كتابات | آراء

عزلة شريح وتعدد الشرائح (2 من 2)

عزلة شريح وتعدد الشرائح (2 من 2)

يا أهالي عزلة شريح، تعددوا سياسيًا وفكريًا كيفما شئتم، لكن المطلوب أن تتوحدوا في شريحة قول الحق ولا شيء سواه.
الظليمي وزمرته قتلوا مواطنين أبرياء غير محاربين.
قتل الأبرياء بأي وسيلة جرائم بحق الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
هناك مواطنون أبرياء غير محاربين مخفيون قسرًا منذ عام 1978م إلى اليوم، لا أحد يعرف مصيرهم.

في عام 1517م (ألف وخمسمائة وسبعة عشر ميلادية) قامت قبائل مخلاف عمار، وعلى رأسهم أهالي عزلة شريح، بالتصدي لغزو المماليك، وجرت معركة شرسة في المنطقة الممتدة من جنوب قرية ذو الغرابين إلى شمال قرية شريح. وقد أسفرت المعركة عن مقتل 200 جندي من الغزاة بينهم قائدهم برسباي الغوري، واستشهد من مقاتلي مخلاف عمار 16 شهيدًا، ستة منهم من عزلة شريح.
مصدر بعض هذه المعلومات كتاب الباحث والمؤرخ عبدالله بن عامر المعنون اليمن مقبرة الغزاة. كما أن أهالي عزلة شريح لهم أدوار نضالية كبيرة ضد الاستعمار العثماني والبريطاني، وليس الوقت مناسبًا لسردها في هذا المقال، فأكتفي بالإشارة إلى بعض صناديد عزلة شريح، أي الرجال الأبطال من أواخر ستينيات القرن الماضي إلى عام 1990م، وهو عام إعلان الوحدة اليمنية.
في أواخر ستينيات القرن الماضي سمعت وشاهدت بصمات عمل وقول من شباب ورجال عزلة شريح أمثال: عبداللطيف الهمزة، وأحمد عبده الصعدي، وحسين الهمزة، وصالح أحمد الورد، ومحمد أحمد الورد، وناجي ناشر، وناجي علي الصعدي وغيرهم. كما عرفت في النصف الأول من عقد السبعينيات من القرن الماضي شبابًا أفذاذًا أمثال: الملازم صالح محمد الهمزة، وزيد صالح الرياشي، وعبده مانع الصعدي وغيرهم. كما سمعت عن ناجي علي الظليمي أواخر عام 1977م، وهو أحد خريجي الدفعة الثالثة من الكلية العسكرية صلاح الدين بمحافظة عدن.
في أحد الأيام من أواخر عام 1977م، لقيت قائدي صالح محمد الهمزة، وكان بيننا حينذاك زيد الرياشي وعبده مانع الصعدي ومسعد حسن وعبده الجبني، فقلت له: أريد أن أتعرف على ناجي الظليمي. استغربوا طلبي البريء، وكل واحد منهم نظر إلى الآخر، ثم قال الرفيق صالح الهمزة بصوت خفيض: "ناجي الظليمي قد طحس من فوق سبلة الحمار". قلت له: كيف؟ لم أفهم. قال: انشق عن رفاقنا وانضم إلى سلطة الغشمي ومعه مجموعة كانوا من رفاقنا. قلت لنفسي: المنشق عن رفاقه أخطر من العدو الذي نواجهه في ميدان القتال.
في أواخر عام 1977م، وفي بداية عهد أحمد الغشمي، ارتكب ناجي الظليمي وزمرته جريمة غدر المناضلين محمد أحمد الورد وناجي علي الصعدي، وبعد ذلك ارتكبوا أكثر من عملية اغتيال لرفاقهم السابقين أمثال مسعد سيدم وعلي حسين مهدي وآخرين. والشهداء المذكورون هم من المناضلين أي المحاربين، والمنشقون المرتزقة قتلوهم غدرًا. ثم إن المرتزقة أوغلوا بجرائمهم وقتلوا عددًا من المواطنين الأبرياء غير المحاربين الذين ذكرتهم في أربعة مقالات سابقة في صحيفتي "26 سبتمبر" و"اليمن" خلال الشهر الجاري 2025م. ثم أوغلوا أكثر وأخفوا قسرًا عددًا من المواطنين الأبرياء غير المحاربين، ومنذ تاريخ إخفائهم عام 1978م إلى اليوم لا يعرف مصيرهم أحد.
إن المنشقين المرتزقة أوغلوا في البشاعة أكثر فأكثر، وارتكبوا جريمة محرقة شريح، وأحرقوا بشرًا أحياء وهم: قبول الورد وابنتها صالحة وكانت حاملًا في شهرها التاسع، وابنها عبده الطلول وكان عمره حينذاك عشر سنوات. أحرقوهم أمام حشد كبير من الناس الذين لم يحركوا ساكنًا. تفاصيل ذلك ذكرتها في أكثر من مقال سابق. ومن تلك الاعتبارات المذكورة فإن حالات قتل الأبرياء بأي وسيلة جرائم بحق الإنسانية لا تسقط بالتقادم، والإخفاء القسري للأبرياء أيضًا يعتبر جريمة بحق الإنسانية لا تسقط بالتقادم. ولهذه الاعتبارات أيضًا فإننا نحن أعضاء جمعية أنصار حقوق الإنسان نؤيد ونناصر بني الورد كونهم يطالبون بإنصافهم من مظلومية كبرى لا تسقط بالتقادم حسب القانون الدولي الإنساني. وأود هنا التذكير أن الأخ الأستاذ علي الديلمي قد صرح في وقت سابق لقناة الهوية الفضائية، حيث قال: "للإخوة بني الورد الحق في تصعيد قضية الشهيدة قبول الورد دوليًا".
هكذا قال الأستاذ علي الديلمي وزير حقوق الإنسان الأسبق، لكن بني الورد: المناضل اللواء صالح أحمد الورد، والأستاذ أكرم حزام الورد، والمدفعي العميد ياسين ضيف الله الورد، والشيخ يحيى الورد، والدكتور علي الورد، وجميع الوجاهات والأعيان من بني الورد في محافظات صنعاء والمحويت والضالع وصعدة ولحج وشبوة وحضرموت، جميعهم فضلوا أن تكون عملية الإنصاف لهذه المظلومية الكبرى داخل اليمن وعبر أجهزة القضاء اليمني. ولسان حال بني الورد يقول: إن العدالة وسيادة القانون من المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تضمنها القيادات السياسية والقضائية وتحرص على احترامها والالتزام بها، وثقتهم كبيرة بالقيادات السياسية والقضائية في إنصافهم.
في ختام هذا المقال أود التذكير بثلاث نقاط وهي على النحو التالي:
1. المطلوب من ناجي الظليمي أن يطهر نفسه وأن يذعن للمحاكمة، فخيار محاكمته هو أفضل الخيارات.
2. إن قضية الشهيدة قبول الورد أضحت قضية رأي عام. نعم بالله، إن قضية الشهيدة قبول ليست قضية سياسية ولا قضية قبلية، إنها قضية إنسانية أكثر من أي شيء آخر.
3. أقول لإخواني وأبنائي أهالي عزلة شريح: لقد تشظيتم إلى عدة شرائح منذ عام 1978م إلى اليوم، والسبب الرئيسي هو المدعو ناجي علي الظليمي. لقد دفعكم لتكونوا على غرار لاعبي المصارعة الرومانية القديمة التي لا تنتهي إلا بمقتل أحد المتصارعين، وبعضكم "مطهقين" لم يستوعب صراع الأضداد المتعددة. طبعًا لا أقصد تعددكم السياسي والفكري، تعددوا سياسيًا وفكريًا كيفما شئتم، لكن أرجو منكم غاية الرجاء أن تتوحدوا في بوتقة شريحة قول الحق ولا شيء سواه.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا