته كذلك في شهادته، له كبير الأثر وشديد الحضور، سماحة السيد حسن الشهيد، صار نهجه وفكره أمانة في عنق كل من أحبّه وآمن به واتبعه، ولذلك فإننا نُعدُّ كلّ مفردة وكل توجيه وصية لازمة، وتوجيه لا نقاش فيه، وهذا ما يجعل سماحة السيد حسن الشهيد حاضرا في غيابه كما كان في حياته، المقاومة تستضىء بنور كلامه، وتشحذ همّتها على وقع خطاباته، وتسطّر الانجازات كرامة لعطاءاته.
وأكدت رعد أن ما يمكننا فعله في جبهة الإعلام، هو ترديد خطابات السيد الشهيد الأقدس، والعمل بتوجيهاته، والاعتزاز بصورته ومقاومته وحزبه، والانتصار له ولمبادئه، والأهم أن لا نحيد عن نصرة المظلومين، والصدح بكلمة الحقّ في وجه السلطان الجائر مهما عتا واستكبر وتجبّر، وألا تأخذنا في الله لومة لائم.
فكرٌ مُقدّس
الكاتبة والباحثة الإيرانيّة: مريم ميرزاده، تحدثت قائلة: رغم استشهاد السيد حسن نصرالله، وُلدَ في كلّ حرٍّ مقاوم حسن نصرالله. بمعنى أنّ فكر الشهيد الأقدس انتشر أكثر ، واتّسع مفهوم المقاومة وتضخّم بحجم الأمّة. وبذلك صار مستحيلًا على العدوّ أن يسيطر على هذه الكثرة.
لقد كان أثر استشهاد السيد عكسيًّا على العدوّ. السيد حاضر اليوم في كل بيت من هذه البيئة الشريفة. كل بيتٍ اليوم، ينبني على فكرة الصمود والمقاومة.
إنّا على العهد
أمّا الكاتبة والنّاشطة الإعلاميّة السوريّة: ثُريّا الحاج عبدو، فتحدثت قائلة: سماحة السّيّد الأقدس ليس مجرد قائد سياسي أو أمين عام لحزب، بل يمثّل رمزًا جامعًا ومعنويًا على مستويات عدّة، منها أنه :
- رمز المقاومة: الذي يُنظر إليه كقائد أثبت حضوره في مواجهة كيان الاحتلال وصار عنوانًا للصّمود والكرامة الوطنيّة، وناصر المستضعفين في كلّ بقاع الأرض.
- الأب العطوف: الذي يطمئن إلى خطابه شعبُ السّيّد ويستمدّ منه الثّقة على الدّوام لا سيّما في الأزمات.
- المرجعية الموثوقة: الذي تعتبر كلمته وعدًا صادقًا، فيُعامل كصاحب مصداقيّة لا يخون ثقـة أنصاره ولا يخلف وعده.
- القدوة الرّوحيّة والأخلاقيّة: الذي يراه جمهوره متواضعًا، قريبًا منهم، يعيش بينهم لا فوقهم.
وأكدت الحاج عبدو أنّ الصّهاينة ووكالاءهم ظنّوا باغتيال سيّد شهداء الأمّة أنّهم اغتالوا أمّته معه، لكن ومع شهادة السّيّد الأقدس صار أثره أكبر وأقوى وأعظم، فشعبُ السّيّد لا تضيع فيه تعاليم الإسلام المحمّدي الأصيل بل عزّزها رضوان الله عليه فيهم، لذا كان الشّعار وكان النّداء "إنّا على العهد" الذي ترجم عمليًّا بالتلبيّة أينما حلّ التّكليف.
وأضافت قائلة: السّيّد الأقدس حاضرُ في أكبر القضايا وفي أصغر تفاصيل حياتنا، ومن واجبنا استذكار مواقفه العظيمة ومناصرة شعوب الأمّة لا سيّما المستضعفين منها، ولم يترك سماحته مناسبة ولا قضيّة محقّة ولا حدث إلّا وترك في خطابه مساحة لها، ولذلك حتّى دون أنّ نفكّر، تلقائيا نرى أنفسنا نشارك كلمات المناسبة في ذكراها، والملفت في الأمر أنّ خطابات سماحته تتحدّث عن تفاصيل أحداث تجري في أيّامنا هذه كان قد تحدّث عنها قبل سنوات وفنّدها بطريقة تجعلك تشعر أن الكلام اليوم ولهذه المناسبة بالتّحديد.
قائد أممي
ختام استطلاعنا كان مع الإعلاميّة في إذاعة النّور اللبنانيّة: زينب السيد علي، التي استهلّت حديثها بالقول: هو سيدنا وحبيبنا كان أباً لنا، وهذا ليس بالكلام العابر أو كلام شعارات، السيد كان الوالد الذي يتابع كل تفاصيل أبنائه وهمومهم وتطلعاتهم وتحدياتهم، وهذا يُعدُّ بالمنطق أمرا استثنائيا، لأنه في الوقت عينه كان القائد الأممي، الرجل الذي يرعب العدو ويجبره على أن يقف على (رجل ونص) هو نفسه الذي ينزل إلى بيئته وناسه ويسأل عن أحوالهم ويتابعها بتفاصيلها.
وأضافت زينب : كنا في كل تحدٍ سياسي أو وطني أو إقليمي في لبنان والمنطقة ننتظر ماذا سيقول السيد؛ ليرسم لنا الطريق، السيد كان يخاطب كل العقول بلا حواجز، أذكر في سنوات ماضية كم مرة خرج السيد بيننا برغم الخطر المحيط به، ولكنّا كنا ندرك أنه هو من أراد أن يكون بجسده بيننا لأنه ببساطة يحبنا كما نحبه ويشتاق لنا، لبيئته وناسه، كما كنا نشتاق له.
وتطرّقت بالحديث قائلة: إذا عدتُ بالذاكرة لليلة عروجه، كنا لا زلنا حينها في الضاحية الجنوبية لبيروت مع من بقوا، ولم نكن حقيقة نعلم أن من استشهد في القصف هو السيد إذ لم يتأكد الخبر في تلك الليلة، ليلة ٢٧ أيلول، بعد ساعات قليلة من ضربة السيد بدأت التهديدات تصل إلى الضاحية من قبل العدو الصهيوني، وحفاظاً على سلامتنا كان لزاماً أن نخرج من الضاحية، لا يمكن أن أنسى مشهد الناس في الشوارع، ونحن نُخرَج من ديارنا كنتُ أبكي بحرقة ولا أدري لمَ أبكي، حقيقة كان الشعور ليلتها أن أهل الضاحية قد سُلِبَ منهم أثمن ما يملكون وأعزّ ما يملكون، لكن فعلاً ليلتها لم أكن أدرك ما هو هذا الذي فقدناه، في اليوم التالي ومع إعلان الخبر رسمياً عرفتُ سبب ذاك الشعور، كنّا فقدنا سقف بيتنا الكبير وعامود خيمتنا.
وواصلت حديثها: أقولها بكل شفافية، بعد يومين من فقدنا لسيدنا شعرنا أن كل فرد من هذه البيئة، بيئة المقاومة ، قد تحوّل إلى قائد، السيد رحل لكنه لم يرحل دون أن يطمئن على بيئته وناسه وأمّته، وهذا يقيننا بكل الشهداء، لا يرحل الشهداء دون أن يسلموا الراية، فكيف بشهيدنا الأقدس، اليوم فعلاً نشعر أن السيد حيّ بعد شهادته أكثر من السابق، ونرى اليوم بعد رحيل هذا القائد أن بعض الذين كانوا بالأمس القريب يشكون في خطه ونهجه، اليوم هم أكثر المدافعين عنه والمحبين له لأنهم لمسوا صدقه في نصرة المستضعفين، وهل أصدق من فعل الدم، اليوم السيد بات حجة على العالمين ونحن في لبنان وفي بيئة المقاومة تحديداً نرى تجلي ذلك فعلاً على الأرض وفي العالم بإسره، فكرة المقاومة التي سعى لتثبيتها السيد قد وصل شعاعها إلى كل حر في العالم، ويوم تشييعه كان خير دليل على ذلك.
جهاد التبيين
وعن دور الإعلام المُقاوم في مواصلة العهد، استطردت زينب السيّد علي قائلة: سماحة السيد الشهيد رضوان الله عليه دأب طيلة سنواته الأخيرة بيننا على التأكيد على قضية جهاد التبيين، وواحدة من أدوات جهاد التبيين هو الإعلام، وهنا ساحة عملنا، لذا كإعلام يؤمن بخيار المقاومة وفكر السيد باشرنا العمل بهذا الإرث، إرث ما تركه لنا، نعمل اليوم على استعادة توجيهاته في قضايانا، قضية فلسطين والتعامل مع العدوّين الأميركي والصهيوني، دور الشباب اليوم، عنوان البصيرة وغيرها الكثير من العناوين التي كانت محور خطابات السيد ومسار عمله بيننا، حقيقة السيد بنى وعياً متكاملاً في هذه القضايا وغيرها، وعن طريق الإعلام ومن على منابرنا نعيد اليوم تقديم هذه المادة للجمهور، أيضاً نعمل على مخاطبة المجتمعات البعيدة انطلاقاً من فكر السيد، إذ لا يخفى على أحد مدى تأثر الشعوب بهذه القامة وبدا ذلك جلياً بعد رحيله، وهنا دورنا وعملنا، في أن نخاطبهم من باب السيد، كثيرة هي الشعوب التي تحبه وجذبها بروحه وفكره وشخصيته، ولكن ومع ذلك لا تزال قاصرة عن فهم التحديات الحقيقية التي تعاني منها الأمة أو هي قاصرة عن فهم أدوات المواجهة، وهنا أيضاً دورنا في الجبهة الإعلامية، في أن نواصل النهج الحقيقي لهذا الرجل، النهج الذي هو خلاص المجتمعات والأمم من الاستعباد والوصول بهم إلى الخلاص والحرية.