كتابات | آراء

أبطال.. ولكنهم ليسوا عرباً ولا مسلمين!

أبطال.. ولكنهم ليسوا عرباً ولا مسلمين!

لا يخامرنا ادنى شك في ان انسحاب الغالبية الساحقة من الوفود بكافة جنسياتها من قاعة الأمم المتحدة (باستثناء ممثلي ثلاث دول عربية للأسف) مقاطعة لخطاب بنيامين نتنياهو، هو حدث مشرف يؤكد العزلة الساحقة، وليس الانتصار الساحق، الذي يتطلع اليه رئيس وزراء دولة الاحتلال، انه حدث تاريخي، وصفعة مزلزلة له وكيانه الإرهابي العنصري،

ولكن ما هو أهم منه في نظرنا ان ترسل اسبانيا وإيطاليا ثلاث فرقاطات بحرية عسكرية الى شرق المتوسط لحماية المئات من السفن وقوارب الحرية، والنساء والرجال الشجعان على ظهرها، من أي اعتداء إسرائيلي، على غرار ما حدث لسفن مرمرة التركية من اقتحام للقوات الخاصة، واستشهاد اكثر من 16 متطوعا تركيا كانوا على متنها، (لم تحمهم ولم تثأر لهم حكومتهم، للتذكير فقط)، خطوة، ومن قبل دولتين اوروبيتين، عضوين في حلف الناتو، والاتحاد الأوروبي، وليس الجامعة العربية، او منظمة المؤتمر الإسلامي، تؤكد الانتقال من مرحلة الإدانة والشجب، الى مرحلة الفعل العملي الميداني لوضع حد لهذه النزعة النازية الدموية الإسرائيلية، وانهاء الحصار، وحرب الإبادة، والتجويع، التي تستهدف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، علاوة على لبنان واليمن.
***
رئيس الوزراء الاسباني بدور سانشيز لم يكتف بإرسال سفينتين حربيتين الى شرق المتوسط فقط، وانما أعطى قائديها تعليمات واضحة بإطلاق النار على أي زوارق او سفن او طائرات حربية إسرائيلية يمكن ان تعترض هذه السفن المحملة بالطعام، والدواء، لكسر الحصار عن أهلنا في قطاع غزة، بينما يتواصل الجسر البري العربي الذي ينطلق من دولة الامارات مرورا من الأراضي السعودية والاردنية، محملا بالفواكه والخضار والأغذية الطازجة جدا لدولة الاحتلال، ولم يتوقف الا لبضعة أيام بقرار إسرائيلي أمني بعد عملية النشمي الأردني عبد المطلب القيسي على معبر الكرامة الأردني.
هذا الموقف الاسباني ليس موقفا استعراضيا او رمزيا، وانما انطلاقا من ايمان رسمي وشعبي، بالتصدي لحرب الإبادة والتجويع، وفي إطار استراتيجية بدأت بإلغاء ثلاث صفقات أسلحة إسرائيلية لإسبانيا، ومنع السفن المحملة بأسلحة وذخائر الى دولة الاحتلال من التوقف في الموانئ الاسبانية، وانطلاق معظم سفن كسر الحصار من برشلونة.
لا يمكن في هذه العجالة ان ننسى الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو الذي لم يكتف بقطع جميع علاقات بلاده الدبلوماسية مع دولة الاحتلال، وطرد السفير الإسرائيلي واغلاق سفارته في آيار (مايو) عام 2024 احتجاجا على حرب الإبادة في القطاع، بل ذهب الى ما هو أبعد من ذلك عندما طالب في كلمته التي القاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتشكيل جيش عالمي من مختلف شعوب العالم للقتال ضد العدوان الإسرائيلي الإبادي في قطاع غزة، ونزل من المنصة ليتوجه فورا للإنضمام الى المتظاهرين في الشارع المقابل الذي تحول الى غابة من الاعلام الفلسطينية، ويلقي خطابا يؤكد فيه استعداده للقتال حتى “الشهادة” ضد العدوان الإسرائيلي، ويطالب جميع الجنود الأمريكيين بعدم توجيه صواريخهم الى القطاع وأهله وعدم إطاعة رئيسهم ترامب المتواطئ في هذه الحرب، الأمر الذي دفع الأخير الى سحب تأشيرة دخوله الى الولايات المتحدة، ومنعه من دخول أراضيها.
دولة الاحتلال أصبحت مثل البعير الأجرب لا يريد أحد الاقتراب منها، بل والاستعداد لحمل السلاح ضدها لوقف مجازرها، وسياساتها التجويعية والتدميرية، ولعل مطالبة اسبانيا وسلوفينيا وايرلندا بطردها من مسابقة الاغنية الاوروبية “يوروفيجين”، والا لن تشارك في دورتها القادمة ابرز مثال، ومن المتوقع ان يتخذ اتحاد كرة القدم العالمي “الفيفا” قرارا مماثلا في اجتماعه الطارئ الأسبوع المقبل رغم ضغوط أمريكا ورئيسها.
***
قمة العار على معظم العرب والمسلمين، ان تتخذ دول أوروبية وقياداتها هذه المواقف المشرفة والإنسانية والأخلاقية، ولا نرى مثيلا لها من أي دولة عربية او إسلامية، حيث لم ترسل مجتمعة، او متفرقة، رغيف خبز واحد او علبة دواء، او زجاجة حليب لأطفال غزة على مدى عامين، ناهيك عن ارسال سفن محملة بالطعام والأدوية لكسر الحصار، والاستثناء الوحيد المشرف جاء من تونس، قيادة وشعبا، التي انطلقت منها سفن كسر الحصار المغاربية المحملة بالطعام والأدوية.
هذه السفن، سواء كانت مدنية او عسكرية، الكاسرة للحصار تجسد “توسع” وحدة الساحات، وتؤكد ان غزة ليست لوحدها، وحتى تكتمل الصورة، وتتأكد هذه الفرضية، نضم اليها هذه الصواريخ الفرط صوتية، والانشطارية الرؤوس المنطلقة من اليمن العظيم من على بعد 2200 كيلومتر، جنبا الى جنب مع المسيّرات الانغماسية (الانتحارية الملغمة) وتنهي اكذوبة الأمن والأمان واسطورة الحماية الدفاعية الجوية الصهيونية.
انها بداية النهاية للدولة العنصرية النازية الجرباء، ونجزم بأن خطاب نتنياهو يوم امس الأول في الأمم المتحدة سيكون الأخير.. والايام بيننا.

*رأي اليوم

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا